
كارول سلوم.
خاص رأي سياسي …
ما يسجل من مواقف وردود فعل على قرارات الحكومة الأخيرة بشأن زيادة رواتب القطاع العام ، لا يوحي بأن الملف اقفل نهائيا أو أن الأمور هدأت على جبهة مطالب هذه الفئة، فلا يزال المعنيون به ولا سيما الموظفون على رفضهم تلك الزيادات التي ما أن ” تعطى في يد حتى تؤخذ من الأخرى ” أو لأنها غير قادرة على تلبية متطلبات الواقع المعيشي الصعب .
بالنسبة إلى الحكومة فإن أقصى ما وصلت إليه هو هذا المقدار من الزيادة بعد أن اقرت منذ أشهر أيضا زبادة براتبين ، أما من شملهم القرار فلا يجد نفسه مسرورا بها حتى وأن تقاضى راتبا ب ٣٠ مليون ليرة لبنانية شهريا. فالمسألة تتعلق بتآكل الرواتب ومواصلة غلاء الأسعار والمواصلات وغير ذلك دون إغفال التوقعات برفع سعر الصرف .
في الاجتماعات التنسيقية التي شارك فيها منسقون من روابط القطاع العام ، ترددت عبارة الرغبة في استمرار الاضراب أكثر من مرة ، وبالتالي بدا وكأن المسألة لم تحل بشكل كامل وإن إدارات الدولة على موعد جديد مع بقائها ” خارج الخدمة ” .
وفي المعلومات المتوافرة ل ” رأي سياسي ” فإن نصائح أسديت لرابطة موظفي القطاع العام من أجل الالتحاق بالوظائف وعدم المساهمة في تعطيل إيرادات الدولة التي من خلالها يمكن تغطية الجزء الأكبر من الرواتب ، كما أن خسارة بدل النقل اليومي قد تكون له انعكاساته .لكن المسؤولين في هذه الروابط اعتبروا أنه كان يجب إعطاء الحقوق كاملة من دون أي تباطوء، معتبرين أن الحكومة لم تحقق إنجازا في ما فعلته . وهذا هو لسان حال العسكريين المتقاعدين وغيرهم من الفئات التي تعتبر أن هذه الحلول غير شاملة..
نائب رئيس رابطة موظفي الأدارة العامة وليد جعجع يرى أن مقررات الحكومة الأخيرة غير سليمة لأنها جاءت من دون دراسة مالية علمية تتصل بضمان استمرار حقوق الموظفين كما أنها غير كافية لتأمين متطلباتهم اليومية ، مشيرا إلى أن غياب أي خطة شاملة بشأن هذا الملف له محاذيره ، لافتاً الى أن أي ارتفاع في سعر صرف الدولار يؤدي حكما إلى زوال الراتب والزيادات وغيرها ان لم نقل تبخرها.
و فيما لم تقفل الروابط الباب أمام أي تفاوض محتمل مع المسؤولين ، رأت أوساط مراقبة ان هناك إشكالية تتعلق بعدم قدرة الحكومة على مواصلة صرف زيادات وتحميل الخزينة أعباء إضافية ، وفي الوقت نفسه فإن هذه الزيادات لا تشكل الحل المثالي لمطالب العاملين في القطاع العام الذين فقدوا ثمانين في المئة من قيمة رواتبهم وبالتالي بات اللجوء إلى الإضراب هو السبيل الوحيد لرفع الصوت ورفض الانتقاص من مطالبهم .
وفي حديث لموقعنا ، يشير الباحث في الدولية المعلومات محمد شمس الدين إلى أن الزيادات التي أقرتها الحكومة مؤخرا للعاملين في القطاع العام هي عبارة عن “كل راتب يتقاضاه مقابله أربعة رواتب” . وتم رفع بدل النقل اليومي إلى ٤٥٠ الف ليرة . ويقول أن هذا الإجراء يحقق جزءا مما يطالب به العاملون في القطاع العام ولكن لا يعيد القدرة الشرائية إلى رواتبهم . واستطرد “لنفترض ان راتب الموظف ٣ ملايين ليرة فأصبح يتقاضى اليوم ١٧ او ١٨ مليون ليرة أو ٢٠ مليون وبدل نقل ١٠ ملايين ليرة اي أنه ينال في الشهر ما مجموعه ٣٠ مليون ليرة اي عبارة عن ٣٠٠ دولار ، في حين كان يحصل على راتب شهري ٢٠٠٠ دولار قبل الأزمة” ، مضيفا : لا نزال بعيدين عن إعادة جزء مما فقدته الليرة اللبنانية والرواتب والأجور.
ويشدد شمس الدين على أن الزيادات الجديدة مرهقة للدولة مشككاً في قدرتها على تأمين الإيرادات المناسبة وبالتالي سيتم اللجوء حكما إلى طباعة المزيد من الأوراق النقدية ما يؤدي إلى التضخم وتراجع قيمة الليرة اللبنانية .
و جاء البيان الأخير للهيئة الإدارية لموظفي الإدارة العامة ليؤكد ان مقررات الحكومة مرفوضة دون إقفال باب الحوار على اعتبار ان التوقف عن الحضور إلى الإدارات العامة حدد لغاية الخامس من أيار المقبل، ولم يكن التحرك مفتوحا . لكن بالنسية إلى المراقبين فإن ما كتب قد كتب بشأن هذه المقررات ، ما يدفع إلى التساؤل ما إذا كان العاملون سيذعنون للأمر الواقع أم اتهم سيصعدون وعندها تكون التبعات وخيمة على أكثر من صعيد؟
وحدها الأيام المقبلة تأتي بالجواب اليقين .