سفيران إماراتي وبحريني جمعتهما القاهرة

كتب حسن مدن, في “الخليج” :
كانا أول سفيرين لبلديهما، الإمارات والبحرين، في مصر، وأول ممثلين لهما في جامعة الدول العربية، بدءاً من عام 1971. إنهما الراحل الأستاذ تريم عمران، رحمه الله، والأستاذ تقي البحارنة، أطال الله في عمره، حيث رفد التواصل بينهما، حسب تعبير الثاني «الفكر والسياسة والأدب، ولطف المزاج والحسّ الوطني والقومي».
قال البحارنة هذا في كتابه «مذكرات سفير»، وهو يتحدث عن السفراء الذين جمعته معهم صداقة ومودة فترة عمله سفيراً للبحرين في القاهرة (1971 – 1974)، وخصّ من بينهم تريم عمران بالذات، حيث لم يجمع بينهما العمل الدبلوماسي، والتقاء الرأي والتوجه فقط، وإنما صداقة عميقة.
بدأت معرفة السفيرين ببعضهما في جلسة اللجنة السياسية للجامعة، لمناقشة موضوع احتلال شاه إيران للجزر الإماراتية الثلاث: أبوموسى، طنب الكبرى، طنب الصغرى، حيث كان السفير تريم عمران الجليس الثاني للسفير تقي البحارنة، بعد ممثل الأردن، على طاولة عمل الجامعة، وفيما تجمعهما الدهشة من تراكم الأوراق والمجلدات، تسري فيما بينهما التعليقات، في جلسات الجامعة ولجانها المختلفة.
ومما يذكره البحارنة في كتابه، أن المرحوم تريم هاتفه في أحد الأيام قائلاً له، إنه سجل اسميهما في جمعية هدفها إحياء التراث الفني والموسيقي والغنائي، رغبة في استراحة من أجواء العمل الدبلوماسي وعالم السياسة، ودأبا، من يومها، على حضور أمسيات تلك الجمعية التي اتخذت مجالاً لنشاطها دار الثقافة والتراث في منطقة المنْيَل بالقاهرة.
وأثارت تجارب المشاركين في أنشطة الجمعية، إعجاب السفيرين الصديقين، اللذين ما أكثر ما جمعت بينهما جلسات ومشاوير، في دنيا القاهرة الساحرة التي «تجتمع فيها الأضداد»، من ليالي الأدب والشعر والثقافة والفن في الأندية ومجالس الأدباء، وليالي العابدين والذاكرين لله كثيراً والذاكرات، في حي السيدة زينب وحي الحسين، وغيرهما من أماكن.
انتهت مهمة السفير البحريني، وعاد إلى وطنه عام 1974، ومن القاهرة أرسل له صديقه تريم عمران، عام 1975، رسالة قال له فيها: «لا تخلو أية جلسة مع الإخوان من السفراء وغيرهم ممن عرفوك، أو سمعوا عنك إلا وتكون أنت محور الحديث.. وهي بلا شك ذكرى عطرة وطيبة».
حين علم تقي البحارنة بوفاة صديقه تريم عمران عام 2002، شعر بالحزن، ونعاه بالقول: «أسفت أشد الأسف، فلقد كان من رواد الصحافة الحرة في الإمارات، وكان تقدمياً في فكره، متمسّكاً بعروبته وقوميته ومخلصاً في حب بلاده».