
حسين زلغوط, خاص – موقع “رأي سياسي” :
تشكل الزيارة التي سيقوم بها اليوم وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود الى لبنان جسر عبور لعودة المياه الخليجية- اللبنانية الى مجاريها، حيث من المتوقع أن يليها زيارة سيقوم بها وزير الخارجية الكويتي عبد الله اليحيا الذي سيصطحب أمين عام مجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، وذلك بما يمكن تصنيفه برسالة دعم إلى لبنان.
وتأتي أهمية زيارة بن فرحان كونها الأولى من نوعها ، بعد ان خيم التوتر على العلاقات بين البلدين، عدة سنوات أدت بالمملكة الى اتخاذ قرار بمنع رعاياها من زيارة لبنان الذي تأثر كثيرا نتيجة هذا القرار على المستوين السياحي والاستثماري.
وقد استبق الوزير السعودي زيارته بجملة مواقف تخص لبنان كان البارز منها تأكيده الحاجة إلى رؤية إصلاحات ملموسة، والتزام في لبنان بأن لا يتطلع إلى الماضي بل إلى المستقبل، من أجل إعادة التفاعل مع البلاد.
واذا كان العنوان الاساسي لزيارة بن فرحان بيروت هو تهنئة الرئيس جوزف عون بانتخابه رئيسا للجمهورية بعد فراغ في سدة الرئاسة إمتد لسنتين وشهرين وتسليمه دعوة رسمية لزيارة السعودية، فإنه ينتظر ان يعلن رأس الدبلوماسية السعودية عن بدء مرحلة جديدة في العلاقات السعودية – اللبنانية ونهاية فترة العلاقات الباردة بين البلدين، كما انه يتوقع ان يتم إحياء الاتفاقيات، التي كانت معلقة منذ عام 2017 بسبب التوترات الدبلوماسية، بالتزامن مع رفع الحظر الذي فرضته المملكة العربية السعودية منذ فترة طويلة على سفر مواطنيها إلى لبنان.
ووفق العلومات فإن الوزير السعودي الذي واكب عملية انتخاب رئيس الجمهورية، ربما يلعب خلال وجوده في بيروت دورا ما للمساهمة في تذليل أي عقبة قد تطرأ على موضوع تشكيل الحكومة العتيدة، كون ان السرعة في التأليف هو مطلب عربي ودولي للشروع في عملية الاصلاح التي يعتبرها المجتمع الدولي ومعه الدول العربية الممر الإلزامي لتقديم المساعدة المطلوبة للبنان لإعادة الإعمار أولاً، وللخروج من الأزمة الإقتصادية ثانياً، سيما وأن لبنان يعتبر الآن في مرحلة انتقالية يحتاج فيها إلى دعم جدي لتثبيت ركائز تواكب الالتزامات الدولية التي سبق وقطعتها الحكومة اللبنانية في تطبيق القرار 1701، وتمكين الجيش اللبناني لتعزيز انتشاره في الجنوب، وإعادة الإعمار، والمضي قدماً بورشة الإصلاحات، كما ان تأليف حكومة العهد الأولى يشكل نموذجاً عملياً لمستقبل العمل السياسي والإصلاحي في لبنان، والذي سيبني عليه المجتمع الدولي.
وفي تقدير مصادر سياسية أن الإنفتاح السعودي مجددا على لبنان بعد انكفاء عنه بفعل عوامل عدة منها ما هو داخلي ومنها خارجي ايضا، يصب في مصلحة لبنان الذي أحوج ما يكون الى العودة للحاضنة العربية التي لطالما كانت تنتشله من أزماته منذ عدة عقود، حيث كانت المملكة في طليعة الدول العربية التي كانت تقدم كل العون لهذا البلد التي عصفت به الحروب الداخلية والاجتياحات الاسرائيلية ، وأن إحجامها عن ذلك في السنوات الماضية كان بفعل ما كانت تعتبره السعودية، السياسة غير الموزونة التي كانت تسود المسرح السياسي في لبنان ، اضافة الى بعض المواقف النارية التي كانت تطلق ضدها.
وترى المصادر ان المرحلة المقبلة ستكون زاخرة بتوطيد العلاقات اللبنانية – الخليجية ، حيث ان زيارة وزيري خارجية السعودية والكويت الى لبنان سيتبعها خطوات ايجابية تجاه بيروت ومنها ما سنشهده قريبا من عودة لفتح سفارة دولة الإمارات ، ناهيك عن زحمة من الاستثمارات الخليجية في قطاعات العقارات والسياحة، والمصارف، وهذا سيشكل نقلة نوعية للبنان باتجاه الاستقرار والازدهار بعد اكثر من عشر سنوات من الإنكماش المميت