حسين زلغوط
خاص- موقع رأي سياسي
ما إن غادر رئيس جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليدس، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فونديرلاين لبنان بعد محادثات أجرياها مع رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، واعلان فونديرلاين عن حزمة مالية بقيمة مليار يورو للبنان ستكون متاحة اعتباراً من السنة الجارية وحتى عام 2027، حتى اشتعلت الساحة السياسية واطلقت المواقف النارية التي وصفت الدعم الأوروبي بانه “رشوة” للبنان لإبقاء النازحين السوريين على أراضيه ومنع تسربهم الى القارة الاوروبية.
وينتظر أن يكون هذا الأمر، موضع سجال وجدال بين رئاسة الحكومة وجهات سياسية، خصوصا وأن الرئيس ميقاتي اعرب عن غضبه لما سمعه من اتهامات واتصل بالرئيس بري شاكياً أمامه ما صدر من مواقف يعتبرها لا أساس لها من الصحة، طالباً دعوة المجلس للإنعقاد في أقرب فرصة والبحث في بند واحد هو النزوح السوري ليتسنى توضيح الأمور ووضع النقاط على الحروف وإزالة أي التباس حول مقاربة الحكومة لهذا الملف.
وفي دلالة واضحة على تعاطي الحكومة بشكل عشوائي ومن دون اي تنسيق بين الجهات المعنية بملف النزوح السوري، هو غياب وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار عن اجتماعات السراي بهذا الخصوص، وحصر دعوته الى مأدبة الغداء التي لم يلبيها وهو أوصل رسالة اعتراضية لمن يعنيهم الأمر بقوله عن عدم حضوره الى غداء السراي “مسائبة عنا غدا بالبيت اليوم”،
واذا كانت المسؤولة الاوروبية قالت في سياق حديثها أن حزمة “المليار يورو” تهدف إلى دعم الخدمات الأساسية، إضافة إلى تقديم الدعم للجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى على صورة معدات وتدريب لإدارة الحدود ومكافحة التهريب، فإن ما استوجب التوقف في كلامها والذي أثار لغطاً هو اشارتها الى ان اوروبا تعوّل على تعاون لبنان الجيد لمنع الهجرة غير النظامية ومكافحة تهريب المهاجري، وهي ربما هنا تكون تقصدت ابقاء الأمر مبهما بين ان هذا الدعم هو للقوى الامنية والجيش ام هو لمنع الهجرة عن طريق لبنان الى اوروبا، وهو ما شرع الابواب السياسية امام السجالات والاتهامات، حيث كان يفترض الاشارة الى ان المليار يورو هي هبة غير مشروطة للبنان وبذلك يقطع الشك باليقين وتنتهي الحكاية عند هذا الحد، علما ان تأكيد الرئيس ميقاتي أن لا شروط مسبقة على لبنان لم يقنع القوى السياسية المعارضة للحكومة والتي تستعد لحملة تشنها على الحكومة بعد ان انتهت عطلة الأعياد ويأتي في مقدمة من يتحضرون لهذه الحملة “التيار الوطني الحر” الذي شن هجوما قاسيا على الرئيس ميقاتي حول هذا الأمر وهو قال أن اوروبا وكأنها استأجرت لبنان وشعبه بـ250 مليون يورو بالسنة، وكأنه إيجار المتر المربع بلبنان هو 2250 ليرة، وكأنه بالسنة قيمة أو أجرة قبول كل لبناني هي 14.000 ليرة في اليوم.
وتقول مصادر نيابية في هذا السياق لموقع “رأي سياسي” ان الملف السوري يجب ان يجمع اللبنانيين لا ان يقسمهم، سيما وان الكل ينظر الى هذا الملف على انه بمثابة قنبلة موقوتة، وان ما يعانيه لبنان من تدهور اقتصادي وارتفاع في منسوب الجريمة بات يفرض ان يكون هناك مقاربة موحدة لمعالجة ازمة النازحين التي لم يعد لبنان قادراً على استيعابها، وهي تسأل ما الذي يمنع التواصل السياسي بين لبنان وسوريا لمعالجة مسألة العودة؟ ، علما ان دمشق اعلنت مرات عدة ان ابوابها مفتوحة لمثل هكذا أمر.
وتوقعت المصادر ان يكون ملف النازحين عنوان المرحلة المقبلة، وهو يوازي في اهميته وخطورته المخاطر الناجمة عن العدوان الاسرائيلي، والشغور الحاصل في سدة الرئاسة.
تبقى الاشارة الى ان وزارة الداخلية تقول أن هناك 300 ألف نازح لديهم إقامة صادرة عن الأمن العام اللبناني، ومليون و486 ألف نازح مسجل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أما غير المسجلين في أي مكان فيبلغ عددهم وفق التقديرات 300 ألف سوري، كانوا دخلوا لبنان خلسة.