رأي

خرق محدود لقاعدة الحريري بعد عودة السفير السعودي

كتب محمد بلوط في “الديار”:

تتجه الانظار عشية الانتخابات النيابية الى الصوت السنّي الذي يتأرجح بين المشاركة والمقاطعة بعد قرار الرئيس سعد الحريري تعليق العمل السياسي والانتخابي حتى اشعار آخر.

ورغم ان رئيس «تيار المستقبل» لم يدع علنا او بشكل مباشر لمقاطعة الانتخابات، الا ان محازبي وانصار تياره يتجهون بنسبة مرتفعة حتى الآن الى عدم المشاركة رغم الضغوط المتزايدة عليهم، خصوصا بعد عودة السفير السعودي وليد البخاري الى بيروت ودعوته الى الاقتراع بكثافة في هذا الاستحقاق.

والسؤال المطروح: هل سيصمد الحريري ام سيتراجع امام هذه الضغوط؟ لا دلائل حتى الآن على انه سيرضخ لحملة التهويل الضخمة التي يتعرض لها، فهو يدرك جيدا ان سلوكه هذا الخيار القسري يعني تحويل قرار تعليق عمله السياسي والانتــخابي الموقت الى ما يشبه الاعدام السياسي له ولتياره.

وما يعزز الاعتقاد بأنه سيبقى على موقفه، هو أن العملية الانتخابية تدخل اليوم حيّز التنفيذ مع بدء فتح صناديق الاقتراع للمغتربين في الدول العربية، ولم يصدر عنه اي تصريح او بيان يخالف ما أعلنه سابقاً. والمرجح ان الحريري سيلتزم الصمت، مكتفيا بالبيانات والمواقف التي تصدر عن مسؤولين في «المستقبل»، كما حصل على لسان المسؤول الاعلامي بعد خطبة مفتي الجمهورية ودعوته الى الاقبال على الاقتراع بكثافة. ويتوقع ان يتعرض في الايام العشرة التي تفصلنا عن موعد الانتخابات للمقيمين في لبنان، لمزيد من الضغوط المباشرة وغير المباشرة، سعيا الى احداث المزيد من الخرق لصفوف محازبيه وانصاره والتأثير في اكبر نسبة منهم لكي يشاركوا في العملية الانتخابية.

ووفقا للرصد الميداني ولمصادر في غير ماكينة انتخابية، فان هذه الضغوط بعد عودة السفير السعودي اسفرت عن احداث خرق محدود وجزئي لقرار الحريري يتراوح بين 15 و25 في المئة من جمهوره، لمصلحة التصويت لمختلف اللوائح وليس للائحة بعينها.

وكما بات معلوما، فان المتمرد الاول على قرار الحريري والساعي الى وراثته سياسيا فؤاد السنيورة يحظى برعاية السعودية، عكستها اللقاءات والرعاية الخاصة له من قبل البخاري، لكنه لم ينجح في استقطاب هذه النسبة من انصار «المستقبل» لمصلحة اللوائح التي يرعاها لاسباب عديدة اهمها:

– اولا: انه يعتبر في نظر هؤلاء وكل جمهور الحريري، انه مارس الغدر بحقه.

– ثانيا: لا يحظى بالشعبية لا في صيدا ولا في بيروت او في باقي المناطق.

لذلك تقول مصادر سياسية، ان من سيتوجه الى صناديق الاقتراع من جمهور الحريري و»المستقبل» سيصوّت لمصلحة لوائح اخرى غير تلك اللوائح التي يرعاها السنيورة، وان جزءاً قليلا منهم سينتخب لوائحه المشكلة بالتحالف مع «القوات اللبنانية».

من هنا، ترى المصادر، ان الضغوط التي مورست وتمارس على الحريري ربما تؤدي الى كسر قرار المقاطعة غير المعلن بنسبة جزئية، لكنها لن تصب لمصلحة السنيورة بقدر ما ستحسّن من وضع اللوائح المنافسة له، لا سيما في العاصمة بيروت وفي عكار.

وفي المقابل، تعتقد اوساط السنيورة ان الوضع تحسن في الايام الاخيرة، خصوصا بعد الدعوات المتتالية للمشاركة في الانتخابات وحث الناخب السنّي على الانتخاب، مشيرة الى ان هذا التحسن سينعكس على وضع اللوائح التي يرعاها او تلك اللوائح التي يعوّل ان ينضم الفائزون منها الى الكتلة التي ينوي قيادتها في المجلس الجديد.

وتتحدث هذه الاوساط عن تقدم ملحوظ للائحة «بيروت تواجه» برئاسة الوزير السابق خالد قباني بعد ان كانت في وضع صعب، متوقعة ان تحقق ثلاثة حواصل انتخابية. لكن هذا الحساب لا ينطبق على حساب اللوائح المنافسة على «المحور السنّي»، اي اللائحة التي يرأسها النائب فؤاد مخزومي، ولائحة نبيل بدر مع «الجماعة الاسلامية»، ولائحة «جمعية المشاريع» (الأحباش). اما لائحة ثنائي «أمل» وحزب الله فتضمن على الأقل ثلاثة حواصل وتتطلع الى تحقيق الحاصل الرابع.

اما في عكار، فان لائحة تحالف السنيورة ـ «القوات» في وضع صعب نظرا لقوة اللائحة التي تضم تحالف نواب «المستقبل» البعريني ـ حبيش، واللوائح الاخرى التي تنضوي تحت عنوان «التغيير».

وفي البقاع الغربي، لم يتمكن السنيورة من نسج لائحة تحالف بين النائب محمد القرعاوي و»الاشتراكي» و»القوات»، وخرج من المنافسة بعد ان اصرّ القرعاوي على نبذ مرشح «القوات».

ولا يبدو المشهد مشجعا في صيدا، حيث يدعم السنيورة لائحة يوسف النقيب مع «القوات»، ذلك ان النائبة بهية الحريري رفضت وترفض تغطية هذه اللائحة او اي لائحة اخرى، الامر الذي يجعل المعركة تدور على المقعد السنّي الثاني بين عبد الرحمن البزري والنقيب والمرشح في لائحة ثنائي «أمل» وحزب الله الزعتري، باعتبار ان المقعد الاول شبه محسوم للنائب اسامة سعد.

وفي طرابلس، يبدي السنيورة تعاطفا غير معلن مع لائحة علوش ـ فتفت سعيا الى كسبهما واستمالتهما بعد الانتخابات للدخول في كتلته، ويعوّل في الوقت نفسه على نجاح اللواء اشرف ريفي المتحالف مع «القوات».

اما في بعلبك ـ الهرمل، فان تحالف السنيورة مع «القوات» قد يمكّن المرشح انطوان حبشي من الفوز، رغم ان الحسابات والاستطلاعات الأخيرة لم تعد ترجح ذلك، وتكاد الفرصة تكون معدومة لفوز مرشح سنّي من اللائحة المذكورة.

وهذا الوضع ينسحب ايضا على لائحة تحالف السنيورة ـ «القوات» في زحلة.

وبغض النظر عن هذه الحسابات الاحصائية والعددية، فان لوائح تحالف السنيورة – «القوات» لن تأتي بكتلة سنيّة وازنة لرئيس الحكومة السابق المتمرّد على الحريري، ولن تشكل توازنا سنيّا في التحالف مع سمير جعجع ووليد جنبلاط.

ولعلّ افضل توصيف للحركة الضاغطة من اجل كتلة سنيّة كبيرة تحل محل كتلة «المستقبل» انها جاءت متأخرة، ولم تحسن اختيار الشخص الذي يمكن ان يملأ فراغ غياب الحريري.

وعلى حدّ قول احد النواب السنّة البارزين، ان تحرك البخاري احدث نوعا من التغيير او التحسن في المزاج السنّي الانتخابي، لكنه غير قادر على تحقيق الانقلاب الكبير على نتائج انسحاب الحريري وتياره من المعركة الانتخابية.

اما في خصوص حجم الكتلة السنيّة وتماسكها في المجلس الجديد، فان التشكيلات والتنافس بين رؤساء اللوائح السنيّة لا يؤشر الى تأليف كتلة كبيرة موحّدة تحت لواء قيادي سنّي كما فعل الرئيس سعد الحريري وقبله والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري. 

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى