أبرزرأي

سباق محموم بين الحرب الكبرى ودبلوماسية التهدئة.

حسين زلغوط

خاص_ رأي سياسي

لعل ما قالته صحيفة هآرتس الاسرائيلية من ان لحظة ظهور امين عام “حزب الله “السيد حسن نصرالله على الشاشة هو بمثابة يوم القيامة في إسرائيل، يعكس بوضوح مدى الارباك والقلق الذي ينتاب الداخل الاسرائيلي في حال توسع نطاق الحرب ليشمل ساحات ما يعرف بقوى الممانعة وفي مقدمتهم الساحة اللبنانية- الاسرائيلية.
وهذا بإعتقاد معظم الخبراء الاستراتيجين ما يؤخر أخذ القرار الاسرائيلي بالاجتياح البري لقطاع غزة، علماً انه كانت بدت الحملة البرية الإسرائيلية حتمية منذ اللحظة التي اخترقت فيها حركة “حماس” المحيط الأمني بقطاع غزة، وأيدت واشنطن الخطط الإسرائيلية بشكل كامل، لا سيما الامتناع عن الحث على ضبط النفس.
في بيئة سياسية محمومة، كانت أعلى الأصوات في الولايات المتحدة هي تلك التي تحث على اتخاذ تدابير متطرفة ضد حماس، ووصلت بالبعض الى حد الدعوة للقيام بعمل عسكري ضد إيران بسبب رعايتها المزعومة لعملية حماس.
اليوم وبعد مضي عشرة ايام على عملية “طوفان الاقصى”، والتدمير الممنهج للحجر والبشر ضد اهل غزة من قبل اسرائيل، بهدف تهجيرهم، والتهديد الاسرائيلي اكثر من مرة بالاجتياح البري، الا ان ذلك لم يحدث، فيما نقلت تقارير غربية عن ضباط إسرائيليين تأجيل الاجتياح “لأسباب تخص الطقس”، إلا ان خبراء التأجيل أرجعوا ذلك إلى “التكلفة الثقيلة” التي ستتكبَّدها إسرائيل.
حجة الطقس ليست هي السبب، ولكن الجواب على سبب التأخير في الدخول البري بحسب مصدر دبلوماسي يكمن في النقاشات الجادة بين القيادات العسكرية الإسرائيلية والأميركية في غرفة العمليات المشتركة، أميركا تريد هجوماً برياً على قطاع غزة الآن، فيما يقول الإسرائيليون إن الثمن الذي سيدفعه الجيش سيكون كبيراً جداً، ومن المتوقع أن تكون تداعياته أكبر من قدرة المستوطنين على تحمّلها، وهو ما بدا واضحاً على الضباط والجنود الذين انتقدوا نتنياهو ومنعوه من القاء خطاب امامهم، حيث توجه احد الضباط اليه بالقول: “انت كاذب”، ومن ثم شتمه ومنعه من القاء الخطاب امام الجنود في غلاف عزة.
ليس لدى إسرائيل أي برنامج لما بعد الهجوم البري، فيما البديل في نظر الجيش الإسرائيلي، هو القيام بعملية هجومية على حزب الله مستعيناً بوجود القوات الأميركية في البحر المتوسط.
في المقابل، تتطلع أميركا إلى مصالحها، وتردّ بأن مثل هذا الهجوم على لبنان سيفقدها الكثير من تأييد الأصدقاء في الشرق الأوسط، وحتى في الولايات المتحدة، وسيعرض قواعدها في الشرق الأوسط ومصالحها الاقتصادية الاستراتيجية لهجمات من اليمن والعراق، وقد يتورطون في حرب إقليمية كبرى وهذا ما لا تستطيع واشنطن دفع ثمنه حالياً.
واذا كان الوضع الميداني يخضع للكثير من التكهنات، عما اذا كانت الحرب ستتوسع ام لا، فان الحركة الدبلوماسية الساعية للتهدئة لم تهدأ، وهي دخلت في سباق محموم مع الواقع العسكري ان في غزة او على الجبهة مع لبنان، ويتوقع ان تكون هناك بدءا من اليوم زحمة موفدين الى لبنان في محاولة لاحتواء الوضع وعدم امتداد الحرب الى الجنوب، وأول الواصلين الى لبنان بعد وزير خارجية ايران حسين امير عبد اللهيان سيكون اليوم وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا التي ستزور ايضا اسرائيل ومصر والاردن سعياً لعدم تدهور الوضع الامني في المنطقة, على أن يزور لبنان غدا أيضا وزير خارجية تركيا للغاية عينها.
وزيارة الوزيرة الفرنسية الى لبنان تترافق مع مروحة من الاتصالات التي تحصل من عدة دول مع رئيسي مجلس النواب وحكومة تصريف الاعمال سعياً لاحتواء الوضع الذي ان انفلت على غاربه سيتسبب بحريق كبير في الشرق الاوسط، كون ان اي معركة بين حزب الله واسرائيل ستكون مدمرة بشكل لن يتوقعه احد.

وبغض النظر عن ارتفاع منسوب التوتر الامني اليومي على الحدود الجنوبية، فان هناك من المتابعين يؤكد ان لا حرب واسعة طالما اسرائيل لم تأخذ بعد القرار بالاجتياح البري، وفي حال حصل ذلك فالحرب الواسعة تصبح حتمية ولا يعود عندئذ من أثر للمساعي الدبلوماسية ويصبح الكلام فقط للحديد والنار وبذلك سنكون امام مشهد مدمر يفتح افق المنطقة برمتها على كل الاحتمالات.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى