نشرت صحيفة الغارديان مقال رأي لكنان مالك بعنوان: “سلمان رشدي تحدى من حاول إسكاته واليوم يخشى كثيرون من التسبب بالإساءة”.
ويبدأ الكاتب مقاله بالاستشهاد بمقطع من رواية رشدي تشير الى أن عمل “الشاعر”، وهو أحد الشخصيات في رواية “آيات شيطانية”، هو “تسمية ما لا يمكن تسميته والإشارة إلى عمليات الاحتيال والانحياز الى طرف وطرح الجدل والتأثير على شكل العالم ومنعه من النوم”. ويضيف الراوي: “وإذا سالت أنهار الدماء من الجروح التي أحدثتها أبياته، فإنها ستغذيه”.
ويقول إنه يبدو أن هناك “شيئاً فظيعاً” حول الرواية وهو الغضب الذي “تسبب بأنهار من الدماء. بما في ذلك الآن دماء رشدي”.
ويشير الكاتب الى ان الأمر الصادم بشكل خاص بشأن الهجوم هو ليس وحشيته فحسب، بل أيضاً حقيقة أن رشدي “كان قد انتصر على حقد الفتوى” في الفترة السابقة.
ويضيف ان فتوى المرشد الأعلى لإيران، روح الله الخميني، في عام 1989، أجبرت رشدي على الاختباء لما يقرب من عقد من الزمان. وفي حين لم يتم إبطالها، إلا أنه بدا وكأن التهديد الذي شكلته قد تراجع. وعلى مدى العقدين الماضيين، عاش رشدي حياة طبيعية نسبياً. ثم جاء هجوم الجمعة.
ويقول الكاتب إن مسألة رشدي كانت نقطة تحول في الحياة السياسية والثقافية في بريطانيا، حيث فتحت النقاش حول قضايا مثل الإسلام الراديكالي والإرهاب وحدود حرية التعبير وحدود التسامح. وكانت أيضاً “نقطة تحول في طريقة تفكير الكثير من الأشخاص حول هذه القضايا”. ويضيف الكاتب أنه نشأ في أعقاب ذلك “عداء أكبر للمسلمين، وشعور أقوى والرفض الأخلاقي لإهانة الثقافات أو الأديان الأخرى في مجتمع تعددي”.
ويشير الى ان ما كان مهماً في الأمر “لم يكن ما كتبه رشدي بقدر ما كانت الرواية ترمز إليه”. ويضيف ان الثمانينيات كانت عقداً “شهد بدايات انهيار الحدود السياسية والأخلاقية التقليدية، وهو تفكك لا نزال نتعامل معه”.
ويعتبر انه قبل ذلك الوقت كان للإسلام الأصولي وجود ضئيل داخل المجتمعات المسلمة الغربية. أما بعده فاكتسب وجوداً كبيراً.
ويضيف الكاتب: “ربما كانت الحملة ضد رشدي هي أول موجة غضب كبيرة ضد تشويه رموز الهوية في وقت اكتسبت فيه هذه الرموز أهمية جديدة”. وتابع: “نادراً ما كان البريطانيون من أصول مسلمة الذين نشأوا في السبعينيات وأوائل الثمانينيات ينظرون إلى الإسلام على أنه هويتهم الأساسية. أدت أزمة رشدي إلى حدوث تحول في وعي الذات وبدايات هوية إسلامية مميزة”.
ويؤكد أنه كان للمعركة حول رواية رشدي تأثير عميق على الليبراليين أيضاً، حيث كان الكثير منهم “مرتبكين بنفس القدر بسبب تفكك الحقائق القديمة”. ويضيف أن البعض رأى في قضية رشدي “صراع الحضارات” وبدأوا في التعاطي مع المسألة من منظور الهوية وشككوا في وجود المسلمين على أنه “يتعارض مع قيم الغرب، وهو شعور نما فقط على مدى العقود الثلاثة الماضية” بحسب الكاتب.
ويضيف انه بالنسبة لآخرين، أدت قضية رشدي إلى مزيد من الرقابة على الكلام.
ويعارض الكاتب هذه الفكرة ويقول إنه وفي مجتمع تعددي، “تصبح حرية التعبير ذات أهمية خاصة”. إذ في مثل هذه المجتمعات، “من الحتمي، وفي بعض الأحيان، من المهم أن يسيء الناس إلى مشاعر الآخرين”. وهو أمر لا مفر منه بالنسبة للكاتب، “لأنه حيثما توجد معتقدات مختلفة بعمق، لا مفر من المصادمات”. ويعتبر انه من الافضل ان يتم حلها بشكل علني على أن “يتم قمعها باسم الاحترام”.
وأنهى الكاتب مقاله قائلاً ان ما يمكننا الإصرار عليه هو الاستمرار في “قول ما لا يمكن قوله”، بهدف “التشكيك في الحدود التي يفرضها كل من العنصريين والمتطرفين الدينيين”. وتابع: “أي شيء أقل من ذلك سيكون بمثابة خيانة”.