خسائر “الإنتصار” الجنوب و”طوفان المجهول”
كتب جان فغالي في صحيفة نداء الوطن.
مَن يجرؤ على إجراء جردة حقيقية موضوعية شفافة بنتائج الحرب على لبنان؟
الجردة ليست مزحة، إنّها علمٌ في حدِّ ذاته، فالخسائر تشمل: خسارة «حزب الله» 86 مقاتلاً. خسائر في الأرواح بين المدنيين. خسائر مادية في الممتلكات من منازل ومتاجر. شلل الجنوب على مدى خمسين يوماً. خسائر في المزروعات، خصوصاً أنّ الحرب تزامنت مع قطاف مواسم الزيتون التي ينتظرها أبناء الجنوب من عام إلى عام. استناداً إلى كل هذه الخسائر، بماذا سيواجِه «حزب الله» بيئته الحاضنة أولاً، والبيئة غير الحاضنة تالياً؟
يوفِد «حزب الله» أحد نواب كتلته، النائب حسن فضل الله، إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ليبحث معه في التعويض عن الخسائر. نظرياً، الحكومة اللبنانية هي المسؤولة، لكن عملياً، مَن أدخل لبنان في الحرب؟ هل هي الحكومة اللبنانية؟ إذا كان الجواب «لا»، فلماذا يَطلب صاحب قرار الحرب، أي «حزب الله»، ممن لا قرار له، أي الحكومة اللبنانية، التعويض عن الأضرار؟ لم يجف بعد حبر تصريح الرئيس نجيب ميقاتي عن أن الحكومة اللبنانية لا تملك قرار الحرب والسِلم، فلماذا على الشعب اللبناني، أن يتحمَّل تبِعات ما يقرره «حزب الله»؟
والقصة لا تقف عند هذا الحد، بل إنّ الخسائر ستكون متمادية خصوصاً بعدما أصبح جنوب لبنان «ميداناً سائباً» لكل التنظيمات، فعدا «حزب الله»، أصبح هناك «حماس لاند» و»أتراك لاند» و»جماعة إسلامية لاند»، فمَن يضبط كل هؤلاء؟ وكيف يأمن إبن الجنوب أن يبقى في أرضه في ظل كل هذه الفوضى والتسيُّب؟
انطلاقاً من كل هذه المعطيات، هناك مفارقة غريبة في ما حصل في الأيام الخمسين منذ السابع من تشرين الأول الفائت، فهناك «انتصار» بخسائر كبيرة وكثيرة، فالذين يتحدثون عن «انتصار»، هل بإمكانهم ان يشرحوا للرأي العام «مفهومهم» له؟ وفي أي مجال تحقق؟ بالتأكيد لن يكون أمامهم ما يمكن أن يتحدثوا به. فحقيقة الأمر أنّ جنوب لبنان خارج من هزيمة، ومَن يقول غير ذلك فإنّه لا يفهم شيئاً في «ألف باء» العلوم العسكرية.
لم يقل «حزب الله» كيف انتصر؟ وأين؟ إذا كان سقوط 86 مقاتلاً، إنتصاراً، فكيف تكون الهزيمة؟
ما سيحدث بالنسبة إلى الجنوب، وفق معلومات ديبلوماسية، هو التالي: سيُطرَح القرار الرقم 1701 على بساط البحث من زاوية تطبيقه، فالجانب الإسرائيلي حاسمٌ في هذا المجال، بالنسبة إليه، لا عودة إلى الوضع الذي كان عليه في الجنوب، في النطاق الجغرافي للقرار 1701، كما كان عليه قبل السابع من تشرين الأول الفائت.
وتختم المصادر الديبلوماسية: إذا لم يُطبَّق القرار 1701، بحذافيره، فإنّ جنوب لبنان سيكون أمام «طوفان المجهول»، وليتحمَّل كلُّ متسبب بذلك، مسؤوليته.