حماية الإجرام بالفيتو الأمريكي
كتب رمزي الغزوي, في “الدستور”:
كان عالم الرياضيات والفيزياء الشهير إسحق نيوتن يحمل دوما طبشورة في جيبه، وأينما واتته فكرة يروح يدبجها بمعادلاته الطويلة على أي جدار يصادفه. وذات مرة كتب على عربة متوقفة معتقداً أنها جدار حتى حدثت المفاجأة فانطلقت ليجري وراءها متوسلاً معادلته الهاربة.
مثل ذلك الركض الجنوني مارسه ايضا عالم اليونان الشهير (أرخميدس) الذي دخل حماماً عاماً، وجاءه وحي الإلهام وهو مسترخٍ في الماء الساخن؛ فاكتشف قانون الأجسام الطافية، ليخرج عارياً صارخاً بفرح كطفل، يوريكا يوريكا، أي وجدتها وجدتها.
العالم آينشتاين الذي رفض أن يتولى رئاسة إسرائيل لأنها كيان صهوني معتد، وهو صاحب النظرية النسبية، فاقعة الصيت، فقد كان يتلقى دعوات كثيرة من نوادٍ أو منتديات أو مؤسسات؛ لإلقاء محاضرات حول نظريته، وكان يتعبه هذا التجوال والطواف والتنقل، وحدث ذات مرة أن سائقه الخاص، اقترح عليه أن يلقي هو المحاضرة بدلاً عنه، فهو ولكثرة ما سمع النظرية قد حفظها عن ظهر قلب (كرجة مي).
في بلدة بعيدة لا يعرف أهلها شكله، طبق آينشتاين الخطة مع سائقه (البصيم) الذي يحفظ المحاضرة صماً، فاعتلى المنصة على أنه أينشتاين، وصار يبحر بسلاسة وثقة في النظرية النسبية، وكأنه صاحبها ومبدعها، وظل مسيطراً على زمام الأمور، وبالطبع كان اينشتاين جالساً بعيداً، وكأنه السائق الخاص، وأخذ يستمتع بهذه العملية التي أراحته قليلاً، حتى جاءه سؤال صعب من أحد المشاكسين الحضور.
السؤال أحرج السائق فقد كان قوياً حائراً، لكن السائق وبأسلوبه الطريف تنحنح قائلاً وساخراً: من العجيب أيها الصديق، أن تسأل هذا السؤال البسيط الفج، ولبساطته فلن أجيبك عليه، ولكن سأدع سائقي الخاص، وأشار إلى اينشتاين، سأدعه يجيب عليه!، وهكذا تخلص السائق وتملص من إحراجه، وترك الخبز لخبازه.
إسرائيل كانت دوما المحاضر المتفرغ للشرق الأوسط والعالم، وكان لها كثير من السواقين والصبيان والمعيدين والحراس الأبواش، الذين نابوا عنها في كل صغيرة وكبيرة وشرحوا وجهة نظرها، وتدخلوا في الوقت اللازم بدلا عنها لتثبيت اعتدائها وتقوية عدوانها.
الفيتو الأمريكي الأخير في مجلس الأمن المطالب بوقف لإطلاق النار في غزة بهدف إنساني قبل يومين لن يكون الأخير في سلسلة الإجابات بالإنابة عن هذا الكيان المعتدي. فسائق إسرائيل البصيم الذي (كفى ووفى) في كل الميادين السابقة منذ تبرعم هذا السرطان الغاصب لن يدعها تجيب عن أي سؤال محرج.