رأي

سلعاتا: أخرجته “خطّة الكهرباء”.. وأعاده فيّاض

كتبت كريستال خوري في “اساس ميديا”:

إنّها فعلاً لمسخرة!

ثمّة من يتسلّى بعقول الناس وبأعصابهم وبمصائرهم. نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي يُفصح عمّا لا يجرؤ غيره من المسؤولين على قوله: “الدولة مفلسة. البلد في حالة انهيار شامل”. يقفز برشاقة في “جهنّم” أزماته بين البنزين والقمح والخبز والدواء، فيما العتمة تحاصر البيوت وفواتير مولّدات الكهرباء التجارية تنهش ما تبقّى في جيوب الناس.

أمّا وزير الطاقة وليد فياض “فمرتاح” على وضعه: يأتيك بخطّة للكهرباء طويلة الأمد، فيمنحه مجلس الوزراء موافقة مبدئية ريثما يُدرج تعديلات يريدها المجتمع الدولي قبل السلطة اللبنانية، ثمّ يعود مجلس الوزراء ليتبنّى الخطة بعد تعديلها ضمن شروط تعجيزية يعرف الجميع أنّها ستبقى حبراً على ورق ما دامت الخزينة مفلسة لا تستطيع حتى شراء الفيول، ولن تجد من يمدّها بالعون إذا لم يُصَر إلى إنشاء هيئة ناظمة تتولّى إدارة القطاع، وهو شرط يرفضه الفريق العوني جملةً وتفصيلاً، وما دام صاعق معمل سلعاتا قادراً على تفجير الخطّة برمّتها… وإذ به يعود إلى مجلس الوزراء مطالباً بأن يوكل إليه التفاوض مع الشركات الكبرى لبناء معامل إنتاج الطاقة، متناسياً أنّ هذه الحكومة ستغادر خلال شهر من الزمن لتصير حكومة تصريف أعمال شبه مشلولة!

تبيِّن المعلومات أنّ وزير الطاقة دخل إلى اجتماع مجلس الوزراء طالباً أن يوكل إليه التفاوض مع كبار المصنّعين، فكان ردّ رئيس الحكومة أنّ ثمّة قراراً اتّخذته الحكومة السابقة بتفويض وزير الطاقة ريمون غجر

وفق القرار الصادر عن مجلس الوزراء، والذي اطّلع عليه “أساس”، يتبيّن أنّ وزارة الطاقة والمياه تفيد أنّه سبق لمجلس الوزراء أن وافق بموجب قرار رقم 8 تاريخ 16/3/2022 على الخطة الوطنية للنهوض المستدام بقطاع الكهرباء بعد إدخال بعض التعديلات عليها، وكلّف الوزارة إعداد دفتر الشروط الخاص لإطلاق مناقصة عالمية لإنشاء معامل لإنتاج وتوزيع الطاقة بمهلة أقصاها شهران من تاريخه، غير أنّ هذه المهلة غير كافية للتعاقد مع استشاري عالمي وإعداد دفاتر الشروط اللازمة لإطلاق مناقصة عالمية لإنشاء معامل إنتاج وتوزيع الطاقة.

وبسبب تردّي الأوضاع الاقتصادية وضرورة إنشاء معامل كهرباء جديدة، كان أحد الخيارات المتاحة من أجل بناء معمل هو إجراء مفاوضات مباشرة والاتّفاق مع كبار المصنّعين العالميين لوحدات الكهرباء. وقد ورد كتاب من تحالف شركتَيْ “سيمنز” الألمانية وCMEC الصينية يبدي بموجبه رغبة واهتماماً بإنشاء معمل كهرباء بقدرة 1500- 2000 ميغاوات في مواقع دير عمار، سلعاتا، والزهراني، إضافة إلى ما يلزم من خطوط نقل ومحطات تحويل فرعية وفق صيغة التصميم والتوريد والإنشاء والتمويل والتشغيل والصيانة، ووفق شروط محدّدة منها الحصول على ضمانات سيادية من الدولة اللبنانية من دون اشتراط الحاجة إلى ضمانات دولية أو إلى إتمام اتفاق مع صندوق النقد الدولي أو إصلاحات في القطاع.

على الرغم من أنّه سبق لمجلس الوزراء أن وافق بموجب قراره رقم 2 تاريخ 14/5/2020 على طلب وزارة الطاقة والمياه التفاوض على التفاهمات مع الشركات المهتمّة استناداً إلى مذكّرة التفاهم المعدّة من قبل الوزارة آنذاك بعد إدخال بعض التعديلات عليها، إلا أنّ هذا المسار المعتمد لم يؤدِّ في حينه إلى النتائج المرجوّة بسبب عدم القدرة على توفير التمويل اللازم في ظلّ الظروف الاستثنائية التي تمرّ بها البلاد نتيجة فرض المصارف التجارية ومؤسسات التمويل الدولية ووكالات ائتمان التصدير شروطاً إضافية على الدولة اللبنانية، منها أن تكون لديها خطط واضحة لجهة التوجّهات والإجراءات الاقتصادية، وإجراء الإصلاحات المنتظرة في قطاع الكهرباء (مجلس إدارة لمؤسسة كهرباء لبنان، زيادة التعرفة الكهربائية للمشتركين، تعيين الهيئة الناظمة)، وإعادة هيكلة الدين السيادي، إضافة إلى خطوات وإصلاحات جدّيّة متوافق عليها مع صندوق النقد الدولي وإتمام الاتفاق معه.

وقد قرّر مجلس الوزراء:

  • “الموافقة على تفويض وزارة الطاقة والمياه الشروع بإجراء مباحثات مع كبار المصنّعين العالميين لوحدات إنتاج الكهرباء لدراسة إمكانية ورغبة هذه الشركات (بمفردها أو عبر إنشاء تحالف شركات)، القيام بتأمين التمويل اللازم، وإنشاء معملين في الزهراني ودير عمار وفق صيغة التصميم والتوريد والإنشاء والتمويل والتشغيل والصيانة، وإنشاء خطوط النقل ومحطات التوزيع الفرعية اللازمة.

ما حصل في الجلسة الأخيرة هو محاولة جديدة من الفريق العوني لإعادة معمل سلعاتا من خرم التفاوض المباشر بعدما خرج مؤقّتاً من باب خطة الكهرباء

  • الموافقة على مشروع مذكّرة تفاهم والحصول على التفويض اللازم لكي يُصار بعد ذلك إلى عرضها على الشركات المهتمّة، والعمل على توقيعها وفق الأصول من قبل الطرفين بغية الانتقال من بعدها إلى مرحلة مفاوضات تنافسية مباشرة مع هذه الشركات عبر تشكيل فريق تفاوضي محترف من خبراء في المجال التقني والقانوني والبيئي والاجتماعي والاقتصادي، وباعتماد آليّة عمل تؤمّن أعلى درجات الشفافية والمصداقية ووفق ما يقرّره مجلس الوزراء والقوانين والأنظمة المرعيّة الإجراء.
  • الموافقة على الاستعانة باستشاريّين عالميين و/أو محليّين في المجال التقني والقانوني والبيئي والاجتماعي والماليّ والاقتصادي وتأمين التمويل اللازم لذلك.
  • الطلب إلى وزير الطاقة والمياه الإسراع في اقتراح أسماء وأعضاء هيئة تنظيم قطاع الكهرباء ليُصار إلى تشكيل الهيئة”.

في الشكل، لا بدّ من تسجيل ملاحظات جوهرية يوردها أحد المعنيّين بالملفّ:

  • القرار بحدّ ذاته مخالَفة للدستور، إذ هو حلول غير مشروع محلّ إدارة ومؤسّسات الدولة لأنّ المطلوب عقد اتفاق بالتراضي من دون سند قانوني، ويسأل عن النصّ الذي استند إليه مجلس الوزراء في تفويض وزير الطاقة إجراء اتفاق بالتراضي: أين إدارة المناقصات؟ خصوصاً بعد إقرار قانون الشراء العامّ الذي يشدّد المجتمع الدولي على دوره؟
  • هل نحن بحاجة إلى بناء معامل أم إلى تشغيل المعامل القائمة؟
  • يريدون الطاقة الكهربائية أو الإنفاق على بناء معامل الطاقة الكهربائية؟
  • ألا يزال الموقع المخصّص لمعمل دير عمار موضع نزاع قانوني مع المتعهّد الذي فاز سابقاً في المناقصة لبناء المعمل؟

مشاكل تقنية أساسية

في هذا السياق، غرّد المدير العامّ للاستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون قائلاً: “هل تعلم الحكومة أنّ أرض دير عمار هي في عهدة المتعهّد الذي رسا عليه التلزيم عام 2013 وأقام دعوى تحكيم، وأنّ هذا الأخير عرض على الحكومة عام 2018 بناء المعمل بطريقة BOT، وتمّ تكليف سيزار أبي خليل التفاوض معه، لكنّه خرج ولم يعد. والدعوى ما زالت قائمة؟! ولمّا كانت السيدة (ندى) بستاني قد أنكرت معرفتها بمصير التفاوض حول دير عمار لأنّها تركت الوزارة مع أنّ روحها ما زالت تعبث هناك، فإنّ على الحكومة “استنطاق” القيصر (سيزار أبي خليل) حول مصير مفاوضاته والمشروع، وسؤال الوزير (وليد) فياض عن الوضعية الحالية للدعوى، ثمّ بحث إمكانية إجراء تلزيم جديد على أرض غير حرّة!”.

تبيِّن المعلومات أنّ وزير الطاقة دخل إلى اجتماع مجلس الوزراء طالباً أن يوكل إليه التفاوض مع كبار المصنّعين، فكان ردّ رئيس الحكومة أنّ ثمّة قراراً اتّخذته الحكومة السابقة بتفويض وزير الطاقة ريمون غجر في هذه المهمّة. لكنّ الوزير الحالي أصرّ على تجديد التفويض، فتبيّن أنّ معمل سلعاتا (كما يرد في سرد وزارة الطاقة) ضمن المعامل الموضوعة على طاولة التفاوض، فكان الردّ من جانب وزير الثقافة محمد مرتضى أنّ المخطّط التوجيهي، الذي وافقت الحكومة على أساسه على الخطّة، يترك معمل سلعاتا للمرحلة الأخيرة، إلى ما بعد سنتين، ولهذا لا داعي للتفاوض مع المصنّعين بشأنه في هذه المرحلة.

تدخّل رئيس الحكومة لضمّ عرضين غير رسميّين وُضِعا أمامه، أحدهما أتى قرار مجلس الوزراء على ذكره، وهو عرض من تحالف سيمنز- CMEC يقوم، وفق المعلومات، على أساس “صفر تمويل”، بحيث يتمّ إنشاء المعمل خلال 18 شهراً ويباع الميغاوات بـ8 سنت للمستهلك. ولذا طلب من وزير الطاقة توسيع بيكار التفاوض، ذلك لأنّ تقرير وزارة الطاقة ذكر فقط كلّاً من GE , SIEMENS, ANSALDO,MITSUBISHI.

في الخلاصة، يمكن القول إنّ ما حصل في الجلسة الأخيرة هو محاولة جديدة من الفريق العوني لإعادة معمل سلعاتا من خرم التفاوض المباشر بعدما خرج مؤقّتاً من باب خطة الكهرباء.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى