كارول سلوم.
خاص رأي سياسي …
كما سائر القطاعات الأساسية تأثر القطاع الاستشفائي بالأزمة الحاصلة في البلاد ، وباتت معظم المستشفيات الخاصة والحكومية تعاني جراء هذه الأزمة، يضاف إليها مشكلة هجرة الأطباء والممرضين والممرضات التي تفاقمت بفعل ارتفاع سعر الصرف وتآكل الرواتب بالعملة اللبنانية .
وأمام هذا المشهد، يقر المعنيون باستفحال هذا الوضع ولم يتوان البعض منهم عن نعي القطاع والتلويح بإقفال مستشفيات كبرى.
في الوقت نفسه تقف المستشفيات الحكومية عاجزة أمام ما يجري لا حيلة لها ، فهي التي يفترض بها أن تعالج المرضى على حساب وزارة الصحة ، بسبب غياب الدعم الكبير لها في الوقت الذي تكشف فيه المعلومات عن تلقي المستشفيات الخاصة مساعدات مالية من جهات محلية ودولية ، الأمر الذي يطرح علامات استفهام عما إذا كان هذا الدعم يتم على حساب المستشفيات الحكومية التي لا تزال تناضل لمواجهة الأعباء ، ومؤخرا رفع موظفوها الصوت اعتراضاً على تدني رواتبهم وعلى عدم قدرتهم تغطية مناوبات صباحية ومسائية كما سجلت استقالات للبعض منهم.
وفي آخر المعلومات التي حصل عليها موقع ” رأي سياسي ” فإن موظفي مستشفيات حكومية في عدد من المناطق اللبنانية يقضون مناوبات متواصلة تفاديا لأي دوامات جديدة وإن مستشفيات أخرى لا تملك أية قدرة على إنجاز أبسط الأصلاحات ” تبديل لمبات انارة أو قساطل مياه ” وصيانة المعدات اواستقدام معدات جديدة .
ويطالب موظفو هذه المستشفيات بمساعدة شهرية بالدولار والستفادة من بطاقة دعم ورفع بدل النقل اليومي وقيمة المنح المدرسية ومعالجة التغطية الصحية للعاملين وعائلاتهم، على أن هذه المطالب لم تشق طريقها إلى التنفيذ .
توجهنا بسؤال الى المعنيين في وزارة الصحة، أجابت بانّ “المسألة تتصل بكيفية ترتيب مجلس إدارة كل مستشفى للواقع الاستشفائي فيه ،مؤكدة أن الوزارة جاهزة لبحث أي مشكلة لكن موازنتها “متقشفة” جداّ والمساعدات التي تصل من جهات خارجية ولاسيما دولية يُعمل على توزيعها كما يجب.
وفي احصاء حول عدد المؤسسات العامة التي تتولّى عمل المستشفيات الحكوميّة والعاملة فعليّاً لغاية نهاية العام 2022، 33 مستشفى، ويبلغ عدد العاملين فيها من مستخدمين ومتعاقدين وأجرّاء بشكل رسمي 3829 موظفاً، تقدّر قيمة رواتبهم الشهريّة في العام 2017 6 مليارات و238 مليون ليرة، أي بمعدّل 1.5 مليون لكل عامل.
ارتفعت هذه الأرقام نتيجة زيادات غلاء المعيشة والزيادة التي أعطيت إلى موظفي القطاع العام، ومن ضمنهم العاملين في المستشفيات الحكومية، ليقارب الـ 27.4 مليار ليرة شهرياً أي نحو 7.15 مليون ليرة لكل موظف، ما يوازي 112 دولاراً في الشهر، لدى احتساب سعر الصرف على أساس 64 ألف ليرة، مع الإشارة إلى أنّ هذه الزيادات لم يتقاضاها فعلاً العاملون في عددٍ كبيرٍ من هذه المستشفيات بسبب العجز المالي الذي تعاني منه هذه الأخيرة.
أما على صعيد الشغور في الكوادر البشرية، فتُقدّر نسبة الشغور بنحو 55.8%، إذ يبلغ العدد الكامل للملاك 8546 موظفاً.
ومن هنا يتبيّن أنّ عدداً من المستشفيات الحكوميّة تستعين بكوادر بشريّة إضافيّة، من خلال عقود خدمات، أو إشغال، أو بأشكال أخرى، ليبلغ عددها في مجموع المستشفيات الحكوميّة نحو 680 شخصاً إضافياً. والجدول التالي عبارة عن لائحة المستشفيات الحكومية العاملة حالياً، مع عدد العاملين في كل منها وعدد الوظائف ونسبة الشغور فيها.
ويقول عضو لجنة الصحة النيابية ونائب رئيس مجلس إدارة نقابة المستشفيات في لبنان الدكتور فادي علامة لموقع ” رأي سياسي “، إنّ معظم المساعدات اتت إلى المستشفيات في مرحلة مواجهة وباء كورونا ضمن خطة الاستجابة وهي شملت المستشفيات الحكومية وليست الخاصة، ويوضح أن هناك تركيزاً على دعم المستشفيات الحكومية وامدادها بالتجهيزات لأقسامها المختلفة وهناك عدة دول عربية واجنبية بادرت إلى هذا الأمر، على أن الأشكالية تكمن في انعدام وجود موازنات كافية فضلا عن غياب موازنة متخصصة لها ومصاريف تشغيلية تحتاج إلى تغطية.
ويرى أنه كما المستشفيات الخاصة ،المستشفيات الحكومية عانت من هجرة طاقمها الطبي والتمريضي، ويشير إلى أن المواطن نفسه لا يتردد كثيرا إلى المستشفيات الحكومية، داعيا من جهة ثانية إلى إجراء الحوكمة، وإعادة دراسة وضع بعض مجالس إداراتها لاسيما تلك التي تفتقر إلى الإنتاجية مع العلم أن هناك مستشفيات حكومية تعمل بشكل جيد، مشددا على ضرورة مشاركة القطاع الخاص ومن شأن ذلك ان يجعل الحكومية تنافس الخاصة .
ويؤكد على أهمية التغطية الصحية الشاملة قبل أي أمر آخر ،والتعاون بين القطاعين العام والخاص ورفد المستشفيات الحكومية بكل الإمكانات المتاحة..