خبراء عرب بارزين: الصمود في مواجهة الأزمات أمر مهم لتعافي المنطقة ما بعد جائحة كوفيد-19

أشار مركز الاعلام للامم المتحدة في لبنان ببيان، الى أنه “في حوار التنمية الانسانية العربية الذي استضافه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اليوم، اتفقت مجموعة متميزة من الخبراء البارزين من منطقة الدول العربية الذين جمعهم اللقاء على أن تحصين المستقبل بالقدرة على الصمود في مواجهة الأزمات أمر بالغ الأهمية لتعافي المنطقة ما بعد جائحة كوفيد-19”.
ولفت الى أن “تعزيز قدرة المؤسسات العامة، والنظم المرتبطة بالحوكمة والإدارة الاقتصادية، والبنى التحتية المنوط بها تقديم الخدمات العامة، حتى تستطيع توقع الأزمات والتعامل معها ودرؤها تمثل أمرا ضروريا لبلدان المنطقة لتكون قادرة على اجتياز أوجه عدم اليقين المتزايدة والمتقاطعة على الصعيدين العالمي والإقليمي، والتي تشكل عالمنا اليوم ومن المرجح أن تتواصل في المستقبل”.
وذكر البيان أن “الحوار استند إلى التحليلات والنتائج والتوصيات الواردة في تقرير التنمية الانسانية العربية للعام 2022: تعظيم الفرص لتعاف يشمل الجميع ويعزز القدرة على مواجهة الازمات في حقبة ما بعد كوفيد-19، الذي نُشر في يونيو 2022 باعتباره السابع في سلسلة تقارير التنمية الانسانية العربية. كلف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بإعداد هذه التقارير منذ عام 2002 لدراسة فرص وتحديات التنمية البشرية في منطقة الدول العربية. استندت المناقشات أيضًا إلى توصيات تقرير التنمية البشرية 2021-2022: زمن بلا يقين، حياة بلا استقرار: صياغة مستقبلنا في عالم يتحول، والذي أطلقه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سبتمبر 2022”.
وأكدت الأمينة العامة المساعدة للأمم المتحدة والمديرة الإقليمية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتورة خالدة بوزار أن “التنمية البشرية التي تستجيب لاحتياجات الناس يجب أن تكون الأداة الرئيسية في حقيبة الأدوات التي تركن إليها جهودنا للتعافي، إذ نسعى جاهدين للبناء قدمًا على نحو أفضل من بعد جائحة كوفيد-19”.
وقالت: “الصورة واضحة لدينا بشأن ما يتطلبه الأمر لإعادة المنطقة إلى مسار التنمية المستدامة، بما في ذلك: معالجة الأسباب الجذرية لعدم المساواة ولمكامن الضعف، التقدم نحو اقتصادات أكثر تنوعًا وقدرة على الصمود في وجه الأزمات، تحويل العلاقة بين الدول ومواطنيها، واغتنام فرصة التعافي لإعادة ضبط مسارنا نحو الاستدامة البيئية”.
وأشار البيان الى أن “الجلسة الافتتاحية للحوار ضمت كلا من نائب المنسق الخاص للأمم المتحدة (UNSCOL) والمنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان عمران ريزا، ونائب المدير التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) منير تابت، اللذين شددا على أهمية تبني نُهٌج وقائية في العمل التنموي، تسعى إلى الحد من المخاطر وتعزز القدرة على درء الأزمات، وتتخذ من رؤية خطة التنمية المستدامة للعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة السبعة عشر المنبثقة عنها كإطار توجيهي”.
وقال نائب رئيس الحكومة الدكتور سعادة الشامي في كلمته الرئيسية التي اختتمت الجلسة الافتتاحية للحوار: “لقد احتفظ لبنان بالكاد بمكانته ضمن مجموعة البلدان ذات التنمية البشرية المرتفعة، ولكنه سجل تراجعاً متواصلا في مؤشرات تنميته البشرية خلال العقد الماضي – وتسارع ذلك التراجع في السنوات الأخيرة”.
أضاف: “لكننا مصممون على مواصلة العمل مع جميع الشركاء لعكس هذا الاتجاه المتراجع بما يوفر لجميع اللبنانيين دون تمييز بدائل حقيقية للحفاظ على الأمل في المستقبل والازدهار مرة أخرى”.
وذكر البيان أن “مداولات جلسة الخبراء التي تلت الافتتاح اقترحت أننا نعيش واقعا جديدا ستستمر الأزمات ومعطيات عدم اليقين فيه في تشكيل مستقبل هذه المنطقة والعالم بأسره. وضمت تلك الجلسة كلا من عضو مجلس النواب اللبناني وزيرة الدولة السابقة لشؤون التنمية الادارية في لبنان الدكتورة عناية عز الدين، وأستاذ العلوم السياسية عضو مجلس إدارة الباروميتر العربي مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسية والمسحية في رام الله الدكتور خليل الشقاقي، وأستاذة الاقتصاد العميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتورة علياء المهدي، ورئيس مجلس أعمال الطاقة النظيفة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الإمارات العربية المتحدة وزير الاقتصاد والتجارة السابق في لبنان الدكتور ناصر السعيدي.
فعلى الصعيد العالمي، لا تستثني وآثار الأزمات المتلاحقة أحداً – بما في ذلك حالة الطوارئ المناخية، وتزايد مخاطر الأوبئة ذات الأصل حيواني المنشأ، والخسائر الكبيرة التي نشهدها في التنوع البيولوجي، والأزمات المرتبطة بارتفاع تكاليف المعيشة، وانعدام الأمن الغذائي، ونقص إمدادات الطاقة التي عجلت من وتيرتها آثار الحرب على أوكرانيا.
أما على المستوى الإقليمي، نجد أن أوجه عدم اليقين تتفاقم بسبب النزاعات التي طال أمدها والتي تقوض التنمية والتماسك الاجتماعي، إلى جانب أوجه القصور الطويلة الأمد في نظم الحوكمة والإدارة الاقتصادية والمعالجات البيئية، والتي لا طالما عانت منها منطقة الدول العربية على مدى عقود طويلة”.
ولفت البيان الى أن “الخبراء اقترحوا أن القدرة على تجاوز الأزمات في المستقبل تتطلب تحولات كبيرة في استجابة السياسات التنموية لكي تعالج ظروف عدم اليقين المتعاظمة ولتكون ملائمة على نحو أقدر لإدارة الأزمات. وتضمنت الاقتراحات المحددة ابتكار أدوات لتمويل التحول الأخضر، ولتعزيز القدرة البلدان على التعامل مع حالات الطوارئ الاقتصادية المستقبلية، فضلا عن تدابير لإعادة بناء الثقة في المؤسسات العامة، بما في ذلك زيادة الاستثمارات في سياسات التنمية التي تركز على الإنسان وخطط التضامن الاجتماعي التي تؤمن الفئات الأكثر عرضة لمخاطر الصدمات وتوسع من نطاق الفرص المتاحة لهم في المستقبل”.
ومما قالت عز الدين: “يجب أن يرتكز العقد الاجتماعي الجديد الذي نحتاجه على حقوق الإنسان وأن يلتزم بتحقيق الأمن الإنساني للجميع دون تمييز ويعتمد على سياسات اقتصادية احتوائية وتتمحور حول الإنسان، بما يتجاوز المعايير التي تقتصر على النمو الاقتصادي فحسب، إلى التركيز على التنمية البشرية باعتبارها الهدف المنشود. كذلك نحتاج أيضا إلى إصلاحات قانونية تقود المجتمع نحو مزيد من المساواة بين الجنسين – ولكن التشريعات وحدها لا يمكن أن تكون فعالة إلا إذا ما اقترنت بالتغييرات الاجتماعية والثقافية الداعمة لتنفيذها في الواقع العملي”.
بدوره، قال الشقاقي: “عندما نحلل اتجاهات الموجات المتتالية من استطلاعات الباروميتر العربي، نرى أنها تشير بالفعل إلى وجود العديد من النوافذ التي تبعث على الأمل في مستقبل المنطقة العربية، إذ تشير إلى بعض التحسن في مستويات الرضا عن الأداء الحكومي، ولكن فقط في البلدان التي لديها مؤسسات قوية وتتمتع بالاستقرار، بالإضافة إلى استقرار معدلات رغبة الشباب في الهجرة خارج المنطقة دون زيادة، واستمرار سواد الإيمان بالقيم الليبرالية، بما في ذلك قيمة الديمقراطية كأساس للحكم”.
من جهتها، قالت المهدي: “التصاعد المتسارع في نسبة الدين الوطني إلى الناتج المحلي الإجمالي في العديد من الدول العربية اليوم يحد من الحيز المالي المتاح لديها للإنفاق على الخدمات الاجتماعية الأساسية والتي تمثل الخط الأول لحماية التنمية البشرية. لذلك يجب أن تضع المؤسسات الإقليمية والعالمية المقرضة كشرط مسبق للإقراض المستقبلي تقديم الدول الساعية للاقتراض استراتيجيات واقعية لخفض الديون. كذلك يجب تهيئة الظروف والحوافز التمكينية لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في البنى التحتية الاجتماعية. كما يجب علينا أيضًا تحسين من تدابير الاستعداد لمعالجة الأزمات المالية المستقبلية، ولربما يكون من المناسب دراسة امكانية إنشاء صندوق إقليمي للطوارئ الاقتصادية تساهم فيه جميع الدول العربية “.
ومما قال السعيدي: “تشكل المخاطر المناخية تهديدا وجوديا بالنسبة للمنطقة العربية. وهو تهديد لا يمكن معالجته إلا على المستوى الإقليمي. والمعالجة لا تكون فقط من خلال تكثيف جهود التخفيف والتكيف في إطار استراتيجيات وطنية شاملة لمعالجة المخاطر المناخية، ولكن أيضًا من خلال زيادة وتنويع مصادر وأدوات تمويل العمل المناخي. لذلك يجب أن يتم إدماج أنشطة العمل البيئي والمناخي كجزء لا يتجزأ في صناعتنا المصرفية وأسواقنا المالية العربية. ويمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أت تضطلع بدور رئيسي حاسم الأهمية في هذا الصدد، إذ تتوافر لديها الموارد المالية والقدرة على الوصول إلى التقنيات اللازمة لقيادة التحول العربي الأخضر، فيمكنها على سبيا المثال إنشاء بنك عربي أخضر لدعم التحول المنشود”.