زعيم “طالبان أفغانستان” يعيّن قيادياً قريباً من طهران نائباً لوزير الداخلية
منح زعيم حركة طالبان، الملا هيبة الله آخوند زادة، النائب الأول لوزير الداخلية الأفغاني سراج الدين حقاني، صدر إبراهيم، درجة الجنرال. ومن ثم ولأول مرة في عهد نظام “طالبان”، ظهر صدر إبراهيم في مؤتمر عبر الفضاء الافتراضي مخاطباً قادة الشرطة في 34 مقاطعة أفغانية.
ويُعتبر صدر إبراهيم أحد الأشخاص المقربين جداً من زعيم “طالبان”، وفي نفس الوقت مقرب من “الحرس الثوري” الإيراني. وطالب إبراهيم في خطابه الأول جميع قادة الشرطة في أفغانستان بالانصياع لأوامر الملا هيبة الله آخوند زادة وقال إن “طاعة الأمير (زعيم طالبان) تجلب الخير والبركة لأفغانستان”.
وقال النائب الأول لوزيرة الداخلية في حكومة طالبان إن “الخطوة الأولى لبقاء النظام، هي طاعة الأمير (الملا هيبة الله آخوند زادة) وهي ضرورية وإلزامية. وإذا ما أطعنا الأمير، فهذا خير وبركة ويدل على نجاح الشخص”.
وتتحدث التقارير عن أن الغاية من تعيين صدر إبراهيم نائباً لسراج الدين حقاني وزير الداخلية في حكومة طالبان وزعيم “شبكة حقاني” المخيفة، هي تأمين إشراف زعيم “طالبان” على وزارة الداخلية، وأفعال وتصرفات سراج الدين حقاني. كما يمكن القول إن ظهور صدر إبراهيم في مؤتمر قادة الشرطة كان بمثابة استعراض لقوته وزعامة الملا هيبة الله آخوند زادة، يهدف من خلالها أن يثبت أن وزارة الداخلية في طالبان ليست حكراً على سراج الدين حقاني وأن تنفيذ مطالب وأوامر زعيم الحركة هي الأولوية.
ويُعتبر صدر إبراهيم من الشخصيات العسكرية البارزة في “طالبان”، في ولاية هلمند في جنوب أفغانستان، وتمكن من نسج علاقات وثيقة مع “الحرس الثوري” الإيراني. كما اعتُبر أحد الحلفاء الرئيسيين للملا أختر محمد منصور الذي كان يُعد الشخص الثاني في حركة “طالبان”، وقُتل في غارة جوية في باكستان في مايو (أيار) 2016. وبعد قتل أختر محمد منصور، فقد إبراهيم ثقته بجهاز الاستخبارات والجيش في باكستان ووسع علاقاته مع الحرس الثوري والنظام الإيراني لكسب دعم “الحرس”. وتتركز معظم قوات صدر إبراهيم في هلمند والمحافظات الغربية مثل فراه وهرات. وتفيد التقارير بأنه في عهد النظام الجمهوري في أفغانستان، دعم “الحرس الثوري” بعضاً من القوات التابعة لحركة طالبان.
وطالب صدر إبراهيم جميع قادة مراكز الشرطة في نظام طالبان بمواصلة التضحيات من أجل بقاء واستمرار “الإمارة الإسلامية” في أفغانستان. وقال “أيها المجاهدون والمسؤولون المحترمون، نحن وأنتم نرى أنه بحمد الله استتب الأمن في أفغانستان، والنظام الذي يحكم البلاد نظاماً شرعياً. وأدام الله هذا النظام مستقراً قوياً. هذا النظام تأسس بالتضحيات ومن أجل بقائه يحتاج منا مزيداً من التضحيات، فعلينا أن نكون ثابتين في تقديم التضحيات لهذا النظام الشرعي”.
وكما هو معلوم، فإن سيطرة “طالبان” على أفغانستان تمت باللجوء إلى الخيار العسكري، واحتكرت السلطة بالقوة ولم تستجب لتشكيل حكومة شاملة تجمع أطياف المجتمع الأفغاني. كما تُتهم طالبان بانتهاك حقوق الإنسان وحقوق المرأة الأفغانية. يشعر نظام طالبان اليوم بقلق الشديد من تزايد المقاومة الشعبية ضده، ولهذا السبب، يطلب كبار قادته من قواتهم تقديم التضحيات من أجل بقاء “إمارة طالبان الإسلامية” في سدة الحكم في أفغانستان.
في هذا السياق، لاسيما في العامين الماضيين، كثفت طهران اتصالاتها لتوسيع علاقاتها مع قادة طالبان ووفرت لمسؤولي الحركة الأرضية المناسبة للسفر إلى إيران. وتحاول طهران من خلال دعم شخصيات في دائرة الحكم وصنع القرار في “طالبان”، تأمين مصالحها في أفغانستان.
ومع الإطاحة بالحكومة الأفغانية السابقة، ونظراً لخبرة صدر إبراهيم العسكرية والاستخباراتية، كان يتوقع أن يتم تعيينه في أحد المناصب الأمنية أو الاستخباراتية المهمة، لكن ذلك لم يحدث. وبعد أسبوع من إعلان حكومة طالبان في سبتمبر (كانون الأول) 2021، تم تعيينه نائباً لوزير الداخلية. وفي الانفجار الذي وقع في أكتوبر (كانون الأول) 2022، في مسجد وزارة الداخلية، سرعان ما انتشر خبر عن مقتل صدر إبراهيم، إلا أن المسؤولين الإعلاميين في طالبان نفوا هذه الشائعة. والملفت في الموضوع هو أن هذا الانفجار حصل في وقت كان صدر إبراهيم فيه كثير التردد على مبنى وزارة الداخلية في حكومة طالبان وذلك بعد أشهر من العزلة التي عاشها الأخير.
قبل عودة حركة “طالبان” إلى السلطة في أغسطس (آب) 2021، لم يرغب قادة الحركة بنشر صورهم، إلا أن هذا تغيّر شيئاً فشيئاً. وظهر سراج الدين حقاني العام الماضي، علناً في مؤتمر عُقد في العاصمة كابول. لكن الملا هيبة الله آخوند زادة، لم يظهر في وسائل الإعلام وما زال يعيش سراً ولا يرغب أن يرى أحد وجهه. ومن الأسباب الرئيسة وراء عدم رغبة قادة “طالبان” ومسؤوليها في إزالة أقنعتهم في الأماكن العامة هو الخوف من احتمالية استهدافهم من قبل منافسيهم ومعارضيهم، عدا عن احتمالية استهدافهم بطائرات بدون طيار أو هجمات انتحارية.
ويُعتقد أن صدر إبراهيم هو اليد اليمنى لزعيم طالبان، وتعيينه يهدف لتعزيز سلطة الأخير في وزارة الداخلية الأفغانية ولتقليل الأخطار والتهديدات المحتملة. وقد نشرت وزارة الداخلية مقاطع فيديو لكلمة صدر إبراهيم على حساباتها الرسمية. وقد يؤدي تعزيز سلطة صدر إبراهيم في وزارة الداخلية إلى تراجع قوة وسلطة سراج الدين حقاني وشبكته. ويبدو أن زعيم “طالبان” يفضل صدر إبراهيم على سراج الدين حقاني.
أعضاء شبكة حقاني المخيفة، هم المسؤولون عن العديد من الهجمات الانتحارية التفجيرية الدموية في عهد الحكومة الأفغانية السابقة، وعادة ما يستخدمون لقب “الخليفة” لسراج الدين حقاني. بهذه الطريقة كانوا يريدون إقناع الآخرين بإطاعة حقاني ضمن نظام طالبان. كما يعد سراج الدين حقاني أحد المنافسين الحقيقيين للملا هيبة الله آخوند زادة على قيادة الحركة وذلك بسبب امتلاكه القوات العسكرية وإحدى أهم الفرق الانتحارية في أفغانستان.