رأي

رغم تصدر حزبه في ولاية براندنبورغ ـ حكومة شولتس تحت الضغط!

كتب زابينه كينكارتس, في “DW”:

فوز الحزب الاشتراكي في انتخابات ولاية براندنبورغ منحت المستشار أولاف شولتس فترة استراحة لتنفس الصعداء وإعادة ترتيب أوراقه. لكن لماذا تعتبر نتائج تلك الانتخابات بمثابة قنبلة موقوته لحكومة شولتس ويمكن أن تطيح بها؟

أعرب المستشار أولاف شولتس عن ارتياحه وسعادته بنتائج الانتخابات البرلمانية في ولاية براندنبورغبالقول “إنها نتيجة رائعة، رائعة جدا بالنسبة للحزب الاشتراكي الديمقراطي، ولنا جميعا”.

صحيح أن ولاية براندنبورغ صغيرة نسبيا وعدد الناخبين فيها حوالي 2,1 مليون ناخب، وهي واحدة من 16 ولاية، لكن بعد الخسارة الفادحة في انتخابات ولايتي ساكسونيا وتورينغن في الأول من أيلول/ سبتمبر، استطاع الحزب الاشتراكي الديمقراطي تحسين موقعه لدى الناخبين وتحقيق الفوز والحصول على المزيد من الأصوات مقارنة بالانتخابات السابقة وتعزيز موقعه في الولاية.

ففي بداية هذا العام 2024 كانت الاستطلاعات تشير إلى أنه سيحصل على 17 بالمائة من أصوات الناخبين، لكنه حصل على 31 بالمائة تقريبا من الأصوات. وتحقيق مثل هذه النتيجة هو حلم للمستشار أولاف شولتس، حين يفكر في الانتخابات التشريعية القادمة في ألمانيا خريف عام 2025.

وقال شولتس إن نتائج الانتخابات هي “تفويض وإشارة” له ولحزبه الاشتراكي الديمقراطي، وأضاف “إن الأمر يستحق الكفاح، من الضروري أن نبقى متحدين ومركزين، وهذا هو ما سنفعله في الانتخابات التشريعية الاتحادية (البوندستاغ) العام القادم”.

هزيمة ثقيلة للخضر والليبراليين

لكن التحدي الأكبر الذي سيواجه شولتس الآن هو الحفاظ على ائتلافه الحكومي مع حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي)، وهذا ليس سهلا بعد نتائج الانتخابات، إذ تعرض الحزبان لهزيمة ساحقة في براندنبورغ وهما الآن خارج برلمان الولاية.

فقد حقق حزب الخضر 4,1 بالمائة، أما الحزب الليبرالي أقل من واحد بالمائة. وهناك، كما حدث في تورينغن وساكسونيا، لم يعد الحزب الليبرالي يشكل أي أهمية سياسية في تلك الولايات.

“يشعر الناس أنه لا يتم الاستماع إليهم، حتى منا نحن الخضر أيضا” قالت ريكاردا لانغ، الرئيسة المشتركة لحزب الخضر، في تحليلها لنتائج انتخابات براندنبورغ، وأضافت بأن على حزبها “أن يصبح أقرب إلى الناس وواقع الحياة في شرقي ألمانيا”.

في حين حمل الحزب الليبرالي مرة أخرى هزيمته الانتخابية للحكومة الاتحادية الائتلافية في برلين. وعبر نائب رئيس الحزب، فولفغانغ كوبيكي، عن غضبه من النتائج بوصفها “سامة” وكرر دعوته لخروج حزبه من الائتلاف الحكومي مع الاشتراكيين والخضر، وقال “لا أعتقد أنه بهذا الأداء سيصل الائتلاف الحكومي إلى أعياد الميلاد”.

إنذار أخير من الليبراليين!

بعد ثلاثة أعوام على تشكيل ائتلاف إشارة المرور، تقريبا لم يعد هناك شيء يجمع الحزبين ذي التوجه اليساري، الاشتراكي والخضر، مع الحزب الليبرالي. وصرح الرئيس المشترك لحزب الخضر، أوميد نوري بور، بعد الانتخابات بأنه دائما كان يردد أن على الاشتراكيين والخضر والليبراليين أن يضعوا حدا لخلافاتهم في الحكومة الاتحادية، لكنه لا يتوقع الكثير الآن، وقال “لم أعد اصدق ذلك”، وصحيح أن العمل سيستمر، و”هذا كل شيء” لكن قلبه لم يعد معلقا بالائتلاف الحكومي.

نسبة الناخبين الراضين عن أداء الحكومة الاتحادية لا يتجاوز 20 بالمائة، والقضايا السياسية الاتحادية مثل الاقتصاد المتعثر وقبل كل شيء الهجرة، هي التي حددت الحملة الانتخابية في براندنبورغ.

“الهجرة والنجاح الاقتصادي لهذا البلد (ألمانيا) وسياسة مالية موجهة نحو الاستقرار مع أولويات جريئة، هذه هي القضايا التي يجب توضيحها خلال هذا الخريف” قال وزير المالية ورئيس الحزب الليبرالي، كريستيان ليندنربعد يوم من انتخابات براندنبورغ.

وبدوره تحدث الأمين العام للحزب الليبرالي، بيجان جير ساراي، عن “خريف القرارات” وقال “سيتم قياس (تقييم) الائتلاف الحكومي من خلال هذه القضايا، ونحن أيضا في الحزب الليبرالي نقيس الحكومة من خلال هذه القضايا”.

تحذير من الحزب الاشتراكي

تنتظر الائتلاف الحكومي أوقات صعبة، وقد حذر الرئيس المشارك للحزب الاشتراكي الديمقراطي، لارس كلينغبايل قائلا “لقد تم انتخابنا وهناك عمل يجب أن ننجزه في هذا البلد. آمل ألا يفقد أحد قواه أمام هذه التحديات الصعبة، التي لا شك فيها وألا يفكر أحد في الائتلاف بالهروب من المسؤولية”.

ويرى كلينغبايل أن الأحزاب أيضا تتحمل المسؤولية وبالدرجة الأولى في الكفاح ضد حزب “البديل” اليميني الشعبوي. وتجدر الإشارة إلى أن حزب “البديل” اليميني الشعبوي قد حل في المرتبة الثانية بحصوله 29,2 بالمائة من أصوات الناخبين في براندنبورغ.

وقالت الرئيسة المشاركة لحزب “البديل”، أليس فايدل، بعد الانتخابات “نحن راضون جدا عن هذه النتيجة”. واستطاع حزبها تحقيق النجاح خصوصا بين الشباب والحصول على نسبة كبيرة من أصواتهم.

وهذا يظهر أن حزبها هو “حزب المستقبل” حسب فايدل، التي قالت بالإشارة إلى الانتخابات التشريعية القادمة في ألمانيا “اعتقد أننا على الطريق الصحيح، يجب أن نحافظ على سياستنا (توجهنا)”.

تراجع شعبية المستشار شولتس بشكل غير مسبوق

في براندنبورغ اعتمد مرشح الحزب الاشتراكي ورئيس وزراء الولاية، ديتمار فويدكه، مبدأ “أنا أو حزب البديل”، حيث أعلن قبل الانتخابات بأنه لن يبقى في منصبه إذا لم يفز حزبه بالمركز الأول في الانتخابات، وقد نجح هذا المبدأ ومخاطرة فويدكه في التفوق على حزب البديل، الذي حل ثانيا.

لكن هذا المبدأ لن ينفع الحزب الاشتراكي الديمقراطي، على المستوى الاتحادي. فالمستشار أولاف شولتس قد تراجعت شعبيته بشكل غير مسبوق مع أي مستشار قبله. ولذلك هناك جدل في الحزب الاشتراكي حول ما إذا كان شولتس هو المرشح الصحيح لانتخابات البوندستاغ 2025.

لكن قيادة الحزب لا تريد الخوض في ذلك، فهي تخاف من نزاع وفوضى في صفوف الحزب. وأكد الرئيس المشارك للحزب، لارس كلينغبايل، ذلك بقوله “تعرفون تصريحاتي، تعرفون التصريحات الواضحة لساسكيا إسكن (الرئيسة المشاركة للحزب) والآخرين: نريد المشاركة في انتخابات البوندستاغ مع أولاف شولتس، ونحن واضحون جدا في هذا الشأن”.

الاتحاد المسيحي الديمقراطي خلف حزب فاغنكنيشت!

بعد الفوز في انتخابات براندنبورغ، أعلن فويدكه أيضا تأييده للمستشار أولاف شولتس، رغم أنه خلال حملته الانتخابية نأى بنفسه عنه. لكن رغم الفوز لن يكون الاشتراكيون الديمقراطيون راضين عن نتائج انتخابات براندنبورغ، علق رئيس حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، فريدريش ميرتس، وقال “على العكس، حقق الحزب الاشتراكي ذلك وبصراحة ضد الائتلاف (الحكومي) وبصراحة ضد المستشار، الذي لم يكن مرغوبا فيه في هذه الانتخابات”.

لكن حزب ميرتس أيضا لا يمكن أن يكون راضيا عن نتيجته في انتخابات براندنبورغ، حيث حل في المركز الرابع خلف حزب ساره فاغنكنيشت، الذي حصل على 13,5 بالمائة من أصوات الناخبين، والاتحاد المسيحي على 12,1 بالمائة. وهذه أسوأ نتيجة له في ولاية براندنبورغ منذ توحيد ألمانيا عام 1990.

وبعد يوم حاولت قيادة الحزب التقليل من شأن الانتخابات، وأكثر من ذلك حاولت القيادة في برلين التركيز علىتسمية فريدريش ميرتس بشكل رسمي من قبل هيئات الاتحاد المسيحي (حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري) كمرشح مشترك لمنصب المستشار في الانتخابات التشريعية العام القادم.

وكان الاتحاد المسيحي قد حسم أمر مرشحه ميرتس وبشكل مفاجئ قبل وقت قصير من انتخابات براندنبورغ، ويبدو أنه كان قرارا ذكيا. فلو أن الأمر لم يحسم، لكانت مسألة ترشيح ميرتس وفيما إذا كان الشخص المناسب، مثار جدل جديد بعد النتيجة المخيبة في انتخابات براندنبورغ.

وهكذا بقي الأمين العام لحزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، كارتسن لينمان، مرتاحا في ليلة الانتخابات، وقال “إنها هزيمة اليوم في براندنبورغ، واضح تماما، ولا أريد أن أحوم حول ذلك، مبروك للحزب الاشتراكي الديمقراطي”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى