حركة مواطنون ومواطنات في دولة: لن نشارك في الجرم
أكدت حركة “مواطنون ومواطنات في دولة” في بيان أنه “في كل استحقاق انتخابي تكون القوى المعارضة للنظام أمام خيارين، إما الانكفاء والدخول في لعبة قياس الحصص وإما خوض الانتخابات لكسر أهداف السلطة من إجرائها”.
أضافت: “أجرت السلطة انتخابات بلدية عام 2016، وزعمت أنها محلية وتنموية وعائلية، وغير سياسية. كانت غايتها أولا ترميم شرعيتها بعد الغضب الذي أحدثته منازعات زعماء الطوائف على تقاسم الدولارات الناتجة عن إدارة النفايات، بسبب تراجع الأوضاع المالية، وثانيا أبعد من ذلك، التغطية على الهندسات المالية التي أطلقها رياض سلامة، تمهيدا للتسوية الرئاسية. خضنا المواجهة في حركة مواطنون ومواطنات في دولة. وكانت أولى اطلالاتنا السياسية، من خلال الترشح في اكبر ١٦ بلدية موزعة على كل الجغرافيا اللبنانية، بمشروع سياسي واحد، وذلك لتظهير بديل عن سلطة ائتلاف زعماء الطوائف والحلقة المالية وترتيباتهما الجارية. لم يلقَ موقفنا ودعوتنا لتشكيل البديل آذانا مصغية عند من كان من المفترض ان نكون معا في المواجهة، وذهب معظمهم الى معارك محلية، فضاعت الفرصة. وتبين، للأسف، أننا كنا محقين”.
تابعت:”أجرت السلطة انتخابات نيابية عام 2018 بعد أن أرسي الترتيب السياسي، وتمت الوحدة الوطنية، وأتت وعود سيدر بملياراتها. جهدنا وناضلنا لتظهير تحالف سياسي واسع قوامه التصدي للترميم الموهوم الحاصل. وأبلغنا أن الإفلاس وشيك، وأن تلافيه يتطلب دولة واثقة من شرعيتها، أي دولة مدنية. لم ننجح بقدر طموحنا وخطورة الوضع، فقبلنا بتحالف انتخابي ضمن لوائح شبه موحدة في أغلبية الدوائر، ولكن من دون أي مشروع سياسي واضح وواحد، فضاعت فرصة أخرى. وتبين، للأسف، أننا كنا محقين”.
أضافت:”أجرت السلطة انتخابات نيابية عام 2022، بعد انكشاف الانهيار المالي والسياسي، وبعد إجهاض انتفاضة ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩، ومنع تحولها إلى جبهة سياسية بقيادة موحدة، وذلك من جهة لتخاذل الأطراف المشاركة فيها، وإنما بخاصة، لقيام السلطة بفرض جدول نزاعاتها وعنفها، ولتفريطها بعشرين مليار دولار على ما سمي دعم. فارتاحت في الداخل، وراحت تسعى لاكتساب شرعية شكلية ولتنظيم انتظارها للترتيبات الخارجية، من دون أن يتعرض أي من أركانها لمسؤولية اتخاذ أي قرار اقتصادي ولا مالي ولا سياسي. قررنا مواجهتها على شرعيتها، بتحويل انتخاباتها إلى فرصة لتشكيل بجيل مؤسسي عنها، عبر إعلان كل المرشحين، على برنامج حكم واحد، تشكيلهم للمجلس الوطني المدني. بعد أن تم التوافق على ذلك في الدوائر الخمسة عشر، انقلبت مواقف المعارضين وذهبوا، فرادى، تحت شعار التغيير ولا يعرف أحد تغيير ماذا، يسعون إلى تحصيل الأصوات هنا أو هناك. نجحت السلطة في مسعاها، وتبين، للأسف، أننا كنا محقين”.
وسألت: “ما معنى إجراء انتخابات بلدية اليوم، في 2023. إذا قررت السلطة إجراءها، متخطية ما قد تحدثه من إرباك لهذا أو ذاك من أركانها؟ القصد واضح: ترتيب شبكات إدارة ترويض المجتمع، في استغناء نهائي عما تبقى من دولة ومن خدمات عامة، وإقامة كل قطب طائفي لشبكات تأطير ونفيع لـجماعته، باستخدام ما يحصله من تمويل خارجي عند رعاته. الغاية تحويل المجتمع إلى مجموعة من معسكرات الإعاشة. وليست شعارات اللامركزية المالية، سواء عند الذين يجاهرون بها ومنهم الداعون إلى تقسيم بلدية بيروت، أو عند الذين ينفذونها بصمت، إلا تعبيرا عن قصدهم. فالبلديات مفلسة، والصندوق البلدي المستقل مفلس، والكلام المكرر عن حجب أي مساعدة خارجية للبنان عن طريق الدولة بسبب فسادها، وحصر المساعدات بالمجتمعات المحلية يراد به فوضى أعم وشرذمة أوسع وتعزيز لبنيان المعسكرات الطائفية المتواجهة، وتوسيع لقنوات التدخل الخارجي في مسام المجتمع المنهك والمخترق اصلا”.
وختمت: “لن نشارك في الجرم. تحصيل الوجاهات لا يعنينا ولا يغرنا. الظرف محكوم بخيار واحد من اثنين: ارتضاء التكيّف والرداءة والتجزئة والاستغناء عن دولة، عن قصد أو عن جهل، من جهة، أو في المقابل، الدفاع عن المجتمع وإنشاء دولة نقيضها ائتلاف الطوائف ومأسسة معسكراتها ومناطقها. نمد يد التعاون لكل من يحملون الهموم نفسها، وهم جاهزون لمواجهة السلطة بالفعل لا بالشعارات، لنعمل معا على إظهار البديل القادر على تأسيس دولة مدنية تحمي المجتمع. السياسة مسؤولية وليست طقوسا”.