رأي

خريطة طريق أوكرانيا

كتب يونس السيد, في صحيفة الخليج:

بين التفاؤل الأمريكي والتحفظ الروسي، ثمة سيل لا ينقطع من المباحثات الدائرة لوقف الحرب وتسوية الأزمة الأوكرانية، سواء تلك التي جرت وتجري في العاصمة السعودية الرياض، أو عبر قنوات أخرى.

وعلى الرغم من أن المباحثات الجارية حالياً تركز على هدنة جزئية لمدة 30 يوماً ووقف استهداف منشآت الطاقة والمنشآت الحيوية والبنى التحتية، كما اتفق عليه بين الرئيس ترامب ونظير الأوكراني في وقت سابق، إلا أن الرهان يدور حول البناء على الاتفاقات الجزئية وصولاً إلى وقف نهائي للحرب وإيجاد حل سياسي للأزمة. هذه المحادثات التي تجري في الرياض بشكل ثنائي، أي بين الروس والأمريكيين من جهة، والأوكرانيين والأمريكيين من جهة أخرى، جاءت عقب محادثات استمرت لساعات طويلة بين الرئيسين الأمريكي والروسي، وأعقبها محادثات بين الرئيسين الأمريكي والأوكراني، بهدف إطلاق مفاوضات فنية وتقنية تفضي إلى نتائج عملية. وهي مفاوضات معقدة ولكنها بناءة، وفق ما صرح عضو في الوفد الروسي لمحادثات الرياض، كونها قد تشكل أساساً لخريطة طريق تفضي إلى وقف الحرب الأوكرانية.
ومن الواضح أن هذه المفاوضات تعتمد استراتيجية الخطوة خطوة، أو حسبما يقول مستشار الأمن القومي الأمريكي: لدينا وقف إطلاق النار الجوي في ما يتعلق بالبُنى التحتية والذي نُفذ فوراً بعد اتصال الرئيس ترامب بالرئيس بوتين. سنتحدث عن وقف بحري للنار في البحر الأسود، بحيث يتمكن الفريقان من نقل الحُبوب والوقود، ويُباشران مُجدداً القيام بتبادُلات تجارية في البحر الأسود. وتابع: «ومن ثم سنتحدث عن خط المُراقبة، أي خُطوط الجبهة»، مُشيراً إلى تجميد هذه الخُطوط وفق ما هي عليه الآن. وقال أيضاً: «في نهاية المطاف طبعاً، سيكون هناك سلام مُستدام وأكثر شُمولاً». ومن هنا يمكن تفسير التفاؤل الأمريكي، الذي يراهن على إحراز تقدم حقيقي في المفاوضات، كما ما ورد على لسان المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف بالقول: أعتقد أنكم سترون في السعودية، تقدماً حقيقياً، وبخاصة في ما يتعلق بوقف إطلاق النارعلى السفن بين البلدين في البحر الأسود، ومن ثم، ستتجه الأمور في شكل طبيعي نحو وقف إطلاق نار شامل. وذهب ويتكوف إلى أبعد من ذلك، حين أعرب عن قناعته بأن روسيا لا تريد التوسع في أوروبا، وأن الرئيس بوتين يريد السلام، وهو ما يقوله أيضاً الرئيس ترامب، لكن ذلك لا يقلل من حجم النقاط الخلافية، خصوصاً حول نزع سلاح أوكرانيا أو على الأقل بعض الأسلحة الاستراتيجية التي تهدد العمق الروسي، وقضية المشاركة الأوروبية في المفاوضات، أو إرسال قوات حفظ سلام أوروبية، ناهيك عن حسم مصير الأراضي الأوكرانية الخاضعة للسيطرة الروسية وغيرها.
وبالتالي فإن هدف إنهاء الحرب الأوكرانية والوصول إلى سلام مستدام، قد يبدو سهلاً على الورق، ولكنه أعقد بكثير على أرض الواقع، وإن لم يكن مستحيلاً، إلا أنه لن يأتي أبداً خلال 24 ساعة كما وعدت الإدارة الأمريكية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى