«حرب غزة» تضع الاقتصاد الإسرائيلي في مأزق غير مسبوق.
أعلنت وكالتا «موديز» و«فيتش» أنهما وضعتا قيد المراجعة تصنيف الديون السيادية الإسرائيلية الطويلة الأجل المصنفة حالياً في مستوى «إيه1»، تمهيداً لاحتمال خفضه بسبب الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة «حماس».
ولم يسبق من قبل خفض تصنيف إسرائيل من جانب أي من وكالات التصنيف الثلاث الرئيسية وهي «ستاندرد آند بورز غلوبال»، و«موديز» و«فيتش».
وأعلنت «موديز» هذا القرار في بيان الخميس بعد يومين على خطوة مماثلة قامت بها وكالة «فيتش» التي وضعت تحت المراقبة السلبية علامة الدين السيادي لإسرائيل الطويل الأجل والقصير الأجل بالعملات الأجنبية والمحلية.
وبررت «فيتش» احتمال خفض التصنيف يوم الثلاثاء «بازدياد خطر اتساع النزاع الحالي في إسرائيل ليشمل اشتباكات عسكرية واسعة مع جهات فاعلة كثيرة فترة طويلة».
ومن جهتها، قالت «موديز» إنّ «هذه المراجعة تقرّرت بسبب النزاع المفاجئ والعنيف بين إسرائيل و(حماس)»، محذّرة من أنّ التداعيات الأخطر لهذا النزاع هي «كلفته البشرية»، وأكدت أن هذا الإعلان «مرتبط بتداعيات الحوادث الأخيرة على الائتمان».
وإذ ذكّرت موديز بأنّ توقعاتها للديون السيادية الإسرائيلية «كانت في السابق مستقرّة»، قالت إنّها ستدرس خلال المراجعة مستقبل الحرب الحالية وتداعياتها، وقالت إنّها ستقوم خلال هذه المراجعة «بتقييم ما إذا كان من الممكن أن يتحرّك النزاع باتجاه حلّ، أو ما إذا كان هناك احتمال لتصعيد كبير ولفترة طويلة».
وأوضحت موديز أنّ «المراجعة ستركّز على المدّة المحتملة للنزاع ونطاقه، وعلى تقييم آثاره على المؤسّسات الإسرائيلية، لا سيما فاعلية سياساتها وماليّتها العامة واقتصادها». وأشارت إلى أنّ «فترة المراجعة يمكن أن تكون أطول من الأشهر الثلاثة المعتادة».
ولفتت «موديز» بشكل خاص إلى الطبيعة غير العادية لهذه الحرب بالمقارنة مع سابقاتها، وحذّرت من أنّه «كلّما كان النزاع العسكري أطول وأكثر حدّة زاد تأثيره على فاعلية السياسات والمالية العامة والاقتصاد» في إسرائيل.
وأضافت «موديز» أنه «حتى إذا كان النزاع قصير الأمد يمكن أن يكون له تأثير على الائتمان، كلما كان النزاع العسكري أطول وأكثر حدة، زاد تأثيره في فاعلية السياسات والمالية العامة والاقتصاد».
وقالت «فيتش» إنه قد لا يحدث خفض التصنيف إذا جرى «خفض للتصعيد؛ ما يحد من مخاطر التأثير المادي طويل الأمد على الاقتصاد والمالية العامة» لإسرائيل.
وسجلت تكلفة التأمين على ديون الحكومة الإسرائيلية باستخدام ما يُعرف بمبادلات مخاطر الائتمان السيادي قفزة كبيرة، ويستخدم المستثمرون مبادلات مخاطر الائتمان إما أداة للحماية وإما للمضاربة، وفي الأسبوع الماضي ارتفعت تكلفة شراء المبادلات لإسرائيل 80 بالمائة.
ومنذ بدء الحرب، شهد الشيقل الإسرائيلي تراجعاً قوياً أمام الدولار، ويتجه نحو تسجيل أدنى أداء سنوي منذ أكثر من 20 عاماً، وذلك بعدما تراجع لأدنى مستوى في 8 أعوام. هذا الأداء دفع البنك المركزي الإسرائيلي للتدخل بشكل عاجل، حيث أطلق برنامجاً غير مسبوق لدعم الشيقل، يتضمن بيع 30 مليار دولار وتخصيص 15 ملياراً إضافية من خلال أدوات المبادلة، بهدف تقليل تقلبات العملة.
وفي تقرير حديث، قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إن التجار زادوا من رهاناتهم ضد الشيقل الإسرائيلي، ما يضغط على بنك إسرائيل لإبقاء أسعار الفائدة دون تغيير، وتحقيق الاستقرار في العملة التي شهدت مرحلة انهيار غير مسبوقة، مشيرة إلى أن «المراكز المكشوفة» مقابل الشيقل ارتفعت بشكل حاد خلال الأسبوع، وفقًا لأبحاث «دويتشه بنك».
قال روهيني غروفر، استراتيجي العملات في «دويتشه بنك»: «في هذا العام، وصلت المراكز المكشوفة على الشيقل إلى مستوى قياسي»، مضيفًا أنه خلال الأسبوعين الماضيين ارتفعت الرهانات ضد الشيقل أكثر من أي عملة أخرى يتتبعها البنك.
وأوضحت الصحيفة أن انخفاض العملة يضع بنك إسرائيل في مأزق، فمن ناحية، من المرجح أن تتعرض لضغوط لتحفيز الاقتصاد من خلال خفض تكاليف الاقتراض في مواجهة صدمة النمو، بينما من ناحية أخرى، ستكون حذرة من أن يؤدي ضعف العملة إلى قفزة في أسعار السلع المستوردة.
وقال ليام بيتش، كبير الاقتصاديين في «كابيتال إيكونوميكس»: «إن بنك إسرائيل يشعر بالقلق بشأن ضعف العملة الذي يغذي التضخم، لكنه يدرك أيضاً أنهم إذا حاولوا دفعها في اتجاه معين، فقد ينتهي بهم الأمر إلى حرق احتياطاتهم».
وتابعت الصحيفة أن «سيتي بنك» أوصى باتخاذ موقف قصير الأجل على الشيقل هذا الأسبوع، محذراً من أن التكاليف المرتبطة بالحرب قد تتصاعد قريباً، وأن البنك المركزي الإسرائيلي قد يُضطر إلى خفض أسعار الفائدة في وقت أقرب مما كان متوقعاً.