رأي

زيارة تتجاوز مخاوف الحلفاء

اختتم المستشار الألماني أولاف شولتس أمس زيارة إلى الصين استغرقت ثلاثة أيام بالاجتماع مع الزعيم شي جين بينغ، جال خلالها على رأس وفد سياسي واقتصادي وتجاري كبير ويضم مديري أكبر الشركات الألمانية، وخصوصاً السيارات، في مدينتي شنغهاي وتشونغتشينغ أكبر المدن الصناعية والتجارية الصينية، ثم العاصمة بكين.

هي الزيارة الثانية للمستشار الألماني بعد الزيارة الأولى المختصرة التي تمت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، والتي استغرقت 11 ساعة فقط بسبب وباء كورونا.

لكن هذه الزيارة أثارت الكثير من اللغط داخل أوروبا التي تتهم الصين بممارسات «غير نزيهة»، وتتهمها بزعزعة السوق الأوروبية من خلال إغراقها بمنتجات منخفضة الكلفة، إضافة إلى ضغوط اقتصادية من الاتحاد الأوروبي تمثلت بما أسمته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين «استراتيجية الأمن الاقتصادي الأوروبي» التي تهدف إلى تحديد خطوط حمراء للتعاون التكنولوجي مع الصين، ثم فتح تحقيق عالي المخاطر في واردات السيارات الكهربائية من الصين، وفي الدعم المرتبط بتوربينات الرياح والألواح الشمسية والقطارات، واتهام الشركات الصينية باكتساب مزية غير عادلة في السوق الأوروبية بسبب الدعم الحكومي السخي الذي تتلقاه من الحكومة.

شولتز تجاوز كل المخاوف الأوروبية، كما رفض المطالب الأمريكية ب«فصل» الاقتصاد الألماني عن الصيني، ومضى قدماً في زيارته انطلاقاً من مصلحة ألمانيا أولاً من دون أن يضع في الاعتبار مخاوف حلفائه، متخذاً مساراً سياسياً متوازناً مع الصين يلبي مصلحة ألمانيا بالدرجة الأولى، إذ تصادف هذا العام الذكرى السنوية العاشرة للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وألمانيا، التي حققت نجاحاً مميزاً بينهما باعتبارهما ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي على التوالي، حيث واصلا ركوب موجة التعاون الناجح وتبادل المنافع بينهما في عصر العولمة، وضخ الزخم المشترك في تعافي الاقتصاد العالمي، إضافة إلى تكريس مبدأ «المنافسة العادلة».

وفقاً للمعهد الاقتصادي الألماني، سجل الاستثمار المباشر من ألمانيا إلى الصين مستوى قياسياً بلغ 11.9 مليار يورو (12.7 مليار دولار) في عام 2023، بزيادة قدرها 4.3 في المئة، مقارنة بالعام السابق. كذلك بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2022 ما قيمته 253 مليار يورو.

كانت مصادر ألمانية حددت ثلاثة أهداف للزيارة، أولها الاقتصاد والتجارة، وثانيها التحدي المناخي، وثالثها التحديات الجيوسياسية المتمثلة في الحرب الأوكرانية والوضع في الشرق الأوسط واحتمال توسع الصراع جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

بالنسبة للهدف الأول، تم تأكيد الشراكة التجارية والاقتصادية بينهما والمضي في تعزيزها رغم المواقف السلبية للحلفاء الغربيين، وبالنسبة للهدف الثاني فإن ألمانيا تعرف موقف الصين التي كانت تقدمت بمبادرة للسلام من 22 نقطة، وهي تسعى لحمل الطرفين على وقف إطلاق النار والجلوس إلى طاولة المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، وتريد من أوروبا أن تحذو حذوها لا أن تعمل على تسعير الموقف. أما بالنسبة للشرق الأوسط فإن موقفي البلدين متعارضان، إذ إن ألمانيا تبدي تأييداً ودعماً علنياً لإسرائيل فيما تأخذ الصين موقفاً معتدلاً يدعو لوقف النار وانسحاب إسرائيل والالتزام بالقرارات الدولية، ومع ذلك يتفقان على خطورة الوضع وتهديده

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى