أبرزرأي

رفع الدولار الجمركي غير مدروس.. استعدوا للغلاء

 لينا الحصري زيلع.

 خاص راي سياسي…

للمرة الثالثة على التوالي وفي غضون اشهر قليلة وتحديدا منذ بداية شباط الماضي، تقرر الحكومة اللبنانية رفع الدولار الجمركي من 45 الف ليرة الى 60 الف، على ان يتم رفعه منذ مطلع أيار المقبل ليصبح موازيا لسعر منصة صيرفة، علما انه حتى الامس القريب كان الدولار الجمركي يُحتسب على سعر 1500 ليرة، واستيعاب الزيادة استغرقت اشهرا، بينما الزيادات الراهنة أتت بشكل سريع.

الحكومة بررت ذلك لتغطية زيادة رواتب القطاع العام، بينما الحقيقة ان هذا الاجراء من شانه زيادة الاثقال التي يتحملها المواطن لا سيما انه يترافق مع انعدام وضع رؤية استراتيجية متكاملة على المدى القصير والمتوسط والطويل.

 وحول صوابية قرار الحكومة وتداعياته يقول رئيس غرفة التجارة والصناعة في طرابلس والشمال توفيق دبوسي ل”راي سياسي” :”مع تقديرنا واحترامنا للإدارة في لبنان فان الأوطان لا يمكن تحديد رؤيتها على أساس “القطعة”، بل تبنى من خلال وضع خطة استراتيجية تُدرس فيها كل الملفات الاقتصادية والوطنية والاجتماعية والإنسانية، لذلك  ليس من المعقول اتخاذ قرارات ارتجالية لأننا نريد تامين أموال لزيادة الرواتب”.

واعتبر “بان الأوطان تبنى بالاستثمارات، خصوصا ان للبنان موقعا جغرافيا مميزا في منطقة الشرق المتوسط، وهذا الامر يحتم علينا البحث عن المشاريع الاستثمارية لإدخال إيرادات، فالمنطقة تحتاج الينا من اجل خدمة الاقتصادات  بين الشرق والغرب ومن شأن ذلك ان ينعكس إيجابا لما فيه مصلحة لبنان وشعبه”، واصفاً قرار الحكومة رفع الدولار الجمركي وزيادة الضرائب والرواتب بانها ارتجالية، ولا تحاكي تطلعاتنا، كوننا نمثل المصالح العليا للقطاع الخاص وشركاء حقيقيين، كما انه لا يمكننا العيش من دون دولة وإدارة وما يحصل ليس سوى “تخبيص بتخبيص” .

ولفت الى ضرورة ان تتأكد الحكومة بانه لم يعد بإستطاعة الشعب ان يتحمل ما يحصل، خصوصا وان الإدارة غير ممسوكة، وما يحصل هو زيادة في الفساد، وفي الوقت نفسه لا يمكن تحقيق النتائج المرجوة من خلال رفع رسم الدولار الجمركي، فكل الإجراءات والقرارات التي تتخذ من كافة المواقع هي ارتجالية ولا تليق بإدارة وطن.

وعن دور الهيئات الاقتصادية ، أشار دبوسي الى ان “جزءا من أعضاء الهيئات يتصرفون حسب  انتماءاتهم السياسية ومصالحهم، مما يعني ان اهداف البعض تصب حسب المصالح الضيقة وتحقيق مكاسب مادية ومعنوية ومراكز وزارية،  وللأسف فإننا بذلك لن نكون بمستوى بناء وطن والتفكير بأمنه واستقراره وازدهاره”  .

سليم الزعني

وعن تداعيات رفع الدولار الجمركي على القطاع الصناعي ، يعتبر رئيس جمعية الصناعيين سليم الزعني ل”راي سياسي” بانه سيكون له تأثيرات عدة، واولها الارتفاع الذي سيطال مجمل الأسعار المرتبطة بشكل مباشر بالمستهلك اللبناني وهو من سيدفع ثمن قرار الحكومة ، مشيرا الى “صعوبة من قبل التجار والصناعيين والمستوردين لتأمين الأموال من اجل دفعها للدولة اللبنانية، وعندما تفرض بان تطال الضريبة على القيمة المضافة الصناعي عند الاستيراد على سعر 60 الف يعني كأنها تقول له لم يعد بإمكانك التصدير، وعليك البحث عن بلد اخر لكي تعتمده لصناعاتك، علما ان الضريبة على القيمة المضافة يتم استردادها من الدولة عند التصدير، ولكن اذا استوفيت من الصناعي في المرفأ،  يعني انه لم يعد بالإمكان استردادها الا بعد اشهر عدة ، وقد تتخطى مدة الاستيفاء السنة، خصوصا اننا في ظروف غير مستقرة او طبيعية في ظل سعر دولار وسعر منصة صيرفة لا  حدود لهما، وهذا الامر سيؤدي حتما الى عدم تمكن الصناعي من ادخال الدولار الى البلد.”

وكشف رئيس جمعية الصناعيين عن مشاورات واتصالات تجري حاليا، لإيجاد حل منطقي لقرار الحكومة، مشيرا الى ان كل المواد الصناعية الأساسية، ستتأثر بشكل من الاشكال بالإجراء المتخذ، خصوصا انه سيتم دفع رسوم اعلى على الجمارك وكذلك على TVAالذي سيتحملها المستهلك.

 وحول ما اذا كان القرار سيعزز دور القطاع الصناعي، نفى الزعني ذلك، معتبرا ان الطريقة الأمثل لتعزيز الصناعة المحلية  واستبدالها بالاستيراد هي تشجيعها، ومنحها حوافز ورفع الرسوم عنها كي تستطيع ان تدخل الى أسواق المضاربة داخليا وخارجيا ، متمنيا من الدولة اللبنانية تسهيل عمل الصناعيين، وعدم عرقلته وتشجيعهم لفتح مصانع جديدة في لبنان، وتحفيزهم لإنشاء فروع عدة بدول أخرى.

وشدد الزعني انه على الحكومة عدم اتخاذ مثل هكذا قرار في هذه المرحلة الصعبة، والعمل لإيجاد طرق عديدة أخرى لتمويل رواتب القطاع العام. وختم بان جمعية الصناعيين هي مع انصاف موظفي القطاع العام، ولكن زيادة الرواتب لن تنفع اذا كانت ستقابلها ضرائب ورسوم، بل ستدفع خطوة الحكومة هذه الى زيادة في التضخم.

   بدوره يقول الخبير الاقتصادي الدكتور جاسم عجاقة لموقعنا “ان رفع الدولار الجمركي سيرفع الأسعار ومداخيل الدولة، ولكن سيزيد التهريب عبر المعابر والحدود مع عدم وجود القدرة على ضبطها، لذلك فان المشكلة الأساسية هي ان الأرقام الموضوعة على الورق لن تتحقق، فالتهريب واضح ان من خلال دخول البضائع الى لبنان او خروجها منه، لذلك فان ما تم اتخاذه سيؤدي الى زيادة في التضخم بشكل مباشر وطبع للعملة.”

وتخوف عجاقة من ان يقوم بعض التجار بإخفاء بعض المواد الغذائية حاليا، للاستفادة من زيادة أسعارها بدءا من اول ايار عند احتساب الدولار الجمركي على سعر منصة صيرفة.

 وفي المحصلة، فانه من غير الجائز ان يستمر المواطن يدفع ثمن سياسات الدولة غير المدروسة، والتي دأبت على اعتماد الحلول الترقيعية من خلال إعطاء الموظف بيد والاخذ منه باليد الأخرى…

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى