حمير أفريقيا مهددة بالانقراض والسبب منتجات تجميلية
كشف تقرير أخير أن الطلب المتصاعد على أنواع من منتجات التجميل يترك تأثيراً مدمراً على أعداد الحمير، ويتجه إلى تعريض هذه الحيوانات في أفريقيا للخطر.
في التفاصيل أن نحو ستة ملايين حمار تساق سنوياً إلى الذبح طمعاً بجلودها التي يستخرج منها الكولاجين بغية الاستفادة منه في مكملات غذائية من أطعمة أو مشروبات، وفي منتجات تجميل عدة مثل كريمات الوجه المستخدمة في الطب الصيني، التي يروج لها على أنها منتجات فاخرة.
وقد تضررت أعداد الحمير في الصين بشدة نتيجة الشعبية المتزايدة لهذه المنتجات، إذ سجلت تراجعاً مهولاً بلغ 76 في المئة بين عامي 1992 و2019، وفق منظمة “دونكي سانكشواري” Donkey Sanctuary (محمية الحمير).
وإذ تتركز أعمال التجار الآن في أفريقيا التي تضم منذ فترة طويلة أكبر أعداد من الحمير في العالم، يحذر الخبراء من وجود أزمة يواجهها هذا النوع الحي. وينجح التجار في إقناع أصحاب الحمير الفقراء ببيعها لهم، أو يسرقونها ويسوقونها إلى الذبح بشكل غير قانوني.
أما الدافع وراء هذه التجارة فيكمن في الطلب المتزايد على علاج صيني تقليدي يسمى “إيجياو” ejiao، أو “غراء الحمير خافي العيوب”، الذي يدعي صانعوه أنه يخفف التجاعيد، ويعالج فقر الدم، ويعزز الطاقة والرغبة الجنسية لدى الإنسان.
ويقول الباحثون إن قتل هذه الحيوانات بقصد الاستفادة من جلودها ليس عملاً شديد القسوة فحسب، بل يترك النساء والأطفال والمجتمعات التي تعتمد عليها للحصول على لقمة عيشها في أسوأ حال.
الباحثون في “دونكي سانكشواري” استعانوا بأرقام مقدمة من قطاع صناعة الجلود ونماذج إحصائية لحساب أن تلبية الطلب على تلك المنتجات سيستدعي الحصول على 6.7 مليون من جلود الحمير بحلول عام 2027، في ارتفاع عن 5.9 مليون من الجلود اليوم، ولكن يقول الباحثون إن الرقمين المذكورين يمثلان تقديراتهم بحدها الأدنى.
ولما كان عدد الحمير في أفريقيا 11 مليون حمار تقريباً، كان لا بد من أن تثير تلك النتائج الحسابية القلق.
يذكر التقرير الجديد أن إنتاج الغراء الخافي للعيوب ارتفع بنسبة 160 في المئة خلال الفترة الممتدة بين عامي 2016 و2021.
كذلك يوضح أن منصات التواصل الاجتماعي تجعل من الاتجار غير المشروع بجلود الحمير ومنتجات التجميل أكثر سهولة من طريق السماح للبائعين بالترويج لسلعهم.
كالفين سولومون أونيانغو، مدير “دونكي سانكشواري” في كينيا قال إن “الوكلاء العاملين في صناعة “إيجياو” يقنعون أصحاب الحمير، الذين يعيشون على حافة الفقر فعلاً، ببيع حيواناتهم هذه بغية تحقيق مكاسب مالية لا يستفيدون منها إلا على المدى القصير… في الواقع، الخسارة على المدى الطويل تكون مصدر كسب الرزق، وفي نهاية المطاف، اختفاء أسلوب حياة سائد في كثير من المجتمعات”.
ويكشف أونيانغو أن “التأثير المدمر الذي تطرحه هذه التجارة قد دفع حكومات دول عدة مثل كينيا ونيجيريا وتنزانيا إلى حظر ذبح الحمير… لكن مع ذلك، يبقى الطلب على الحمير كبيراً إلى حد أننا نشهد الآن عمليات ذبح غير قانونية، إذ تؤخذ أو تسرق المئات من هذه الحيوانات بهدف ذبحها والحصول على جلودها”.
وقال الدكتور أونيانغو إنه “بناء على ما نشهده هنا في كينيا، إذا استمر استغلال الحمير بهذا المعدل، فإنها ستنضم خلال ثلاث إلى ست سنوات أخرى، إلى وحيد القرن والفيلة باعتبارها أحد الأنواع الحية المهددة بالانقراض في أفريقيا”.
ومعلوم أن بعض البلدان تجرم ذبح الحمير فيما تجيزه بلدان أخرى. وفي يوم الأحد، سيتناقش رؤساء دول الاتحاد الأفريقي في ما إذا كان سيصار إلى إقرار قانون يحظر ذبح هذه الحيوانات في مختلف أنحاء القارة.
وفق الباحثين، سيمثل هذا الحظر الإجراء الأهم لحماية الحمير الذي تشهده القارة الأفريقية على الإطلاق.
وفي البرازيل، التي تسجل أيضاً معدلاً كبيراً من الاتجار بالحمير وقتلها للحصول على جلودها، من المتوقع أن يوافق الكونغرس الوطني العام الحالي على مشروع قانون يحظر ذبحها.
وقالت ماريان ستيل، الرئيسة التنفيذية لمنظمة “دونكي سانكشواري” إن ذبح ستة ملايين حمار كل عام يمثل كارثة في جهود الرفق بالحيوان… في الواقع، تعتبر الحمير حبل نجاة بالنسبة إلى سكان بعض البيئات الأكثر صعوبة على وجه الأرض، حيث يشكل فقدان حمار الحد الفاصل بين التمتع بمعيشة متواضعة من جهة أو العيش في عوز من جهة أخرى”.