سليت: صحافية أمريكية قُتلت في الضفة الغربية.. لماذا لم تتحرك واشنطن؟
تساءلت ماري هاريس في موقع “سليت” عن سبب عدم تحرك الولايات المتحدة للرد على “مقتل صحافية أمريكية في الضفة الغربية”.
وقالت فيه إن داليا حتوقة، كانت تشاهد وهي طفلة صغيرة الصحافية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة على التلفزيون، في تقارير لها على قناة الجزيرة. وتقول “كانت متعاطفة ولكنها جادة” وهي تتحدث أمام الكاميرا حيث كانت شخصية مهمة لحتوقة التي نشأت في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة.
وأضافت حتوقة “أعتقد أن كل عربي في الشرق الأوسط نشأ وهو يتابعها ولعقود” و”بالنسبة لمعظم العرب لم تكن فلسطين متاحة لهم ولهذا أدخلت فلسطين إلى كل بيت” عربي.
وفي الشهر الماضي استشهدت أبو عاقلة وهي تقوم بمهمة صحافية في مخيم فلسطيني، وفي الأيام والأسابيع التي أعقبت استشهادها، قامت ثلاث فرق صحافية بالتحقيق بالطريقة التي قتلت فيها، فقد استخدم موقع المصدر المفتوح للتحقيق الاستقصائي بيلينغكات، الصور وأشرطة الفيديو وبيانات من شهود عيان وقال إن الأدلة تقترح أنها “استهدفت ولم تقتل نتيجة رشقات رصاص طائشة صوبت على هدف أو شخص آخر”. ونشرت شبكة سي أن أن تحقيقها الذي اعتمدت فيه على لقطات الفيديو والصور والخبراء العسكريين مستنتجة أن أبو عاقلة قتلت في “هجوم مستهدف من الجيش الإسرائيلي”، وقبل فترة قالت وكالة أنباء أسوسيتدبرس نفس الكلام (وكذا صحيفة واشنطن بوست قبل يومين).
وقال الجيش الإسرائيلي قبل فترة إن هناك إمكانية لمقتل أبو عاقلة برصاصة جندي إسرائيلي ولكن “لم يطلق أي جندي النار عمدا على الصحافية”. وفي حلقة “ماذا بعد؟” على بودكاست، تحدثت الصحافية هاريس مع حتوقة المتخصصة الآن في صحافة الوسائط المتعددة وتركز في عملها على الشؤون الإسرائيلية- الفلسطينية. وقالت إن أبو عاقلة كانت تغطي مداهمة لمخيم جنين، وكانت ترتدي سترة الصحافة والخوذة، ثم أصابتها الرصاصة في الجزء الخلفي من رأسها و “لم تكن لديها فرصة للنجاة أو الوقت للبحث عن غطاء لتجنبها”.
وعندما سألت هاريس عن الضربة القاتلة التي جاءت في المنطقة غير المغطاة بين الخوذة والسترة، أجابت حتوقة “من وجهة نظري كصحافية، والطريقة التي أنظر إليها هي أن قناصا مجربا لديه القدرة قادر على إطلاق رصاصة كهذه. وعندما حدث هذا قالت السلطات الإسرائيلية إن مقاتلين فلسطينيين هم المسؤولون عن وفاتها، ووزعوا لقطات فيديو لرجال فلسطينيين وهم يطلقون النار في زقاق”. وتعلق على سؤال عن قربهم من أبو عاقلة قائلة إنهم لم يكونوا قريبين منها وإن منظمة حقوق إنسان إسرائيلية (بتسيلم) أثبتت أن اللقطات قديمة وأنها بعيدة 300 متر عن مكان الصحافيين وبدون مجال رؤية لهم “إلا إذا كان الرصاص الفلسطيني قادرا على التحرك في الزوايا وتسلق الدرج”.
المال الذي تضخه واشنطن لإسرائيل مذهل.. فلماذا لا تحصل مواطنة أمريكية على العدالة التي تستحقها ومحاسبة الشخص المسؤول عن قتلها؟
وبعد تقرير بتسليم غيَر الإسرائيليون روايتهم وباتوا يقولون إنهم لا يستطيعون التحقيق إلا في حالة تسليم الفلسطينيين الرصاصة التي انتزعوها من رأسها. وأشارت الصحافية هاريس إلى أهمية التأكيد على أن الجيش لم يكن الطرف الوحيد الذي قال إنها قتلت برصاص فلسطينيين، بل ورئيس الوزراء الإسرائيلي قال إن مسلحين فلسطينيين قتلوها. وترى حتوقة أن هذا الكلام ليس جديدا على من غطى الأحداث في الأراضي الفلسطينية، وفي هذه الحالة المتعلقة بفلسطينية أمريكية، حيث تزيد من الضغط على الإسرائيليين الذين قاموا بلوم الفلسطينيين ثم تغيير القصة.
ووصفت حتوقة ما حدث في جنازتها وأهمية حمل النعش والفزع الذي أصاب الإسرائيليين لرؤية العلم الفلسطيني، حيث نزعوا واحدا عنه. وقالت إن هذا المشهد في القدس القديمة لم يكن صادما للفلسطينيين فقط بل والعالم و “لم أشاهد أبدا اعتداء على حملة نعش في جنازة أحد، وأظهر للناس أنهم حاولوا منعها في حياتها وإهانتها في موتها أيضا”. وقالت هاريس إن من المهم المقارنة هنا بين رد فعل الحكومة الأمريكية على مقتل الصحافي دانيال بيرل في باكستان قبل 20 عاما ومقتل أبو عاقلة، ففي الحالة الأولى أرسلت فريق تحقيق من مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي)، فهل هناك إمكانية كهذه في حالة أبو عاقلة؟ وتجيب حتوقة “نعم، لماذا لا يكون؟ ويتدرب الأمريكيون بشكل منتظم في إسرائيل والمال الذي يضخ إليها من أمريكا مذهل. فلماذا لا تحصل مواطنة أمريكية على العدالة التي تستحقها ومحاسبة الشخص المسؤول عن قتلها؟ وأعتقد أن الجميع يستحقون العدالة والمحاسبة مهما كانت جنسيتهم”.
وعن وعود وزير الخارجية أنطوني بلينكن بتحقيق مستقل في مقتلها، قالت حتوقة “أتحدث كثيرا مع عائلة أبو عاقلة وأعرف أن بلينكن اتصل بهم ووعدهم بعمل ما يستطيع للتأكد من حدوث تحقيق. وبصراحة، لم يحدث شيء ومضى شهر، والأمر ليس صعبا، فهناك لقطات وشهود عيان وكل شيء. وهذا ليس لغزا، بل وبعد مقتل شيرين قال الأمريكيون إن العلاقات مع إسرائيل محصنة”. وقالت إن زخم تغطية الإعلام الغربي لمقتل أبو عاقلة قد خف، وإنه لا يهتم بحياة الفلسطينيين إلا بقدر علاقتهم بحياة الإسرائيليين والفلسطينيين. وقالت حتوقة إنها تريد من الناس تذكر شيرين أبو عاقلة كشخصية مرحة كانت تحب التسوق وحضور الحفلات وتحب الحلويات. ومن “النادر ما شاهدتها حزينة، مع أنها فقدت والدتها ووالدها في سن مبكر، وغطت الكثير من المآسي ولم تغادر الابتسامة وجهها. وتغطية فلسطين مثيرة للكآبة، ولكنها كانت روحا حرة، ولم تحطمها تغطية انتهاكات حقوق الإنسان الإسرائيلية أو توقفها عن التمتع بالحياة، وحبها وأتمنى لو بقيت حية لكي تواصل التمتع بالحياة وحبها”.