
حسين زلغوط
خاص_ رأي سياسي
يحبس العالم أنفاسه بانتظار الساعة الثالثة من بعد ظهر غد الجمعة موعد إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في تكريم شهداء المقاومة، الذين سقطوا في الجنوب جراء المواجهات مع جيش العدو الإسرائيلي.
وإذ يفترض أن يضع كلام “السيد” حداً للتكهنات والاجتهادات، والتحليلات، على مستوى العالم لما سيتضمنه الخطاب وما إذا كانت كلمة السر بين مفرداته لتوسعة الحرب الدائرة مع اسرائيل لتتخطى الحدود من الناقورة إلى تلال كفر شوبا أم لا، فإن الأكيد أن ما سيقوله الأمين العام لحزب الله سيكون بمثابة رسم خارطة طريق لما ستكون عليه المرحلة المقبلة في المنطقة، وهو بلا ريب سيوجه مروحة من الرسائل باتجاه العدو الإسرائيلي وداعميه اولا، ومن ثم يعرج على الواقع اللبناني لناحية الخائفين من الإنجرار إلى الحرب.
وإذا كان يصعب على أي مراقب حتى الدائرة الضيقة من المحيطين بالسيد نصرالله معرفة ما يبتضمنه الخطاب الذي سيلقيه، إلا أن هناك من يقول إن السيد نصرالله لن يلقي اللمسات الأخيرة على الفقرات التي ستكون كتابة في الخطاب الا في الربع الأخير من موعد الإطلالة ليتماشى والواقع الميداني، وهو بالتأكيد سيختار مفردات الخطاب بعناية فائقة، وفق ما تقتضيه المرحلة التي تكاد تكون الأخطر في تاريخ المنطقة منذ عدة سنوات.
حيث أن ما سيعلنه السيد نصرالله ربما يؤدي إلى فرض معادلات جديدة من شأنها أن تؤثر تأثيراً كبيراً على مسار الحرب على غزة وما يجري في الجنوب اللبناني، وبلا شك سيكون خط إمداد معنوي للذين يخوضون معركة الدفاع عن غزة، وفي المقابل فإن الخطاب سيكون أيضا بمثابة حرب نفسية قوية تجاه الساحة الإسرائيلية التي تضع اليد على القلب بانتظار موعد الثالثة من بعد ظهر يوم غد..
ومن نافل القول أن ما قبل خطاب السيد نصرالله لن يكون كما قبله على مستوى المنطقة، كون أن ما سيعلنه سيكون له ارتدادات قوية على كافة المستويات ربما تؤدي بالبعض إلى إعادة النظر تجاه ما يجري حاليا.
وسط هذا الانتظار الثقيل والقاتل لدى الإسرائيلين لخطاب السيد نصرالله، فإن معطيات بدأت تتوضح داخل إسرائيل مفادها أن حالة التشرذم الموجودة في الأصل داخل الكيان الإسرائيلي في طريقها إلى التفاقم أكثر وأن توسعها باتجاه الساحة العسكرية بات أمراً ممكناً في ظل الإتهامات المتبادلة حول من يتحمل مسؤولية ما حصل في السابع من تشرين الأول، وانه لولا وصول المعارك في غزة إلى هذا الحد وتصوير البعض من القادة العسكريين في إسرائيل وكذلك نتنياهو بأن هذه الحرب هي حرب وجود أي حياة أو موت، لكان المشهد الداخلي في إسرائيل انقلب رأسا على عقب، ولكانت العاصفة السياسية أخذت في طريقها حكومة نتنياهو التي بات وجودها يقوم فقط على قاعدة الضرورات تبيح المحظورات، كون ان نتنياهو يعيش الآن احلك أيامه سواداً وهو دائم التوتر نتيجة الحرب المندلعة والتي يعتبرها أنها حربه الشخصية، لأنه متيقين بأنه مهما كانت نتائج هذه الحرب فإنه سيكون بانتظاره حربا سياسية وقضائية شعواء ربما تؤدي به إما إلى السجن أو الإنتحار، وما بينهما ربما يكون الإغتيال، ولذا فإن نتنياهو يفتش الآن عمن ينزله عن الشجرة التي تهور في الصعود إليها، وهو يتوسل الإدارة الأمريكية التي وقفت إلى جانبه بقوة منذ اللحظة الأولى لحربه على غزة، غير ان هذه الإدارة وعلى الرغم من الدعم العسكري والسياسي والمعنوي التي تقدمه لتل أبيب فإنها أصبحت تواجه برفض داخلي لهذه السياسة بعد الجرائم التي قامت بها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين، وبعد أن انكشفت اكاذيب نتنياهو، وقد بدأت هذه المعارضة تتوسع في البرلمان والكونغرس رفضاً للإنغماس الأعمى لإدارة بايدن في هذه الحرب، وقد عبر النائب الجمهوري توماس ماسي عن هذا الرفض بقوله في تغريدة له أنه إذا أرسل الكونغرس الأمريكي أربعة عشر مليار ونصف كدعم لإسرائيل، فهذا يعني أننا سنأخذ حوالي مائة دولار من كل شخص عامل في الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا سيتم استخراجه من خلال التضخم والضرائب، معلنا وقوفه ضد هذه التقديمات، وهو طلب من زملائه اتخاذ الخطوة ذاتها، في دلالة واضحة بأن السياسة التي يتبعها بايدن تجاه إسرائيل حاليا لا تلقى قبولا عند كل الأميركيين وهذا بالتأكيد سيؤثر سلباً على وضعه السياسي.