رأي

خط الغاز نورد ستريم في قلب إعصار السياسة والحرب

كتب كريستوف هاسلباخ, قي “DW”:

قبل عامين، حدثت انفجارات تحت الماء في خطي الأنابيب نورد ستريم 1 و2 ما أدى إلى تعليق ضخ الغاز مؤقتا. وقبل أيام قليلة صدرت مذكرة اعتقال ألمانية بحق مشتبه به في تخريب الخط. فما قصة نورد ستريم؟

في 26 سبتمبر/ أيلول 2022، حدثت أربعة تسربات ضخمة للغاز سبقتها انفجارات تحت الماء بفارق ساعات في خطي الأنابيب نورد ستريم 1 و 2 اللذين يربطان روسيا بألمانيا وينقلان معظم الغاز الروسي إلى أوروبا عبر بحر البلطيق.

وقبل يومين، أصدر القضاء الألماني مذكرة توقيف  في حق أوكراني كان موجودا إبان صدور المذكرة في بولندا، لكنه غادرها مطلع يوليو/تموز الماضي عائدا إلى أوكرانيا.

وسلطت التطورات الأخيرة الأضواء على قصة نورد ستريم، فما أبرز محطات أكبر خط أنابيب يضخ الغاز الروسي إلى أوروبا؟

2005

ابرم المستشار الألماني في حينه غيرهارد شرودر إعلان نوايا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين  لبناء خط أنابيب أُطلق عليه اسم “نورد ستريم 1” بهدف نقل الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق مباشرة متجاوزا أوكرانيا.

ولم تكن فكرة تأسيس خط “نورد ستريم” وليدة اللحظة، بل تعود إلى تسعينيات القرن الماضي.

2006

جرى تأسيس شركة “نورد ستريم إيه جي” للشروع في مرحلتي التخطيط والتنفيذ مع شركات روسية أبرزها “غازبروم” المملوكة للدولة وأيضا عدد من شركات الطاقة الأوروبية؛ إذ أن ألمانيا لم تكن الدولة الأوروبية الوحيدة المهتمة بإمدادات الغاز.

2010

تدشين مرحلة إنشاء “نورد ستريم 1” وهو خط أنابيب مزدوج بطول 1224 كيلومترا يربط بلدة فيبورغ الواقعة شمال غرب روسيا من جهة بمدينة لوبمين الواقعة بولاية مكلنبورغ فوربومرن غرب ألمانيا من جهة أخرى.

2011 – 2012

مع بدء مرحلة الإنشاء، قال القائمون على نورد ستريم إن المشروع سيكون قادرا على تزويد أوروبا بالغاز لمدة 50 عاما على الأقل، فيما قدرت شركة “نورد ستريم إيه جي” فاتورة البناء بقرابة 7.4 مليار يورو أي ما يعادل 8.1 مليار دولار في الوقت الراهن.

ضم روسيا شبه جزيرة القرم

2013

بدء التخطيط لتنفيذ مشروع “نورد ستريم 2” وهو أنبوب مزدوج يتجاوز طوله 1250 كيلومترا سيتم تشغيله بالتوازي مع نورد ستريم 1.

2014

في مارس/آذار عام 2014، أقدمت روسيا على ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية بشكل غير قانوني. ورغم ذلك، قررت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في حينه المضي قدما في مشروع “نورد ستريم”.

2015

شهد عام 2015 توقيع أول عقود “نورد ستريم 2” بين شركة غازبروم وعدد من شركات الطاقة الأوروبية

تزايد الممانعة في واشنطن وبروكسل

2016

منذ طرح المشروع، أعربت أوكرانيا وبولندا ودول البلطيق عن تحفظات إزاء “نورد ستريم” بما في ذلك الإضرار بمصالحها الأمنية. وبعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم، تزايدت وتيرة التحفظات لتصل إلى مرحلة التعبير عن القلق بالتزامن مع خروج تحذيرات من قبل الاتحاد الأوروبي.

ولم تكن الولايات المتحدة بعيدة عن هذا السجال؛ إذ أعربت عن معارضتها للمشروع في أعقاب انتخاب دونالد ترامب رئيسا أمريكا الذي حذر في حينه ألمانيا من مغبة اعتمادها المفرط على إمدادات الطاقة الروسية.

ورغم ذلك، تجاهلت الحكومة الألمانية التحذيرات الأمريكية والتحفظات الأوروبية، مشددة على أن “نورد ستريم” لا يوفر فقط الحل الآمن لإمدادات الطاقة إلى أوروبا، لكنه يعد بمثابة أداة لتعزيز السلام في المنطقة انطلاقا من مفهوم “السلام من خلال التجارة”.

2018

بدأت أعمال البناء والتشييد لتنفيذ “نورد ستريم 2″، فيما أقرت ميركل للمرة الأولى بأن المشروع ليس خاصا بالقطاع الخاص، مشيرة في ذلك بقولها “يجب أيضا أخذ العوامل السياسية في الاعتبار”. ولم تكن ترى ميركل في حينه ضرورة تستدعي تعليق المشروع.

2019

ارتفعت وتيرة الانتقادات الأمريكية مع التلويح بالعقوبات، حيث كتب السفير الأمريكي في برلين آنذاك ريتشارد غرينيل، رسائل تهديد للشركات الألمانية المشاركة في نورد ستريم.

2021

تزامن اكتمال مشروع “نورد ستريم 2” مع بدء تولي المستشار الألماني أولاف شولتس زمام الأمور الذي أكد في حينه رفضه وقف المشروع لأسباب سياسية. ووصف نورد ستريم بأنه بمثابة “مشروع للقطاع الخاص” ينبغي تقييمه بشكل مستقل عن متغيرات العلاقات مع روسيا التي اتسمت بتوترات آنذاك.

غزو أوكرانيا يغير كل شي

2022

في الثاني والعشرين من فبراير/شباط عام 2022، قرر شولتس تعليق المصادقة على تشغيل “نورد ستريم 2” مع روسيا وذلك على خلفية اعتراف موسكو بمنطقتي لوغانسك ودونيتسك شرق أوكرانيا.

وبعد ذلك بيومين، بدأت روسيا توغلها العسكري في أراضي جارتها أوكرانيا مما صب في صالح مخاوف الأصوات التي انتقدت مشروع “نورد ستريم”. ورغم استمرار تدفق الغاز عبر “نورد ستريم 1″، إلا أن حجم الامدادات إلى الدول الأوروبية قد انخفض بسبب عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا.

في يوليو/أغسطس عام 2022، قررت روسيا إغلاق “نورد ستريم 1 ” لتنفيذ أعمال صيانة، حسبما أعلنت في حينه. وعلى وقع ذلك، استمر إرجاء تدفق الغار فيما ألقت شركة غازبروم اللوم في ذلك على أزمة التوربينات. وجرى لاحقا استئناف إمداد الغاز، لكن بشكل محدود.

وفي اواخرا أغسطس/آب عام 2022، جرى توقف إمدادات الغاز بشكل كامل فيما قال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في حينه إن تدفقات الغاز لن تستأنف إلا بعد رفع العقوبات المفروضة على روسيا.

تفجير “نورد ستريم”.. من المسؤول؟

في السادس والعشرين من سبتمبر/أيلول عام 2022، جرى رصد انفجارات قرب جزيرة بورنهولم بالدنمارك في بحر البلطيق، وبعد وقت قصير تم اكتشاف أربعة تسربات في ثلاثة من الأنابيب الأربعة لخطي “نورد ستريم”.

وعلى إثر ذلك، شرعت كلا من ألمانيا والدنمارك والسويد في التحقيق.

2023

ومنذ واقعة الانفجارات، خرجت تكهنات حيال الطرف المسؤول عن التفجيرات بما في ذلك ما ذهب إليه التحقيق الذي أجراه الصحفي الاستقصائي الأمريكي سيمور هيرش من أن الولايات المتحدة والنرويج مسؤولتين على التفجير ، لكن دون تقديم دليل.

2024

في أغسطس/آب الجاري، أفاد الادعاء العام في بولندا بتلقيه مذكرة اعتقال أوروبية صدرت من مكتب الادعاء الفيدرالي الألماني بحق مشتبه به يُزعم تورطه في الهجمات.

وكشفت وسائل إعلام ألمانية عن أن المشتبه به هو أوكراني يُدعى “فولوديمير ز” كان متواجدا في بولندا حتى فترة قريبة، لكنه غادرها إلى أوكرانيا مطلع يوليو/تموز الماضي.

وقال الادعاء العام في بولندا إن خطأ شكليا أدى إلى عدم تحرك السلطات البولندية في الوقت المناسب، مشيرا إلى أن السلطات الألمانية لم تدرج المشتبه به في قائمة المطلوبين داخل منظومة شنغن التي تنبه الدول الأعضاء حيال صدور مذكرات توقيف أوروبية.

وأضاف الادعاء العام في بولندا أنه بسبب هذا الخطأ، تمكن “فولوديمير ز” من مغادرة البلاد.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى