رأي

“ديل” جبيل يَمتدّ إلى البقاع: ما مصير الفرزلي؟

كتبت ملاك عقيل في “اساس ميديا”:

ليل الثلاثاء الفائت حَسَم حزب الله اسم رائد برّو ليكون مرشّحه عن المقعد الشيعي في جبيل مستبقاً طلّة أمينه العام السيد حسن نصرالله “الانتخابية” أمس.

حصل ذلك بالتوافق التامّ مع جبران باسيل الذي كان يسوِّق لمرشّحه ربيع عوّاد رافضاً طرح حزب الله مرشّحاً حزبيّاً في جبيل كما فعل في الانتخابات الماضية من خلال تبنّي ترشيح ابن مقنة البقاعية الشيخ حسين زعيتر على لائحة منفصلة عن لائحة العونيين.

تكتيك المعركة المرتبك آنذاك ومفاجآت الأصوات التفضيلية قادا إلى خسارة زعيتر على لائحة جان لوي قرداحي على الرغم من نيله 9369 صوتاً تفضيلياً، وفوز مصطفى الحسيني على لائحة فريد هيكل الخازن بـ256 صوتاً تفضيلياً.

تذهب السيناريوهات العونيّة إلى حدّ الحديث عن حجز مقعد شيعي للتيار الوطني الحر، بالتوافق مع حزب الله وحركة أمل، في الجنوب

تختلف اليوم الصورة تماماً. التيار والحزب على لائحة واحدة، و”حصانهما” الشيعي مشترك على الرغم من هويّته الحزبية، ويسوّقان في مجالسهما لـ”لائحة قويّة” من كسروان إلى جبيل.

تَجمَع رائد برّو، رئيس بلدية عين الغويبة السابق، معرفة وثيقة بباسيل، وهو معروف بعلاقاته الجيّدة مع كلّ محيط جبيل ونوّابها، ويحظى باحترام كبير في المنطقة.

يمكن القول إنّه كان مرشّح الحزب منذ إقفال صناديق الاقتراع عام 2018، لكنّ الحزب آثر عدم كشف “ورقته” إلى حين التوافق مع باسيل على “خريطة الترشيحات” في المناطق على قاعدة “خذ وهات”.

لذلك طُرحت أسماء عديدة في الفترة الماضية كان يسوّق لها مسؤولو ومشايخ “المنطقة الخامسة” في حزب الله في دائرة كسروان- جبيل على أنّها ترشيحات من جانب القيادة الحزبية، لكنّها لم تكن كذلك. ومنهم علي برّو، المستشار السابق للوزير محمد فنيش والذي عمل أيضاً لفترة مستشاراً لباسيل في وزارة الطاقة، وأحمد هاني المقداد، وحسين همدر زوج أخت النائب نوار الساحلي، ومرشّح من آل صادق.

جرى التداول قبلها باسم فراس الحسيني نجل المرحوم النائب مصطفى الحسيني والمقرّب من سليمان فرنجية، لكنّ استبعاده أتى على خلفيّة التوافق على اختيار مرشّح حزبي للنيابة.

لذا قد يترشّح الحسيني على لائحة فريد هيكل الخازن، وهو ما يعني عدم موافقة فرنجية على “تسوية” جبيل، وبالتالي احتمال تكرار سيناريو خرق آل الحسيني في جبيل.

مرشّح للتيّار في النبطيّة؟!

لكنّ ما هو المقابل الذي يطلبه جبران باسيل بعد “ديل” جبيل؟

تذهب السيناريوهات العونيّة إلى حدّ الحديث عن حجز مقعد شيعي للتيار الوطني الحر، بالتوافق مع حزب الله وحركة أمل، في الجنوب.

هكذا يصبح مفهوماً تخصيص قناة “OTV” تقريراً انتخابياً عن احتمالات الخرق في دائرة الجنوب الثالثة التي تضمّ النبطية (3 شيعة) وبنت جبيل (3 شيعة) ومرجعيون-حاصبيا (2 شيعة-أرثوذكسي-سنّيّ-درزيّ).

عام 2018 تنافست ستّ لوائح في الدائرة، لكنّ لائحة تحالف حزب الله وأمل والحزب القومي حصدت كلّ المقاعد الـ11 إثر نيلها أكثر من 193 ألف صوت، فيما نالت لائحة تحالف التيار الوطني الحر وتيار المستقبل 17 ألف صوت.

يُطرح في هذا السياق اسم المحامي خالد مكّي الذي برز في الاستطلاعات الداخلية التي أجراها التيار أخيراً. وهو مسؤول منطقة النبطية، وافتتح مكتب التيار في القضاء في عزّ الحساسيّات والخلاف مع حركة أمل، وينتمي إلى التيار منذ أكثر من 15 عاماً مع بروفيل “غير استفزازي”.

وقد طرح إعلان النائب ياسين جابر أمس عدم ترشحه إلى الانتخابات النيابية علامات استفهام حول المرشح الذي سيتبناه الثنائي الشيعي، وتحديداً حركة أمل، ليحلّ محل جابر على اللائحة إلى جانب نائبي القضاء محمد رعد وهاني القبيسي. وبعد التوافق مع الحزب والحركة لن يكون باسيل في وارد استفزاز الطرف الشيعي إلى حد ترشيح ممثل حزبي عنه داخل “قلعة الثنائي”.

لذلك يسعى الثنائي إلى رفع حصّته النيابية في بعلبك الهرمل، مع مخاطرة كبيرة تكمن في أنّ التركيز على المقعدين الماروني والكاثوليكي قد يخسّر اللائحة مقعداً شيعياً

معضلة أسعد حردان مجدّداً

أمّا أرثوذكسياً فترشيح أسعد حردان، بضغط سوري وطلب من برّي ودعم الحزب، ثابت في مرجعيون.

وفيما تفيد المعطيات أنّ باسيل يرفض هذا الواقع مطالباً بأن يكون المقعد من حصّته، فإنّ اتصالات تجري حاليّاً مع المرشّح الأرثوذكسي السابق على لائحة التيار في مرجعيون شادي مسعد للانضمام إلى لائحة من مستقلّين وقوى معارضة والحزب الشيوعي وطلال أرسلان تصبّ جهدها من أجل الفوز بحاصل انتخابي بالنظر إلى ضعف أسعد حردان. بالمقابل ترشِّح القوات فادي سلامة عن المقعد الأرثوذكسي.

الكاثوليكيّ أم المارونيّ في بعلبك؟

أمّا السيناريو الأكثر ترجيحاً، وبـ”بركة” الانصهار العوني-الأمليّ-الحزباللهي، فهو أن يخوض التيار انتخابات بعلبك-الهرمل بمرشّح عن المقعد الكاثوليكي مكان النائب ألبير منصور الذي قرّر عدم الترشّح. ويتردّد اسم روني نصرالله الذي لديه بطاقة حزبية من التيار الوطني الحر.

لكنّ الضبابيّة لا تزال تسيطر على الحسابات المسيحية في بعلبك-الهرمل على مستوى المقعدين: الماروني الذي يشغله القواتي أنطوان حبشي، والكاثوليكي (ألبير منصور).

فالقوات تخوض المعركة من دون حليفها تيار المستقبل الذي “اعتزل” السياسة والانتخابات. ويجري الحديث عن احتمال ترشيح حزب الله جورج قرداحي عن المقعد الماروني.

يُذكَر أنّ “الثنائيّ الشيعيّ” مع حلفائه يتمثّلون بثمانية نواب في الدائرة من أصل عشرة، فيما يعود المقعد الماروني لـ”القوات”، ويتمثّل “المستقبل” بالنائب بكر الحجيري.

لذلك يسعى الثنائي إلى رفع حصّته النيابية في بعلبك الهرمل، مع مخاطرة كبيرة تكمن في أنّ التركيز على المقعدين الماروني والكاثوليكي قد يخسّر اللائحة مقعداً شيعياً. مع العلم أنّ المرشّح الشيعي في لائحة “القوات” في الانتخابات السابقة كان يحيى شمص الذي نال 6,658 صوتاً تفضيلياً.

عقدة الفرزلي

الأهمّ أنّ حسابات بعلبك-الهرمل مرتبطة بالبقاع الغربي وبعقدة رفض “التيار البرتقالي” الوجود على لائحة واحدة مع إيلي الفرزلي.

التحالف في البقاع واضح المعالم: التيار، الثنائي الشيعي، حسن مراد، فيصل الداوود عبر شقيقه طارق الداوود.

بالتأكيد، يتأثّر هذا التحالف بمناخات معركة 2018 التي شكّلت نكسة كبيرة لتيار المستقبل بعدما نالت لائحة عبد الرحيم مراد ثلاثة من ستّة مقاعد (2 سنّة، شيعي، أرثوذكسي، ماروني، درزي).

حاز مراد الرقم الأعلى من الأصوات التفضيلية (15,111) مقابل حصول منافسيْه السنّيَّيْن محمد القرعاوي وزياد القادري معاً على 17,160 صوتاً تفضيلياً. سقط القادري يومها وفاز القرعاوي الحليف السابق لمراد في انتخابات 2009.

بترتيب الفائزين في الدائرة حلّ مراد أوّلاً، وتلاه وائل أبو فاعور، محمد نصرالله (مرشّح أمل عن المقعد الشيعي)، القرعاوي، إيلي الفرزلي (أرثوذكسي) وهنري شديد (ماروني).

هو تفصيلٌ أساسي يبني عليه اليوم الثنائي الشيعي والتيار حساباته لخوض المعركة المقبلة، فكيف مع غياب تيار المستقبل عن الواجهة واحتمال تعرُّض الحزب الاشتراكي لنكسة خسارة “مقعد وائل”، إضافة إلى تأثير تحالف وليد جنبلاط والقوات على التعاون الانتخابي مع القرعاوي؟

مع ذلك ليست عقدة باسيل-الفرزلي سهلة بعدما كان رئيس التيار قد وافق على مضض عام 2018 على ترشيح الفرزلي على اللائحة، وطرح عن المقعد الماروني اسم شربل مارون المحتمل أن يعيد ترشيحه في الانتخابات المقبلة. هذا ويتعاطى برّي مع ترشيح الفرزلي كما لو أنّه من نواب “الحركة”.

وكان الخلاف قد تعمّق أكثر بين الطرفين بعدما تموضع الفرزلي ضدّ جبهة العهد إثر خروجه من تكتّل لبنان القوي متلحّفاً حلفه الحديدي مع الرئيس نبيه برّي مع “تسلّل” علنيّ إلى بيت الوسط ودفاع مستميت عن سعد الحريري وقصف مركّز على جبران باسيل.

مع ذلك، يؤكّد مطّلعون أنّ عقدة الفرزلي “محلولة” والمشكلة تكمن بإصرار باسيل على ترشيح حزبي ماروني من التيار على اللائحة الأمر الذي يرفضه حسن مراد والثنائي الشيعي خوفاً من “تطفيش” الصوت السُنّي!

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى