سجال وانقسام …والرئيس غائب

يستمر الشغور الرئاسي في لبنان من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر بإنجاز هذا الاستحقاق قريبا، مترافقا مع ارتفاع جنوني في الأسعار وتدهور حياة الناس الاقتصادية والمعيشية والصحية والتربوية ولا حول ولا قوة للمواطن العاجز.
وبانتظار إشارة مرور خارجية، عبر توافق دولي وإقليمي لم يستطيع حتى الساعة انجاز الاستحقاق ،لا يبدو السجال الرئاسي قابلا للاعتذار من أي من جهة لا بل بدا وكأنه معركة حرق أوراق أو بأحسن الأحوال خلط أوراق سواء على مستوى الاسماء المرشحة أو لجهة اختبار صبر القوى الأساسية في مجلس النواب والاستعداد للانتقال الى الخطة باء التي ما زالت بحكم النوايا ليس إلا وكأن كل فريق ينتظر كشف أوراق خصمه قبل أن يبادر والنتيجة حتى الآن لا جلسة انتخاب ولا رئيس وبالتالي لا تعاف في الأفق .
وعلى الرغم من كل التسريبات التي تناولت البحث عن تسوية رئاسية، يكون عمادها رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ، يبدو ان جمع المزيد من الأصوات المؤيدة لفرنجية غير مؤكد، فيما الاكتفاء بالرهان على إمكانية حصول تطورات إقليمية تصب في صالحه في المرحلة المقبلة.
وفي هذا الإطار، من الضروري التذكير بأن المواقف الرافضة لا تقتصر على قوى المعارضة ، فالتيار الوطني الحر هو من أبرز الرافضين لهذا التوجه، بالرغم من التداعيات التي تركها ذلك على علاقته حزب الله بشأن الاستحقاق الرئاسي وغيه من الملفات.
وتقتصر المساعي الظاهرة على الحركة التي تقوم بها السفيرة الاميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريو بالإضافة الى السفيرين السعودي والمصري، لتدوير زوايا المواقف آخرها لقاء شيا بالمرشح الرئاسي ميشال معوض ، الا ان معلومات مقرّبة أكدت لموقعنا ان لا شيء يشي بتغيير في المواقف أو تقريب وجهات النظر حتى الساعة.
وغردت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا عبر حسابها على “تويتر” تقول “بات توسيع شبكات الأمان الاجتماعية والتخفيف من حدة الفقر ومعالجة الأمن الغذائي أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى لحماية شرائح المجتمع الأكثر ضعفاً”…فلا من يسمع …العالم منشغل بالأزمات الدولية الكبرى، وعلى اللبنانيين لملمة مشكلاتهم الداخلية وتجميع القوى لمواجهة تحالفات جديدة .
وفي وقت يتم الحديث عن مسعى للبطريرك الماروني لجمع رئيس حزب القوات سمير جعجع ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، أشارت مصادر مقربة من رئيس مجلس النواب نبيه بري لموقعنا انه سيدعو الى جلسة لانتخاب الرئيس عندما يرى أن الأمور أصبحت أكثر نضوجاً، وعندما يحصل على معطيات تشير الى امكان الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية، وهو مستمر بمساعيه من أجل ذلك.
وكان بري أكّد من جهته، ان اتمام الملف الرئاسي بات واجباً وطنياً وانسانياً وأخلاقياً، ومن هنا كانت المبادرة إلى اعلان تأييد ترشيح الوزير فرنجية، وهي خطوة لعلّها تحفّز سائر الجهات على تقديم مرشح او مرشحين”، معتبرًا أنّه “أصبح من الضروري ان تحصل ترشيحات، وهو أمر بديهي، حتى يحصل تنافس، ونحن جاهزون للنزول إلى المجلس النيابي، حيث أنّه في اللحظة التي تتوفر فيها فرصة التنافس، سأبادر فوراً إلى الدعوة الى جلسة انتخابية، ولتجر الانتخابات ولينجح من ينجح”.
مصدر سياسي لفت لموقعنا “أن اللبنانيين عوّلوا كثيرا على اجتماع باريس بشكل أكثر مما ينبغي. فالاجتماع كان تمهيدا لاجتماعات أخرى، ولا شك أن من الجيد في هذا الاجتماع هو مناقشة جدية لبعض التفاصيل عن كيفية الخروج من الوضع الحالي، وأصبح هناك هدف واحد هو انتخاب رئيس للجمهورية، وأصبح هناك دعم دولي بعد أن شعر قادة العالم بأننا عرفنا الطريق الصحيح والوحيد للخروج من هذه الأزمة العميقة، وهو انتخاب الرئيس، وهناك ضغط دولي في هذا الإطار”.
وأشار المصدر الى أن “المواقف الأخيرة التي نقلت عن الرئيس بري حول ترشيح معوض وإعلانه لأول مرة بشكل علني ترشيح رئيس تيار المرده خلط الأوراق ويحمل دلالات سياسية ،اذ أن فرنجية لا يزال المرشح الأكثر جدية والأوفر حظاً لكونه يحظى بتأييد أوسع شريحة نيابية تقارب الـ65 نائباً”.
وفيما اذا كان هناك من تفاؤل بشأن انتخاب الرئيس، لفت المصدر الى ان” الافق ما تزال مسدودة في ظل الانقسام الحاصل وعدم قدرة اي طرف على تأمين انتخاب مرشح “.
وبأي حال، فإن كلمة السر بشأن الانتخابات الرئاسية لم تصدر بعد، وبالتالي سيتواصل عداد أيام الشغور في الرئاسة الأولى ولبنان أمام استحقاقات دستورية هامة أبرزها الانتخابات البلدية والاختيارية التي تنتهي ولايتها في 31 أيار المقبل، في وقت تتواصل معه مرارات اللبنانيين التي باتت تطال كل تفاصيل حياتهم اليومية….