“سعد الحريري “مرتاح”… ولا حظوظ قويّة لرئاسة باسيل وفرنجيّة”!
كتبت سركيس نعوم في “النهار”:
في بداية اللقاء تحدّث المسؤول الصديق والمهم الذي شغل مواقع عدة مهمة في وزارة أميركية حسّاسة داخل بلاده وفي الشرق الأوسط وخارجه ولا يزال في الخدمة، قال: “التقيت الرئيس #سعد الحريري هنا في واشنطن أخيراً، التي يدرس ابنه في إحدى أبرز جامعاتها جورجتاون وهو ربما لا يزال فيها. شعرت بأنه مرتاح تماماً ولا يبدو عليه أنه عُرضة لضغوط تمارسها عليه جهات عدّة معروفة. يبدو “مبسوطاً” في حياته الجديدة ولا سيما بعد تعليقه عمله السياسي. نتائج المعركة الانتخابية الأخيرة في لبنان أو المعارك ولا سيما في العاصمة بيروت وفي عاصمة الشمال طرابلس بل في الشمال عموماً وحتى في البقاع جعلته أكثر ارتياحاً. لا أعرف إن كان سيعود الى لبنان أم لا. لكنه فعلاً مرتاح”. علّقت: في لبنان يظن الناس أنه زعلان وغاضب وأنه تحت التهديد الدائم ويتعرّض للضغط في استمرار ولا سيما من المملكة العربية السعودية. ويظنّون أيضاً أن وليّ العهد ورئيس الدولة الآن في الإمارات العربية المتحدة الذي استضافه على أرضها بعد “اضطراره” الى مغادرة بلاده وأحاطه برعاية يقوم في الوقت نفسه بمراقبته بواسطة أجهزته طبعاً. ردّ: “لا يبدو عليه ذلك. طبعاً الكلام عن شخصيته وعن كسله وعدم قيامه بعمله السياسي وغير السياسي على النحو اللازم بخلاف والده الراحل رفيق الحريري كثير”. سألته عن مرحلة كان فيها سفيراً لدى لبنان، وفي مرحلة إعداد جدّي لإجراء انتخابات رئاسية تسدّ الفراغ المتمادي في سدّة الرئاسة، وكان له بالمناسبة دور مهم فيها. أجاب “أنه كان في حينه يفضّل فوز زعيم “تيار المردة” #سليمان فرنجية النائب في حينه بالمنصب الدستوري الأول في دولة لبنان. لكن هذا الأمر تعثّر. وإذا تكرّر في لبنان، علماً بأنه على أبواب انتخابات رئاسية خلال شهري أيلول وتشرين الأول المقبلين لأن ولاية الرئيس الحالي ميشال عون تنتهي بنهاية الشهر الأخير، فإن الولايات المتحدة قد لا تؤيّده. الظروف تغيّرت. لا حظوظه الرئاسية قويّة ولا حظوظ رئيس “التيار الوطني الحر” #جبران باسيل. أي لا أحد من الاثنين في قصر الرئاسة في بعبدا. وباسيل يعرف “حزب الله” حليفه وراعيه وحاميه أنه يخرّب كل شيء. وفرنجية المدعوم للرئاسة الأولى أو الواصل إليها يجعل باسيل الزعلان لأسباب متنوّعة يخرّب كل شيء. هذه قصة لا تمشي”. علّقت: حتى جعجع رئيس “حزب القوات اللبنانية” يريد أن يصبح رئيساً. إنه منظِّم جيّد لكنه يحلم كثيراً ويتمنى كثيراً ومع الوقت تتحوّل تمنّياته حقائق في رأسه، وهذا ما يوقعه وأوقعه في أخطاء عندما أسكرته الرئاسة فترشّح للوصول إليها، وعندما مُنع من تحقيق رغبته أو حلمه بواسطة “حزب الله” أراد إبعاد فرنجية عنها رغم مسامحته له على دوره في “مجزرة إهدن” في 12 حزيران عام 1978، ورغم مصالحتهما الشخصية برعاية البطريرك الماروني بشارة الراعي في الصرح البطريركي، إذ وقّع مع “التيار الوطني الحر” عدوّه اللدود والمُزمن والدائم كما تبيّن لاحقاً “تفاهم معراب” رغم معرفته أكثر من غيره بشخصية مؤسّس التيار الجنرال عون وشهوته الى السلطة واستعداده لدفع الثمن الى من يوصله إليها. ولاحقاً أقنع جعجع الحريري الذي كان يؤيّد رئاسة فرنجية بالعمل معاً لإيصال عون الى الرئاسة. نجحا في ذلك بالتعاون مع “حزب الله” و”أمل” وآخرين. لكن الاثنين خسرا، إذ صار الحريري خارج لبنان وصار جعجع و”حزبه” مستهدفين في استمرار من عون و”تياره” ومن حاميه وحليفه في آن واحد منذ تفاهم 6 شباط في مار مخايل عام 2006 أي “حزب الله”.
بعد ذلك سأل المسؤول الأميركي الصديق والمهم نفسه الذي شغل مواقع مهمة عدّة في وزارة أميركية على تعاطٍ مباشر مع العالم الخارجي ولا يزال جزءاً منها عن “الانتخابات النيابية التي حصلت في 15 أيار”. أجبتُ: “حزب الله” ليس حبتين كما يُقال في لبنان، طبعاً لم يفز بغالبية نيابية متماسكة وواضحة هذه المرة، كما فعل في الانتخابات السابقة قبل أربع سنوات، لكنه وشريكته “حركة أمل” حصلا على المقاعد الشيعية الـ27 في مجلس النواب وهذا إنجاز لكنه لأول مرة عجِز عن أن “يقطر” معه في النجاح حليفيه مرشح الحزب السوري القومي الاجتماعي والحزب الأرسلاني في الجنوب، كما عجِز عن منع سقوط حلفاء له على الساحة السنية كان أبرزهم فيصل كرامي. لكنه عمِل بجدّ على فرفطة الحال السنية المعادية له ولا سيما في العاصمة بيروت ففاز حلفاء له فيها، كما فاز أخصام له وأعداء ولكن بالمفرّق بحيث عجزوا حتى الآن عن التفاهم على إطار مشترك للعمل إلا أنه رغم ذلك عجِز والمنظومة السياسية بأحزابها الطائفية كلها عن منع وصول ثلاثة عشر نائباً “تغييريين” وُلدوا من رحم “ثورة 17 تشرين الأول 2019″. طبعاً لا بد من ملاحظة أمرٍ مهم هو أن شيعة اليسار القديم و”المقاومة الوطنية” القديمة لم يواجهوا “حزب الله” انتخابياً في الجنوب إلا بلائحة واحدة، وقسم لا بأس به منهم امتنع عن التصويت. والدافع الى ذلك هو رفض الممارسات السياسية لـ”الحزب” ولا سيما ممارسة حليفه الرئيس نبيه بري رئيس “حركة أمل” ورئيس مجلس النواب، لكن تقدير هؤلاء مستمر له من جرّاء مقاومته التي حرّرت الجنوب من إسرائيل. ولو تحرّك اليساريون والعروبيون والبعثيون والقوميون العرب والشيوعيون بقوة لأحدثوا خرقاً مهماً وإن غير كافٍ للفوز. لكنهم الى ذلك كله وفي غمرة الانقسام المذهبي داخل الصف الإسلامي رفضوا ويرفضون فتح معركة مع “حزب الله” قد يكونون هم وإياه و”أمل” ضحاياها.
بعد ذلك تناول حديثنا طرح البعض في لبنان ترشيح غير مسلم شيعي لرئاسة مجلس النواب متذرّعاً بأنّه لا نصّ على ذلك في الدستور اللبناني، فقلت إن ذلك مستحيل ويؤسّس لفتنة بل لحرب أهلية. الراحل رشيد كرامي كان يرشّح نفسه أحياناً لرئاسة الجمهورية للسبب عينه لكنه كان يعرف استحالة وصوله وكان هدفه الإيحاء بذلك الى وجوب حل “القصّة الطائفية” في البلاد. علّق المسؤول الأميركي المهم والصديق نفسه قائلاً: “هذا أمر غير مسؤول”. ثم تكلم عن “حزب الله” وسأل ماذا يريد؟ وما المستقبل في رأيه؟ وما المستقبل الذي ترى أن لبنان يتجه إليه؟”. بماذا أجبت.