رأي

ردود أفعال أطباء التجميل!

كتب محمد ناصر العطوان في الراي.

يقول تاريخ المكياج إن مساحيق الزينة بدأت من أجل إظهار الملامح وإبرازها، ثم تطور الأمر في العصر الحديث حتى وصل لإخفاء الملامح أو قطعها، والسبب في ذلك أن فلسفة العصور القديمة في الجمال كانت ترتكز على أن «الطبيعي أجمل»، بينما فلسفة الجمال في العصر الحديث ترتكز على أن «معايير الجمال» موحدة، وتتجه إلى الواحدية، ولا مجال لتنوع الطبيعي وثنائياته، واستثناءاته، فلنعمل على إخفاء المختلف وقطع العيوب.

ولأن الإنسان مغترب عن ذاته، وواقعه، في عصر الانفتاح الجنوني على كل شيء، فبات يضع المكياج من أجل الإخفاء وتدارك «العيوب» التي أفرزتها فكرة المعايير الموحدة في المجلات والسوشيال ميديا والأفلام والمسلسلات والصحافة النسائية، وحتى في برجك اليوم.
فظهرت بين النساء حالات إخفاء ملامح بالمكياج، وصولاً إلى المؤسسات فالثقافة والهوية والأدوار الاجتماعية.

وتفجرت الظاهرة، ثم أصبحت هي الطبيعي والعادي والبدهي، توغلت وتغولت الظاهرة حتى أصبحت سلوكاً لا يتم التأمل فيه.

المكياج الذي يُخفي الملامح الحقيقية حولك في كل مكان وليس على وجوه النساء فقط.

وآخر مراحل المكياج هي أولى مراحل التجميل… والتجميل هو أعلى مراحل غربة الإنسان عن ذاته، وتحويله إلى مادة قابلة للتشكيل من جديد وفق «معايير الجمال» المتفق عليها من الشركات العابرة للقارات.

وفجأة وبعد أن نفخوا الناس وشفطوا، وبعد أن زرعوا وقطعوا، وعدلوا أنوفهم وأفواههم ورقابهم ومقدماتهم وأخيراًتهم، ظهرت مجموعة من النواب الأفاضل باقتراح من أجل «تقنين» الممارسة من خلال لجنة، فكانت ردود أفعال أطباء التجميل مضادة للاتجاه، ليقسموا بأغلظ الإيمان أنهم يمارسون التجميل وفق ضوابط وللمُحتاجين فقط، وأنه ليس من حق أحد أن يحجر على حرية أحد، وأن السادة النواب قد تركوا مشاكل البلد والتفتوا للتجميل… وهكذا، إلى أن انتهت وصلة «الردح» بين المؤيدين والمعارضين وهدأت العاصفة، وعاد كل طبيب لعيادته، والنواب لمكاتبهم، وتبقت الدراسات الأكاديمية التي تقول إن هناك ازدياداً في عمليات تجميل الأنف وشفط الدهون، لدرجة أن 70 في المئة من الكويتيين قاموا بعمليات تجميلية لا حاجة لهم بها، وهذا الأمر لا ينحصر فقط بالمرأة بل إن نسبة 30 في المئة من الرجال قاموا بعمليات تجميلية باللجوء لها من دون الحاجة الماسة لذلك.

وتبقى لنا أيضاً أن «90 في المئة من الكويتيات غير راضيات عن أشكالهن وأجسامهن بعد اجرائهن عمليات تجميل». وأن كل ما لم يُذكر فيه اسم الله… أبتر.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى