خسارة روافد مالية لعشرات الشركات الخليجية.. تعرف على السبب
سلّط إدراج شركة الطاقة السعودية العملاقة “أرامكو” وعشرات الشركات الخليجية في القائمة السوداء، التي لا يستثمر فيها صندوق معاشات التقاعد النرويجي (KLP)، الضوء على تصاعد التحديات إزاء التوجه نحو تنويع موارد الاقتصاد في دول مجلس التعاون، خاصة في ظل إدارة الصندوق أصولاً تقدر قيمتها بنحو 70 مليار دولار.
وتشمل قائمة المستبعدين شركات في السعودية والإمارات وقطر والكويت، في قطاعات متعددة، بينها: العقارات والاتصالات، وبعضها مملوك جزئياً لصناديق سيادية في تلك البلدان الخليجية، وفقا لما أوردته وكالة “بلومبيرغ” في 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
المناخ والبيئة والعمال
يؤكد الخبير الاقتصادي مصطفى يوسف، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، أن عدة أسباب تقف وراء إدراج الصندوق النرويجي عشرات الشركات الخليجية في القائمة السوداء، منها أن بعض هذه الشركات تعمل في مجال الصناعات النفطية، وعلى رأسها أرامكو، ولها تأثير سلبي للغاية على المناخ والبيئة، إضافة إلى أن بعضها ينتهك حقوق العمال الوافدين.
ويوضح يوسف أن صندوق معاشات التقاعد النرويجي يدير أصولاً بقيمة 70 مليار دولار، وبالتالي، فهو لاعب استثماري كبير، لكن حجم الاستثمارات في الخليج عموماً لا تمثل أكثر من 7% من الاستثمارات في الأسواق الناشئة، ومن هذا المنطلق، فإن تأثير قرار الصندوق على مجمل استثمارات السوق يظل محدوداً.
ويرى يوسف ضرورة إسراع دول الخليج العربية بتنفيذ برامج مراعاة الاشتراطات المناخية والبيئية لجذب الاستثمارات وتحقيق الاستدامة بها، وإصدار تشريعات ضامنة لحقوق العمال الوافدين، بما فيها الحق في الحصول على رواتبهم في توقيتاتها والحق في الراحة والإجازات، وألا يزيد عدد ساعات عملهم أسبوعياً عن 40 ساعة، وإلغاء نظم الكفالة.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن صندوق معاشات التقاعد النرويجي يبدو مصمما على ربط المعايير الأخلاقية باستثماراته، ما يعني أن الشركات التابعة لصناديق دول الخليج السيادية ستفقد مورداً تمويلياً مهماً حال استمرار الأوضاع الخاصة بالبيئة والمناخ والعمال على وضعها الراهن.
ومن شأن ذلك أن يؤثر سلباً على اتجاه العديد من الشركات الخليجية نحو الاستثمار البديل عن الصناعات النفطية، ما سيمثل عامل ضغط على حكومات دول مجلس التعاون الخليجي لتحسين الأوضاع الحقوقية لديها.
معايير القائمة السوداء
يدير “KLP” معاشات التقاعد للقطاع العام، بما في ذلك البلديات النرويجية، ويصف نفسه بأنه “مستثمر مسؤول يرغب في سحب استثماراته من الشركات لأسباب بيئية واجتماعية وإدارية”.
وقال مصدر في الصندوق النرويجي إن سحب الاستثمارات من “أرامكو” يعود بشكل أساسي إلى عدم تلبية خطة تحول الطاقة في الشركة المنتجة للنفط والغاز التوقعات، حسب ما أوردت “بلومبيرغ”.
وشمل سحب الاستثمارات شركات أخرى خارج منطقة الخليج، مثل “أداني للطاقة الخضراء” بسبب مخاوف من دعمها غير المقصود لأنشطة ملوثة للبيئة، والشركات الأميركية المرتبطة بمراكز اللاجئين، وشركات متهمة بالتورط في انتهاكات لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى الشركات ذات الصلة بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
ومن شأن معايير الصندوق النرويجي في إعلان قائمته السوداء أن تُفقد صناديق الاستثمار الخليجية شراكة أحد صناديق الاستثمار الوازنة عالميا، ما قد يفقدها نسبة من نشاطها المميز في عام 2023، الذي مكنها من الاستحواذ على 59.5% من إجمالي الاستثمارات السيادية العالمية بقيمة 74 مليار دولار، وفقا لتقرير نشرته منصة “غلوبال إس.دبليو.إف”، في مطلع الشهر الجاري.
ووفق التقرير ذاته، فإن أبرز أنشطة صناديق الاستثمارات السيادية الخليجية تعود إلى “الخمسة الكبار”: صندوق الاستثمارات العامة السعودي (31.6 مليار دولار)، وجهاز أبوظبي للاستثمار (13.2 مليار دولا)، وشركة مبادلة الإماراتية (17.5 مليار دولار)، والشركة القابضة (ADQ) في أبوظبي (5.8 مليارات دولار)، وجهاز قطر للاستثمار (5.9 مليارات دولار).
وتخطت الأصول الإجمالية لصناديق الثروة السيادية في دول الخليج خلال العام الماضي 4.1 تريليونات دولار، وفقًا لبيانات “غلوبال إس دبليو إف”، التي أوردت أيضا أن إجمالي استثمارات صناديق الثروة السيادية الخليجية بلغت 82.3 مليار دولار في 2023، بقيادة “الخمسة الكبار”.
وأطلق التقرير على منطقة الخليج “منطقة العام” من حيث أداء الصناديق السيادية، متوقعًا أن تبلغ قيمة أصول 19 صندوقًا للثروة السيادية فيها 7.6 تريليونات دولار عام 2030، وأن تبلغ الأصول المجمعة لها مع إضافة صناديق التقاعد والبنوك المركزية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 11.2 تريليون دولار.