رأي

«خدعوكي» بالاختلاط!

كتب د. عبدالرحمن الجيران في صحيفة الراي.

عاشت المرأة الكويتية حيناً من الدهر هادئة مطمئنة في محيط أسرتها راضية عن نفسها وعن عيشتها وترى السعادة في واجب تؤديه لنفسها أو وقفة توقفها على سجادتها بين يدي ربها أو عطفة حانية تعطفها على وليدها أو جلسة تجلسها إلى جارة تؤنس وحشتها وتنعش سريرة قلبها، وترى الشرف كل الشرف في خضوعها لأبيها وائتمارها بأمر زوجها ونزولها عند رغبتها…
وكانت تفهم معنى الحب الأسري وتجهل معنى الغرام ولا تعرف دروب (شواطئ العشاق). فتحب زوجها لأنه زوجها كما تحب ولدها لأنه ولدها فإذا رأى المجتمع من النساء أن الحب أساس الزواج رأت هي أن الزواج أساس الحب.
ولكنهم خدعوا المرأة العصرية بأن الحب أساس الزواج فما زالت تقلّب عينيها في وجوه الرجال شاخصة بأبصارها حتى شغلها الحب عن الزواج فانشغلت به عنه!
وخدعوها تارةً أخرى، فقالوا إن سعادة المرأة بأن يكون زوجها عشيقها وما كانت تعرف إلا أن الزوج غير العشيق… فأصبحت كل يوم تطلب زوجاً جديداً من (الكافيهات) يُحيي من لوعات الحب ما أماته الزوج القديم فلا قديم استبقت ولا جديد استفادت!
وخدعوها بالثالثة فقالوا نحن لا نحب من النساء إلا من تكون على ذوقنا، فرأت أن لا بد لها أن تعرف مواقع عمليات التجميل لتتجمل لكم بما تحبون، فراجعت مواقع التواصل الاجتماعي صفحة صفحة فلم ترَ فيه غير أسماء المستهترات والخليعات الماجنات مع كثرة (اللايكات)، فتخلّعت واستهترت لتبلغ رضاكم وتنزل عند مواقع أهوائكم، ثم مشت إليكم بهذا الثوب الرقيق الشفاف تعرض نفسها عليكم عرضاً كما تعرض السلع في الأسواق والإماء في سوق الرقيق فأعرضتم عنها؛ لكثرة المعروض!
وخدعوكِ بالتعليم المشترك، فقالوا لابد أن تتعلمي لتحسني تربية ولدك والقيام على شؤون أسرتك فتعلمتِ كل شيء إلّا تربية ولدك؟ و«خوفوكي» من المجتمع الذكوري فقالوا إن هؤلاء الذين يستبدون بأمرك من أهلك ليسوا أكثر فعل عقلاً ولا أسدّ رأياً ولا أقدر على تقدير مصلحتك مثلما ترينها أنتِ!
فلا حق لهم في هذا السلطان وليست هذه القوامة التي أرادها الله لأنفسهم عليك فازدرت أباها وتمردت على زوجها وباعت أهلها وعشيرتها فأصبح البيت الدافئ الهنيء مناحةً قائمة وميتماً للتأبين.
و«خدعوكي» فقالوا لابد أن تختاري زوجك بنفسك حتى لا يخدعك أهلك عن سعادة مستقبلك فاخترتِ لنفسك (بالمحاكم) أسوأ ما اختار لك والديكِ فلم يزد عمر سعادتها على يوم وليلة أو بأكثر تقدير سنة أولى زواج… ثم الشقاء الطويل بعد ذلك والعذاب بالطلاق والنفقة والحضانة والرؤية… الخ.
ومع ارتفاع معدلات الطلاق انهدم أهم كيان الأسرة وتخاذل الفريقان، فلا الرجال قاموا بالواجب ولا النساء أدين ما عليهن وأظلم الفضاء الأسري فأصبحت بيوتنا كالأديرة لا ترى فيها إلا رجالاً مترهبين لا يحبون الزواج ونساء عانسات…

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى