رأي

حظوظ الاتفاق تتراجع: الترويكا مصرّة على التصعيد

كتب محمد خواجوئي, في الأخبار:

تصرّ الترويكا الأوروبية على التصعيد وتهدّد بإعادة العقوبات على إيران رغم اتفاقها مع «الوكالة الذرّية»، ما ينذر بتفاقم الأزمة.

مع مرور أكثر من أسبوع على توقيع اتفاق القاهرة بين إيران و«الوكالة الدولية للطاقة الذرّية» حول استئناف التعاون بينهما، يبدو أنّ التقديرات حيال إسهامه في حثّ الدول الأوروبية على التراجع عن إجرائها المتمثّل في تفعيل آليّة إحياء العقوبات الأممية على إيران، وفقاً للقرار رقم 2231، لم تكن في محلّها. فالاتفاق لم يرضِ الدول الأوروبية، وفق ما أمكن استنباطه من فحوى المكالمة الهاتفية التي جمعت، أمس، وزراء خارجية الترويكا (ألمانيا وبریطانیا وفرنسا) ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، إلى نظيرهم الإيراني، عباس عراقجي.

وأعلن الوزراء الثلاثة، يوهان فاديفول، وإيفيت كوبر، وجان-نويل بارو، ومسؤولة السياسة الخارجية في التكتّل، کایا کالاس، أنّ طهران لم تتّخذ بعد إجراءات «منطقية ومقبولة» لتمديد القرار 2231 حول رفع العقوبات. وجاء في بيان لوزارة الخارجية الألمانية أنه «يتعيّن على إيران استئناف المحادثات (النوویة مع أميركا)، والسماح بتفتيش المنشآت الحسّاسة، والاستجابة في ما يخصّ مسألة مخزونات اليورانيوم عالي التخصيب». ووفقاً للبيان ذاته، جدّدت الدول الأوروبية تأكيد الطابع الفوري للقضيّة، وعزمها المضيّ قدماً في إعادة العقوبات، في حال عدم اعتماد طهران إجراءً ملموساً في القادم من الأيام.

وفي السیاق ذاته، نقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر دبلوماسي فرنسي، قوله إنّ القوى الأوروبية الثلاث، جدّدت عرضها تمديد المهلة النهائية لـ«آلية الزناد» (سناب باك)، وإنّ «على إيران اغتنام هذه الفرصة في أسرع وقت ممكن عبر اتّخاذ الخطوات الملموسة اللازمة». ومن جهتها، حذّرت كالاس، في بيان، من أنّ «نافذة التوصّل إلى مقاربة دبلوماسية للقضية النووية الإيرانية، تضيق بسرعة»، مشيرة إلى أنه «يتعيّن على إيران اتّخاذ خطوات ملموسة للنظر في مطالب فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وهذا يعني إبداء التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، والسماح بتفتيش جميع المنشآت النووية من دون تأخير».

في المقابل، ووفقاً لِما أوردته وسائل الإعلام الإيرانية، اعتبر عراقجي أنّ إجراء الدول الأوروبية الثلاث «يفتقر إلى أيّ مسوّغ قانوني ومنطقي»، داعياً «كافة الأطراف» إلى «إدراك أهمية وقيمة» الاتفاق الموقّع بين إيران و«الوكالة الدولية». وقال عراقجي: «الآن، حان الدور على الأطراف الأخرى للإفادة من هذه الفرصة لاستمرار مسار الدبلوماسية، والحيلولة دون وقوع أزمة يمكن تجنّبها، وإظهار جدّيتها وإيمانها بالدبلوماسية»، مؤكّداً أنّ طهران جاهزة «للتوصّل إلى حلّ منصف ومتوازن يضمن المصالح المتبادلة».

كالاس: «نافذة التوصّل إلى مقاربة دبلوماسية للقضية النووية الإيرانية، تضيق بسرعة»

وجاء الاتصال الهاتفي بعدما وقّعت إيران والوكالة اتّفاقاً، في التاسع من الشهر الجاري، حول «دليل الأسلوب» لاستئناف التعاون بينهما، في حين كانت الترويكا، وجّهت، نهاية آب الماضي، رسالة إلى مجلس الأمن، لبدء تفعيل آليّة عودة العقوبات الأممية على الجمهورية الإسلامية؛ علماً أنّ هذه الآليّة ستوضع موضع التطبيق في نهاية أيلول، إلّا في حال وافق مجلس الأمن على وقفها. وعليه، فإنّ المفاوضات بين إيران والأطراف الأوروبية تجري حالياً بهدف إيجاد سبيل لتمديد مهلة «سناب باك»، رغم عمق الفجوة بينهما، وعدم وضوح ما إذا كانا سيتوصّلان إلى اتفاق في أقلّ من أسبوعين.

وفي حال تجديد العقوبات، فإنّ أرصدة إيران في الخارج ستُحتجز مرّة أخرى، في حين ستتوقّف صفقات الأسلحة مع طهران، وسيواجه أيّ تطوير لبرنامج الصواريخ الباليستية فيها، عقوبات؛ وهي إجراءات من شأنها أن تزيد الضغط على الاقتصاد الإيراني. كذلك، يرجّح أن يصعّد استخدام «آليّة الزناد» التوترات بين إيران والغرب.

وفي هذا السیاق، أكّد الرئيس الإيراني، مسعود بزشكیان، أمس، أنّ الجهود مستمرّة لمنع تفعيل الآليّة، مشيراً إلى أنّ الوضع الحالي في العلاقات الإقليمية والدولية يتيح بيئة مناسبة للتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، رغم التوتّرات القائمة. وقال بزشكيان، في أثناء اجتماع مع روّاد الأعمال والتجار في طهران: «نسعى جاهدين إلى ألّا تُفعَّل آليّة الزناد، لكن في كل الأحوال، وبفضل العلاقات الودّية مع الجيران والدول الصديقة، بالإضافة إلى عضويّتنا في المنظمات الإقليمية، فإنّ الوضع مناسب لتعزيز التعاون والأنشطة الاقتصادية للمؤسّسات والأفراد».

من جانبه، كشف سفير إيران وممثّلها الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، رضا نجفي، أمس، أنّ عدداً لافتاً من الدول الأعضاء في «الوكالة الدولية للطاقة الذرّية» يجري اتصالات منفصلة مع إيران، وباقي الدول الراعية للقرار الذي قدّم للمؤتمر العام للوكالة (افتتح دورته الـ69 الإثنين في مقرّ الوكالة في فيينا، ويستمرّ حتى الجمعة)، للتأكيد أنها تخضع لضغط وتهديد أميركيَّين لعدم التصويت لمصلحة القرار. وكانت إيران قدّمت للمؤتمر قراراً يؤكّد أنّ الهجوم على المنشآت النووية غير مقبول.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى