أبرزرأي

حرب غزة…التأثيرات القيمية على المجتمع الدولي

محمد حسن الساعدي_ خاص رأي سياسي:
الحرب الكارثية التي ما زالت تمارسها آلة الحرب الاسرائيلية على الفلسطينيين العزل تركت أثر بالغ الخطورة على مجريات الاحداث في العالم، وأبعدت الشعوب عن مواطن حكامها، حتى باتت الدول البعيدة ايدلوجيا وفكرياً عن فلسطين وغزة تقف على هذه الاحداث وتعلن موقفها الرافض لهذه الحرب البربرية ضد شعباً ليس لديه سلاح سوى الحجارة، وقربت العداء كثيراً لواشنطن والغرب بشكل عام، حتى باتت الادارة الامريكية محرجة أمام هذه الحرب والتفنن بقتل الابرياء.
منذ أحداث إسقاط نظام صدام عام 2003 وواشنطن عملت على تعزيز الديمقراطية في العراق والشرق الاوسط من خلال بوابة “الربيع العربي” وواشنطن تسعى الى استثمار وجودها في المنطقة من أجل تعزيز الديمقراطية في العراق والشرق الاوسط من خلال تمويل المنظمات غير الحكومية “المجتمع المدني”وتقديم الدعم اللازم لهم، من خلال السفارة الامريكية في بغداد والتي تعد من اكبر السفارات في العالم ومن خلال أذرعها كالوكالة الامريكية للتنمية الدولية والصندوق الوطني للديمقراطية ومختلف وكالات الامم المتحدة.
بالرغم من الوجود الدبلوماسي الضعيف في العراق والوجود العسكري الكبير الا انها استطاعت مجاراة هذه القوة الناعمة والمعبر عنها بالمنظمات الغير الرسمية وان تكون بديلاً يضاهي القوتين الدبلوماسية والعسكرية وهذا ما انعكس بالفعل على دعم التظاهرات واللقاءات التي كانت تجريها ممثلة الامم المتحدة في العراق “جينين بلاسخارت” لشخصيات مجتمعية خارجة بذلك عن سياقات عملها الرسمي ودخلت في المحظور عبر لقاءات بشخصيات تثار حولها الكثير من الشبهات والتساؤلات وعن مغزى هذه اللقاءات .
في الوقت الذي اعلنت فيه واشنطن عن خروجها من العراق عبر المباحثات التي تجرى بين بغداد وواشنطن، ولكن يمكن القول أن هذه النوافذ المجتمعية أصبحت اكثر اهمية ونفوذ لصانعي السياسات الاميركية من أي وقت مضى وأصبحت منظمات المجتمع المدني التي ساعدت الدوائر الاستخباراتية الامريكية في تقديم المعلومات الكافية عن المجتمع العراقي، وامست أكثر وضوحاً خلال حركة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في تشرين الاول 2019 وأستمرت أشهر، لذلك فإن العديد من الروابط التي تربط الناشطين والباحثين بحلفائهم الغربيين والتي بدأت تتفكك تحت وطأة الحرب على غزة، وأن شعار الالتزام بحقوق الانسان والديمقراطية جعل المؤسسات الغربية شريكاً جذاباً، الا أن الوضع لم يعد كذلك حيث لم يكن الدعم الغربي للقصف الاسرائيلي لغزة سبباً في هز المجتمع الدولي فحسب بل جميع المنظمات المجتمعية العاملة في العالم والشرق الاوسط، حتى اعلنت موقفها الرافض لهذه المجازر البشعة بحق النساء والاطفال والرضع.
في تعداد 2020 كان هناك اكثر من 4000 منظمة مجتمع مدني مسجلة رسمياً وما يقارب من 500 منظمة متخصصة بحقوق الانسان والديمقراطية، إذ أعلنت بعض هذه المنظمات وتحديداً في العراق موقفها وادانتها للحملة الاسرائيلية في غزة، واعربوا عن صدمتهم تجاه هذه الحرب الوحشية ضد الابرياء العزل، وأسموها حرب أبادة جماعية وعلى المجتمع الدولي التحرك لإيقاف هذه المجازر الدامية للفلسطينيين في غزة.
على الرغم من ان الشرق الاوسط هو احد أقل مناطق العالم ديمقراطية، الا أن قادته ليسوا محصنين ضد ضغوط الرأي العام، كما شهدناه خلال الربيع العربي في عام 2011 وحركة تشرين عام 2019 في العراق ،والذي تشكّل من خلال النشطاء في هذه المنظمات والتي تعتبر أن الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تطبق شعارها مع موقفها، وان تطبيق مبادئ الديمقراطية والحرية في الشرق الاوسط لابد أن يأتي عن طريق هذه المنظمات التي تعمل تحت غطاء ترسيخ الديمقراطية في الدول العربية والاسلامية، لذلك وباختصار أن المجتمع الدولي خفف من أستخدام السلاح والقوة في اسلوب الحرب الجديدة واعتمد مبدأ الحرب من الداخل وبأسلوب ناعم.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى