صدى المجتمع

دراسة: فهم جديد… خلايا الجسم تتزامن مع بعضها كساعة البندول.

اكتشف باحثون من جامعة كوبنهاغن، خلال دراسة جديدة نشر بالمجلة الطبية المرموقة «Cell Systems»، أن الساعات القديمة والخلايا البشرية تشترك في شيء مركزي؛ هو أنها تتحرك في تزامن. وهذا يقوي أداء خلايانا ويجعلها أفضل في مكافحة الأمراض.

وهذه المعرفة الجديدة هي خطوة مهمة نحو فهم الأمراض كالسرطان والسكري والوقاية منها.

ففي عام 1655، اكتشف عالم الرياضيات الهولندي مخترع ساعة البندول كريستيان هيغنز، شيئًا غريبًا؛ وهو أنه إذا علقنا ساعتي بندول متطابقتين بجوار بعضهما البعض فستتم مزامنتهما دائمًا في غضون 30 دقيقة.

وأظهر البحث الجديد من معهد نيلز بور بجامعة كوبنهاغن، أن الظاهرة التي لوحظت في الساعات القديمة تنطبق أيضًا على خلايا جسم الإنسان؛ فعلى غرار الأوركسترا السيمفونية، تتزامن الخلايا مع بعضها البعض من أجل أداء المهام الحيوية لإنتاج الطاقة أو نقل الأكسجين أو محاربة الأمراض بشكل أكثر كفاءة.

وفي هذا، يقول الدكتور بوسدوك ماثياس هيلتبيرغ الذي ابتكر النماذج الفيزيائية والرياضية وهو وراء التجارب الجديدة جنبًا إلى جنب مع زميله البروفيسور موجينز هوغ جنسن وطالب الدكتوراه مالثي سكايت نيلسين «لقد اكتشفنا أنه بالطريقة نفسها التي تنبض بها ساعات البندول في تجارب (Huygens)، تعمل خلايا الجسم أيضًا بنبضات موحدة. وهذا يساعدها على تحقيق درجة أعلى من التعاون، ما يمكنها من أداء مهامها». مضيفا «ان المزيد من القوى الخارقة في الخلايا عند العمل معًا تترجم التذبذبات من الساعة إلى عالم الخلية، وتتوافق مع الزيادة والنقصان في كمية البروتينات والجزيئات الأخرى التي تنتجها الخلية بالتناوب أكثر أو أقل لأداء مهام مختلفة في الجسم»، وذلك وفق ما نشر موقع «ميديكال إكسبريس» الطبي المتخصص.

ولدراسة ما إذا كانت الخلايا ترفع إنتاجها صعودًا وهبوطًا مع بعضها البعض، ابتكر الباحثون تذبذبًا صناعيًا باستخدام جهازي إرسال مختلفين تم حقنهما في خلايا الخميرة. كان أحد أجهزة الإرسال عبارة عن كحول، والآخر كان جهاز إرسال يقلد العدوى ومن ثم يحفز الجهاز المناعي للخلية.

ويشرح موجينز «فحص الباحثون كيف يتقلب البروتين الفائق NF-kappa-B لأعلى ولأسفل. إذ يوجد هذا البروتين في معظم خلايا الجسم ويلعب دورًا رئيسيًا في عمليات لا حصر لها. منها، على سبيل المثال لا الحصر، البروتين الفائق المسؤول عن تنشيط جهاز المناعة وزيادة إنتاج نفسه عندما يتعرض الجسم لهجوم من البكتيريا.

وقد أظهرت الدراسة الجديدة أن تركيزات البروتين الفائق كانت أعلى في الخلايا عندما تعمل بشكل متزامن مما لو لم تعمل؛ وكانت لدينا فرضيتان مقدمًا فإما أن جهازي الإرسال اللذين يصدمان الخلية في نفس الوقت سوف يتسببان في فوضى كاملة حيث لم تعد تعمل. أو أن الخلية ستتحكم في نفسها بشكل أفضل وتزامن استجابتها وتعمل بالتوافق مع خلايا أخرى؛ وهو ما حدث».

ووفق باحثي الدراسة «فإن الاكتشاف الجديد مثير للاهتمام بشكل خاص لأن التقلبات في الخلية تلعب دورًا رئيسيًا في فهمنا لكيفية التحكم في الخلية. لكن الفهم الأكبر لهذه العمليات يمكن أن يمهد الطريق لطرق جديدة لعلاج الأمراض الخطيرة في المستقبل».

بدوره يقول نيلسين «إذا تمكنا من فهم التقلبات فسنعرف أيضًا المزيد عن الخطأ الذي يحدث عندما تؤدي العيوب في الخلايا إلى تعطل أنظمة التحكم في الجسم والتسبب في الإصابة بالسرطان أو مرض السكري. لذلك، تعتبر نتائجنا خطوة مهمة نحو فهم كيفية تحكم الجسم بخلاياه، حتى نتمكن لاحقًا من تطوير أدوات كيميائية حيوية يمكنها الوقاية من الأمراض».

وعلى الرغم من أن الباحثين أصبحوا أكثر حكمة الآن حول أصغر وحدات بناء الجسم، فلا يزال هناك الكثير مما لا نعرفه عن الحياة الداخلية للخلايا. فعلى سبيل المثال، لا يزال من غير المعروف بالضبط كيف تتواصل الخلايا مع بعضها البعض وتبدأ العمل.

ويخلص ماثياس الى القول «إنه حلمي الكبير أن أفهم كيف يمكن للخلايا، وهي كائنات حية بدون دماغ، أن تنقل وتترجم الإشارات وتنظم نفسها. هذا أحد أكبر الأسئلة في العلم؛ والذي خصصته حتى الآن لمعظم أبحاثي».

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى