أبرزرأي

“رأي سياسي” يضيء على ظاهرة البعد عن الدين..فما هي الاسباب؟

لينا الحصري زيلع

خاص رأي سياسي

في وسط الانشغالات الدنيوية لتأمين الاحتياجات اليومية الأساسية، لم يعد التقرب الى الله من الأولويات عند فئة كبيرة من الأشخاص، حيث باتت الاهتمامات تنصب على أمور ثانوية ، وما زاد من الطين بلة انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، والتطور الكبير الذي يشهده عالم التكنولوجيا الذي ساهم في بعض من جوانبه، بالابتعاد عن القيّم والفرائض الدينية، إضافة الى بعض الصور المشوهة التي تعمد بعض الجهات على تصويرها ونسبها للدين، كما ان تدخل بعض رجال الدين في السياسة من خلال الخطب والعظات أدى الى نفور وتململ من قبل البعض للذهاب الى دور العبادة.
موقع “رأي سياسي” يضيء على أسباب البعد عن الدين الإسلامي والمسيحي خاصة لدى الشباب، فيقول رئيس كلية الدعوة الجامعية الإسلامية السابق الشيخ الدكتور احمد كنعان عن هذا الموضوع: ” مما لا شك فيه ان مرحلة الشباب من حياة الانسان هي المرحلة الأخطر والادق، باعتبارها بداية التكليف الشرعي ونشوة العمر وحدته، لهذا اهتم المصلحون بالشباب برعاية شؤونهم وتوجيه سلوكهم، وتقويم انحرافهم ووقاية اخلاقهم ليعيشوا حياة سعيدة مستقرة ، وللاسف باتوا الشباب في عصرنا مهملون مضيعون، مغشوشون مضللون، تتخطفهم العقائد الفاشلة، وتتجاذبهم التيارات الفاسدة، حيث لم يعد لدى غالبيتهم مرشد يوجههم نحو هدف شريف، ولا قائد يقودهم صوب غاية حميدة، ولا حاكم يعطيهم جهده واهتمامه وعطفه وحنانه، لذلك فان الملاحظ ان اكثر الشباب هم في ضياع وفراغ وصراع، لا تمتد يد لنجدتهم يد، ولا تعالج ازماتهم، فهم باتوا يعانون من الفراغ الفكري. فالهدف الأساسي لديهم اصبح دينوي من اكمال الدراسة الجامعية، وتأمين عمل لائق ثم زواج وحياة رغيدة كريمة، ولكن هل هذا هو هدف الشاب المسلم؟ هل خُلق الانسان لتحقيق هذه الأمور فقط؟ فاذا كان هذا الهدف فما هو الفرق بينه وبين الملحد والمشرك والفاجر من اهل الأرض؟
ويعتبر الشيخ كنعان ان المسؤول عن الفراغ الفكري هم الاهل الذين لم يحسن البعض منهم اختيار المدارس لاولادهم، فكان جل همهم ان يتعلموا الأولاد اللغات الأجنبية، ويحصلوا على العلوم الدنيوية ، ونسوا ان الانسان بحاجة الى ان يملء فراغه الروحي وقلبه وفكره ، بثوابت ومبادئ وقواعد دينه وشرعه، الذي تجعله في هذه الحياة انسانا منتجا، وتجعله أيضا انسانا لا ينظر الى الحياة كمادة، بل كونه عنصر فعال يخدم مجتمعه وامته واهله.
ولفت الى ان الولد عندما يدخل الى المدرسة يتعلم منها حب الدنيا والعلوم، و يتلقى عبر وسائل الاعلام ما غرسوه في عقله من أفكار هدامة، من المسلسلات والأفلام، وبعض البرامج التي تعنون تحت الترفيهية، فنجده مع الوقت يتأقلم مع أفكار غريبة عن دينه ومجتمعه وفكره وثوابته، وتصبح ملازمة له يظنها انها من الثوابت التي يجب الالتزام بها.
من هنا، يدعو الدكتور كنعان الى إعادة النظر وبسرعة في تكوين الشباب الذين هم عماد الائمة، وأساس المجتمع البشري فان صلحوا صلح المجتمع، وان فسدوا كان المجتمع فاسدا، وأشار الى ان الإسلام نظر الى الشباب بانهم درر المجتمع وجواهره الثمينة، لانهم اكثر فئات حبا للتضحية، ويلفت الى ان كل جيوش العالم كانت عبر التاريخ من فئة الشباب، الذين تقع على عاتقهم نقل التراث والامجاد من الإباء الى الاحفاد، معتبرا انه اذا افلست الأمة من شبابها فقدت وجودها.
ويذكّر كيف ان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان يولي الشباب عنايته واهتمامه، كما انه بشر الشاب الذي ينشأ في طاعة الله بانه سيكون يوم القيامة امنا في ظل عرشه الظليل.
واكد الشيخ كنعان بان ما نراه من ابتعاد الشباب عن الدين وعن القيّم والأخلاق في مجتمعنا الحالي، سببه الفراغ الفكري والغزو الثقافي والإعلامي للعقول ، بإبعادهم عن قّيمهم ودينهم ومعتقداتهم ، مما يجعل اصطياده من أعداء الامة سهلا.
وشدد على وجوب ان يكون الاعلام هادفا يوجه الشباب والشابات، نحو مكارم الاخلاق ويدلهم على الثوابت والحقائق ، داعيا رجال الدين الى تركيز عملهم نحو الشباب لانهم هم ركيزة المجتمع.

الاب اسكندر

من ناحيته يقول الاب الدكتور حنا اسكندر عن موضوع ابتعاد الشباب عن الدين لموقعنا :”لقد اثبت العلم حاليا ان الانسان بطبيعته متدين، وهو يتجه نحو التأكيد بوجود الله وعدم النكران له، كما ان كبار العلماء باتوا يعترفون ان هناك قوة كبيرة هي التي تحرك الكون”.
واشار الى ان الانسان مكون من روح وجسد، ويمكن لهذا الانسان ان يُلحد لأسباب عدة، ومنها عندما يتوجه الانسان بعمله نحو الجسد ولم يعد يفكر بالروح، كما هناك الحاد عقلاني وعاطفي، اما اكثر الملحدين هم من يؤمنون بالله دون تطبيق تعاليمه.
ولفت الاب اسكندر الى ان بعض الافكار المنتشرة على شبكات التواصل الاجتماعي، وفي البرامج والمسلسلات التلفزيونية، وفي بعض الكتب تؤثر في الانسان بشكل مباشر وفي فئة الشباب خصوصا، وهذا الامر يؤدي الى ابتعادهم عن تطبيق التعاليم الدينية المسيحية.
ويؤكد ان على الاهل والمجتمع دورا أساسيا في ارشاد الأولاد نحو الدين، وبالتالي نحو الايمان بالله، ولكن يشير الى ان الاهل في وقتنا الحاضر وبسبب ضغوط الحياة باتوا يتلهون عن تثقيف أولادهم دينيا، وذلك بسبب انشغالاتهم لتأمين الأمور الدنيوية والحياة الكريمة لأولادهم، واصبحوا يركزون على التعليم والمظاهر الخارجية، التي باتت أولوية لدى معظم الاهل.
واسف الاب اسكندر الى نسبة المؤمنين الذين يلتزمون بممارسة الشعائر الدينية باتت ضئيلة وهي الى تراجع، حتى ان بعض رجال الدين اتجهوا الى الأمور السياسية ، وهذا ما نشهده من خلال العظات التي يجب ان تركز على الأمور الدينية، داعيا الى ضرورة وضع كل الطاقات الدينية في العبادة والتعاليم والتركيز على فئة الشباب، خصوصا اننا نلمس تراجعا على صعيد تقربهم من الله.
وفي الختام تخوف الاب اسكندر من استمرار تضليل الشباب لإبعادهم عن دينهم وقال:” للأسف فان موجة الحاد كبيرة تسجل في أوروبا حاليا، حيث باتت نسبة الفرنسيين الذين يمارسون طقوسهم الدينية المسيحية اقل من 1% .”

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى