سفارة اوكرانيا في لبنان لمناسبة مرور عام على بدء الحرب
وزعت سفارة اوكرانيا في لبنان، اليوم بيانا لمناسبة مرور عام على بدء الحرب الاوكرانية الروسية، وجاء فيه:
“لا يزال العدوان الروسي الشامل على أوكرانيا مستمرا منذ عام كامل من دون تحقيق أي من أهدافه. بوتين عندما بدأ عدوانه كان يعتقد بأنه في عملية عسكرية خاطفة سيحتل أوكرانيا ويخضعها لسلطته وبذلك يمكنه تهديد أوروبا والناتو تمهيدا لمشاريعه الإمبريالية المتجددة. ولكن حساباته في أوكرانيا لم تتطابق مع ما كان يخطط له، فقد وقفت أوكرانيا له بالمرصاد دفاعا عن حريتها وسيادتها وكرامتها الوطنية.
في 24 شباط 2022، بدأت مرحلة جديدة من الحرب الروسية الأوكرانية، المستمرة منذ عام 2014، بغزو واسع النطاق للجيش الروسي. بدأت القوات الروسية عدوانا على طول كامل الحدود المشتركة. قصف الجيش الروسي النقاط الحدودية والبنية التحتية العسكرية والمدنية في جميع مناطق أوكرانيا. أطلق عليها بوتين “عملية خاصة” مدعيا بأنه يهدف إلى “نزع السلاح ونزع النازية من أوكرانيا”، رافضا حق أوكرانيا في الوجود.
في اليوم الأول من الهجوم، تمكنت القوات الروسية من الاستيلاء على محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية ومن إنزال القوات في مطار غوستوميل بالقرب من كييف. كان الهدف الأول للمعتدي هو الاستيلاء على كييف. حاول الروس محاصرة كييف، وشنوا هجمات صاروخية على مبان سكنية، وخاضوا معارك ضارية في مدن وبلدات تابعة للعاصمة.
وفي جنوب أوكرانيا، تمكن المعتدي من الاستيلاء بسرعة على جزء كبير من منطقة خيرسون والتقدم إلى ماريوبول. لكن في أماكن أخرى في الشمال والشرق، لم يتمكن الروس من تحقيق مثل هذه النجاحات، حيث صد الجيش الأوكراني وقوات الدفاع الإقليمي الهجمات في منطقتي تشيرنيهيف وخاركيف، وفي سومي ودونباس. تمكن المحتلون الروس موقتا من الاستيلاء على ما يقرب من 21 في المائة من أراضي أوكرانيا تشمل أكثر من 3700 بلدة، والتي كانت تنتج ما يقرب من 19 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد قبل الحرب.لكن القوات المسلحة الأوكرانية كانت لهم بالمرصاد، فقد تمكنت من طرد المعتدي من مقاطعات كييف وخاركيف وسومي وجزء كبير من مقاطعة خيرسون.
تراجع جيش بوتين في العديد من الأماكن جراء الهجوم المضاد الذي نفذته القوات الأوكرانية بمساعدة الأسلحة التي وردتها لها العديد من الدول التي تدافع عن سيادة القانون الدولي.
في أيلول وأوائل تشرين الأول، حاولت روسيا ضم مناطق زابوريجيا وخيرسون ودونيتسك ولوهانسك المحتلة جزئيًا. أعلنت أوكرانيا والغرب أن هذه الأعمال غير قانونية. في 12 تشرين الأول، صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يدين محاولة روسيا ضم الأراضي المحتلة. لذلك، لا بد للعالم العربي أن يدرك أن روسيا تعتبر أن أوكرانيا والشعب الأوكراني، الواقعين ضحية للعدوان، هما التهديد الرئيسي، وليس الموضوع موضوع “مخاوف أمنية” أسطورية بشأن الناتو. فالناتو الذي يحد روسيا منذ عام 2004 ولمدة 18 عاما لم يهدد روسيا بأي شكل من الأشكال.
فقد أعلنها بوتين صراحة أنه يريد استعادة الدول التي انفصلت عن الاتحاد السوفياتي وإعادة ضمها إلى كنف روسيا الاتحادية. فهو لا يعترف بالقانون الدولي ولا باستقلال وسيادة الدول ولا بحريتها في اختيار أنظمتها. لم تشكل أوكرانيا يوما تهديدا لروسيا. كل ما أرادته أوكرانيا هي التخلص من إرث الاتحاد السوفياتي السابق والانطلاق بشعبها نحو دولة متطورة حرة مستقلة، من دون تهديد جيرانها.
لقد تمكن الأوكرانيون من هزيمة ثاني أقوى جيش في العالم وكشفه أمام جميع الأمم. فالجيش الروسي كان مجرد فزاعة يستخدمها الكرملين لمآربه السياسية والتوسعية.
بعد تحرير المناطق المحتلة من القوات الروسية، تم اكتشاف وقائع القتل الجماعي والتعذيب والاغتصاب للمدنيين، بمن فيهم الأطفال، في مدن بوتشا وإربين وغوستوميل وماريوبل وغيرها البلدات والمدن. هنا لا بد للمجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته في محاسبة جميع المرتكبين الروس وتقديمهم للعدالة.
الآن، بدون أي فترة راحة، وبدون توقف، تستمر المعركة في مقاطعة دونيتسك بأكملها، ومقاطعة لوهانسك، وباخموت، وكريمينا. وعلى الرغم من أن العدو لا يزال يحاول الاستيلاء على باخموت بأي ثمن، فإن القوات المسلحة الأوكرانية بشجاعة تدافع عن الدولة وتحاول اختراق خط دفاع العدو في مقاطعة لوهانسك.
لقد مر عام من العدوان الروسي الرهيب، ونتيجة لذلك عانى السكان المدنيون أكثر من غيرهم. أجبر عدد كبير من المواطنين الأوكرانيين على الفرار من الحرب: 9 ملايين هاجروا قسرا و أكثر من 6 ملايين نزحوا إلى الخارج. أكثر من 800000 شخص فقدوا منازلهم. في المجموع ، خلال عام من الحرب، تضرر أو دمر حوالي 150 ألف مبنى سكني من جراء القصف.
بحلول نهاية عام 2022، وصلت الخسائر المباشرة في البنية التحتية الأوكرانية بسبب الحرب واسعة النطاق التي شنتها روسيا إلى 137.8 مليار دولار. تواصل روسيا إحداث الخراب في المؤسسات التعليمية الأوكرانية والمؤسسات الثقافية والرياضية والدينية والتجارية والمصانع والمستشفيات. كل ما لا يدمره الروس، يسرقونه ويصدرونه إلى روسيا. يسرق المحتلون الحبوب والآلات الزراعية من المزارعين الأوكرانيين ويفككون المصانع ويأخذون المعدات إلى روسيا وتنتهك روسيا جميع قوانين وأعراف الحرب في سياق عدوانها على أوكرانيا.
بعد اخفاقها في تحمل المقاومة الأوكرانية في الجبهة، وفي محاولة لكسر الأوكرانيين قبل الشتاء، هاجمت روسيا منشآت الطاقة الأوكرانية في جميع أنحاء أوكرانيا. إن تدمير البنية التحتية المدنية لأوكرانيا والسعي لتعطيل موسم التدفئة، وترك الأوكرانيين بدون ضوء وتدفئة وماء، يثبت أن روسيا دولة إرهابية، ويؤكد سياسة الإبادة الجماعية التي ينتهجها المعتدي ضد السكان المدنيين الأوكرانيين.
هددت حرب روسيا ضد أوكرانيا الأمن الغذائي العالمي بعد محاصرة حوالي 90 مليون طن من المنتجات الزراعية في الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود وبحر آزوف. يستودر لبنان 80 في المائة من حاجته من القمح من أوكرانيا، لذلك تأثر لبنان بهذا العدوان جراء الخلل في توريد الحبوب وارتفاع اسعارها عالمياً.
لقد وحدت أوكرانيا دول العالم من أجل الأمن العالمي.
بنتيجة حرب روسيا الشاملة ضد أوكرانيا، تم إنشاء تحالف عالمي قوي حول دولتنا لحماية الأمن الدولي، مما يساعد في الحفاظ على الاستقرار. 143 دولة في العالم أدانت العدوان الروسي ودعمت وحدة أراضي أوكرانيا. وهذا ينطبق على قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي يتم تبنيها من أجل أوكرانيا.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن لبنان كان أول دولة عربية تدين بشدة الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا وصوتت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرارات تدين العدوان على أوكرانيا.
لقد أضعفت القوات المسلحة الأوكرانية بشكل كبير الإمكانات العسكرية للاتحاد الروسي، لكن بوتين ينوي مواصلة الحرب العدوانية. ولا يمكن لأحد أن يتوقع متى سينتهي.في هذه الحرب، تدافع أوكرانيا عن استقلالها وسيادتها، وخيارها الحضاري الذي يقوم على القيم والحقوق والحريات الإنسانية.
سيكون انتصار أوكرانيا انتصارا لكل العالم عندما يتم تفكيك الآلة العسكرية الروسية وتختفي قدرة الكرملين على غزو البلدان الأخرى.
أوكرانيا لا تريد الحرب. لا تريد إلا الدفاع عن نفسها وتحرير أرضها. لذلك قدم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الصيغة الأوكرانية للسلام. صيغة يمكن أن تضع حدا للعدوان الروسي وتستعيد قوة القانون الدولي في أوكرانيا وجميع الدول الأخرى.
تتألف صيغة السلام الأوكرانية من عشر نقاط واضحة قادرة على إنشاء بنية أمنية جديدة ذات أهمية عالمية. من شأنها أن تعيد الحرية إلى كامل أرضنا الأوكرانية ولجميع شعبنا، وسيكون بمثابة ضمانات للحرية والأمن للشعوب الأخرى.
لذلك تدعو أوكرانيا جميع شركائها ومنهم لبنان إلى دعم صيغة السلام المقترحة التي من شأنها منع أي تصعيد واحلال سلام طويل الأمد بعد تفكيك كل عناصر العدوان الروسي”.