صدى المجتمع

حقن السكري… حل موقت للريجيم مع وجود أخطار.

في سبيل الحصول على الجسم المثالي، ينفق اللبناني الكثير من المال، والوقت، على أنظمة الريجيم، ووصفات التخسيس “غير الموضوعية”. وأخيراً، ارتفع الإقبال على حُقن “الساكساندا” التي تُعتبر علاجاً لمرضى السكري. جاء ذلك بعد فترة من المنافسة المحمومة بين حبوب حرق الدهون، ووصفات العطارين، إضافة إلى الصيام المتقطع، ومشروبات “الديتوكس”. ينظر الكثير من المرضى إلى الحقن بوصفها “حلاً سحرياً”، يؤدي إلى خسارة الوزن بأقل جهد ممكن، وذلك خلافاً للأنظمة الغذائية والرياضية، التي تحتاج إلى الكثير من الوقت. ويحتاج إلى أسابيع ليبدأ بتلمس الفارق على مستوى الوزن والشكل. يشير أحد المرضى إلى أنه “عاش أوقاتاً طويلة من الحرمان، وتناول الكثير من المشروبات التي قيل له بأنها تخفف الوزن وتحرق الدهون، ولكنه سرعان ما يجد أن التغيير بطيء ومحدود”. دفعه ذلك إلى السؤال عن حلول أخرى، يقول إن البعض اقترح عليه بعض المراهم الموضعية، أو حبوب قطع الشهية، وإذابة الدهن، إلى أن سمع بموضوع الإبر التي لا يزال متردداً في استخدامها.

من جهة أخرى، قطع الكثيرون الشك باليقين، وانتقلوا إلى استخدامها المكثف. يشير أصحاب الصيدليات إلى أن “الإبر مقطوعة”، ولكن “يمكن إحضارها بناء على طلب الزبون”، أو وصفة طبية، لأن سعر العبوة التي تتضمن ثلاث حقن مرتفع نسبياً، إذ يبلغ حوالى 12 مليون ليرة لبنانية. كما تبرز المخاوف من تهريبها إلى الخارج بعد تحويل وظيفتها من وسيلة لخفض السكري إلى استخدامها في ميدان تخفيف الوزن.

ممكنة بوصفة طبية

بعد “موضة” الحبوب القاطعة للشهية، تتجه الأنظار إلى الحقن التي تستخدم في علاج مرض السكري. يقر طبيب الغدد عبد الوهاب صيادي بوجود “مزايا تخسيسية” لبعض حقن علاج السكري التي لا يدخل الأنسولين في تركيبها، وتعطى تحت إشراف طبي”، منبهاً من استخدام إبر الأنسولين لأنها ستؤدي إلى الغيبوبة والوفاة إذا ما كان الشخص المستخدم لا يعاني من مرض السكري على وجه الحقيقة”.

يتحدث صيادي عن تزايد الإقبال على بعض حقن السكري التي وجد فيها أطباء الغدد وسيلة لفقدان بعض الوزن، وقال “اكتشف الأطباء والباحثون أن لها أثراً إيجابياً على الوزن”، و”بعض الدراسات أكدت جدوى بعض تلك العلاجات، بسبب عملها على البنكرياس والدماغ، وتخفيف الشهية، وتسريع الحرق، فيما يجب الانتظار بحسب دراسات أخرى بسبب تأثيرات سلبية على الجسم”.

 أما أشهر تلك الحقن فهي “الأوزانبيك”، و”التروليستين” اللتان لم تنالا بعد على إذن الاستخدام الإضافي. أما حقن “الساكساندا”، فقد نالت القبول أخيراً بأن تكون وسيلة لخفض الوزن إلى جانب كونها علاجاً لمرضى السكري.

لا يخلو اللجوء إلى تلك الحقن من آثار سلبية على المريض مثل الغثيان، وعدم التوازن، والشعور بالدوار. لذلك، يستحسن وجود إشراف طبي مباشر من أجل المسؤولية، و”من أجل تقييم كل حالة على حدة بسبب عدم وجود علاج صالح لجميع الحالات، ومراعاة خصوصية الفرد والمشكلات الصحية التي يعاني منها”. ويلفت الطبيب عبد الوهاب صيادي المتخصص بالغدد والسكري إلى أن الطبيب بالاتفاق مع المريض يحدد حجم الجرعات التي تأخذ منحى تصاعدياً، وبشكل بطيء، والتي يجب أن يصاحبها “ريجيم غذائي” مدروس، مضيفاً “لا يوجد دواء سحري لتخفيض الوزن بحيث يستمر المريض بتناول الطعام كما يشاء ومن دون قيود”.  

الجمال أولوية

يتأسف صيادي من تقديم المعايير الجمالية على الصحية إلى حد بعيد، قائلاً “عندما نطلب تلك الحقن من أجل علاج السكري، يتذمر المرضى من أسعارها، ولكن يختلف الموقف عندما يدركون دورها في التخسيس، حيث يركض البعض منهم لشرائها، وهذا ينطبق على العمليات التجميلية”. ويلاحظ ذلك بصورة كبيرة “لدى النساء اللواتي تؤرقهن زيادة الوزن، ويبحثن عن الجسم المثالي والشكل الخارجي الرشيق”، معبراً عن خشيته من أن “تتحول بعض العلاجات إلى موضة شبيهة بالماكياج”.

في المقابل، ينبه صيادي إلى أخطار السمنة وزيادة الوزن، لأنها “تترافق دائماً مع مشكلات صحية مختلفة، كالسكري، وضغط الدم، وزيادة الشحوم، وآلام المفاصل”، لافتاً إلى أن “جميع الأمراض تأتي من المعدة”، وإلى “تراجع القدرة على خسارة الوزن وحرق الدهون مع تقدم العمر، وانخفاض مستوى النشاط والحركة وتوقف النمو”.

يقلّل صيادي من جدوى الحقن على المدى البعيد فهي “يمكن أن تخفف بعض الكيلوات” أو حتى الريجيم طويل المدة على أصحاب الأوزان الكبيرة جداً، “هؤلاء لن يستفيدوا من الحقن ذات الأثر المحدود، وقد يحتاجون إلى عمليات جراحية”.

يعتقد صيادي أن أفضل علاج هو “التوازن في الأكل” لدى مختلف الشرائح لأن “من يأكل القليل هو من يعيش بصحة جيدة”، منتقداً السلوك الاجتماعي العام “عوضاً من أن نأكل لكي نعيش، نحن نعيش لنأكل بصورة مفرطة”.

الريجيم الصحي والديمومة

يتعامل الكثير من الأطباء والمرضى بحذر مع فكرة الحقن، ويتخوف من تأثيراتها على الهرمونات على غرار تلك المستخدمة من قبل رياضيي كمال الأجسام. فيما يفضل البعض الآخر اعتماد برامج غذائية مدروسة. تصف خبيرة التغذية فدوى جبارة “الحقن” بـالتراند لأنها “تتحدث عن خفض سريع للوزن”، داعية إلى الحذر في استخدامها بانتظار موافقة هيئة الغذاء والدواء الأميركية FDA عليها.

تشرح جبارة آلية عمل الحقن، فهي “تبطئ عملية هضم الطعام، مما يحافظ على الشعور بالشبع لأطول وقت ممكن، بالتالي تتراجع الحاجة إلى تناول وجبات إضافية. كما تعمل على تنظيم الشعور بالجوع والشبع، ومن ثم رفض أي وجبة طعام جديدة”. في مقابل، النتائج الإيجابية والخفض السريع للوزن، لا بد من الأخذ بعض الأخطار في الحسبان، من إمكانية التسبب بأمراض سرطانية في الغدد لدى بعض المرضى بسبب اللعب بهرمونات الجسد، أو حتى الإضرار بوظائف الكلى، أو وجود حساسية لدى بعض المرضى تجاه بعض المكونات التي تدخل في تصنيع الإبر، أو حتى الهبوط الكبير في مستويات السكر بالدم بحسب جبارة التي تنصح باللجوء إلى طبيب متخصص بالغدد والسكري من أجل إجراء فحوص للغدد ووظائف الكلى. من هذا المنطلق “لا يمكن لأخصائي التغذية اللجوء إليها تلقائياً لأنه في الأساس علاج لمرضى السكري، واكتشف بالصدفة أثره على تخفيض الوزن”.

تتساءل جبارة عن الوضع في المرحلة التالية لتلك الحقن، “ماذا بعد الانتهاء من استخدام الإبر؟”، وتضيف “قد أخسر عشرة أو عشرين كيلو، ولكن سيعود الجسم إلى حالته الطبيعية بعد الانتهاء من استهلاك الهرمون، وسيعود الفرد إلى سابق عهده، واستهلاك نفس الكمية من الطعام، وعدد الوجبات نفسه، مما سيتسبب بزيادة ملحوظة في الوزن وبسرعة أكبر”.

الاستعداد النفسي ضروري

يلعب العامل النفسي دوراً مركزياً في عملية فقدان الوزن، لأن أي نظام غذائي يبدأ بقناعة، وقرار. ينصح خبراء التغذية باتباع أنظمة غذائية مدروسة بعيداً من الحقن. تشير جبارة إلى أهمية القناعة والاستعداد النفسي للريجيم لفترة زمنية، وخوض التحدي، مستشهدةً ببعض الحالات التي يأتي فيها الأهل بأطفال يعانون من السمنة، ولكن هؤلاء الصغار يرفضون التعاون، “يأكلون بالسر، أو يتبعون أساليب الغش لعدم الالتزام بالنظام الغذائي”.

تنصح جبارة بمراعاة مجموعة من الضوابط والمعايير، من خلال “وضع أهداف واقعية في عملية خسارة الوزن، وأخذ رغبة الزبون في الاعتبار، وإبلاغه بوضوح عندما تكون أهدافه غير واقعية، لأن الخسارة الطبيعية تتراوح بين 4-8 كيلو في الشهر وليس أكثر، إلا في حالات استثنائية جداً، لأنه يجب التأني في الريجيم، فمن كسب 20 كيلو خلال خمس سنوات لا يمكن خسارتها خلال شهرين. ناهيك عن المحافظة على مستوى الفيتامينات والمعادن في الجسم، وعدم حدوث هبوط سكري أو ضغط”، “وأن يتضمن الريجيم أقل سعرات حرارية مع أكبر كمية ممكنة من الطعام”.

تقر جبارة بوجود معاناة إضافية مع “المستعجلين” لخفض الوزن، وأصحاب الأعمال المكتبية، حيث يجب على المتخصص دفعهم إلى الحركة والمشي، لما لا يقل عن 40 دقيقة يومياً، إضافة إلى “تغيير نمط حياتهم اليومية بصورة جذرية” لأن “لا قيمة لأي نظام غذائي لا تستمر مفاعيله بعد انتهاء مدته”، و”زيادة الوزن أسهل بكثير من عملية فقدانه”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى