خطأ جو بايدن الفادح: كيف تحولت الحرب في أوكرانيا إلى كارثة عالمية؟
لقد أدى الفشل في احتواء الصراع إلى معاناة هائلة وتحولات جيوسياسية. فلماذا لم تلتزم الولايات المتحدة بدعم حلف شمال الأطلسي؟
كتب “سيمون تيسدال”, في “ذا غاريان” :
كانت استراتيجية جو بايدن، التي تعكس غرائز محارب قديم في الحرب الباردة، هي احتواء الصراع بين روسيا وأوكرانيا.
وتعهد بايدن بأن الحلفاء الغربيين سيقدمون الأسلحة والمساعدات لكييف، ويفرضون عقوبات اقتصادية ومالية شاملة على موسكو ويحولون الروبل إلى “أنقاض”. ورغم أن أوكرانيا ليست عضوا في حلف شمال الأطلسي، فإن الولايات المتحدة ستساعد البلاد في الفوز بهذه المعركة، لكنها لن تواجه روسيا بشكل مباشر ما لم تهاجم روسيا الناتو أولا.
بعد مرور ثلاثين شهرا، فشلت استراتيجية الاحتواء التي تبناها بايدن فشلا ذريعا. وتنتشر أزمة أوكرانيا بشكل لا يمكن السيطرة عليه. كما أن تداعيات الحرب المنتشرة تزداد تدميرا على مستوى العالم يوما بعد يوم.
وصحيح أن الحرب “الساخنة” بين روسيا وحلف شمال الأطلسي تم تجنبها حتى الآن لكن الأراضي البولندية والرومانية تأثرت بالصواريخ الضالة والهجمات البحرية. ومنطقة البحر الأسود بأكملها متورطة، وكذلك بيلاروسيا. وتعتقد روسيا أن الغرب يشن بالفعل حربا عليها ويهددها بالأسلحة النووية.
لقد أدت الأزمة إلى انقسامات بين الولايات المتحدة وأوروبا في حلف شمال الأطلسي وداخل الاتحاد الأوروبي. فقد اندلعت الخلافات حول إرسال قوات وصواريخ بعيدة المدى إلى أوكرانيا، ودعوة كييف للانضمام إلى الحلف، وتشكيل “هوية دفاعية” أوروبية منفصلة. أما الموقف المتشدد الجديد الذي اتخذته فرنسا فقد أبطله الحذر الألماني.
لقد أصيبت السويد وفنلندا بالذعر ودفعتهما الحرب إلى الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. وتخشى جمهوريات البلطيق استمرار العملية الروسية العسكرية. وتحاول المجر وصربيا استرضاء الكرملين. وتتردد إيطاليا، ولا أحد يشعر بالأمان.
إن الفشل في احتواء الحرب يشجع على حدوث تحولات جيوسياسية زلزالية، وأبرزها الشراكة “غير المحدودة” بين الصين وروسيا. فالرئيس الصيني شي جين بينغ يحصل على نفط رخيص؛ أما روسيا فتحصل على تكنولوجيا لكسر العقوبات بالإضافة إلى الدعم الدبلوماسي.
ولكن الأمر أكثر من ذلك بكثير. ففي قمة البريكس الأسبوع الماضي ــ التي استضافها الرئيس الروسي ــ انضمت إلى روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا إيران وكوريا الشمالية وسوريا وفنزويلا، وتركيا وهي العضو في حلف شمال الأطلسي. ويتصور الرئيس بوتين تحالفا عالميا مناهضا للغرب، في حين يتصور شي نظاما عالميا جديدا في القرن الحادي والعشرين بقيادة الصين بعد أميركا.
إن هذه ليست أحلاما فارغة. فبالنسبة لمعظم الدول المعجبة بنهج بريكس، فإن إدانة الغرب للعدوان الروسي في أوكرانيا ورفضه إدانة العدوان الإسرائيلي في فلسطين وتسهيله له يمثل معيارا مزدوجا لا يطاق. وقد بدأت بعض الدول في تغيير مواقفها.
ولكن من المروع حقا أن يتمكن دونالد ترامب من استخدام “الحرب الأبدية” في أوكرانيا بشكل ساخر لإقناع الناخبين الأميركيين بأن الديمقراطيين مثل كامالا هاريس لا يستطيعون السيطرة على عالم فوضوي، وأن حلف شمال الأطلسي مجرد خدعة يديرها الأوروبيون المتطفلون، وأن الأمم المتحدة عديمة الفائدة.
إن التكاليف الاقتصادية الهائلة للحرب تتصاعد. ويقدر البنك الدولي أن العامين الأولين من الحرب تسببا في أضرار مباشرة في أوكرانيا بلغت 152 مليار دولار أمريكي. وتتوقع الأمم المتحدة أن تبلغ الحاجة إلى التعافي وإعادة الإعمار 486 مليار دولار أمريكي. وكل يوم ترتفع هذه المبالغ الإجمالية.