اقتصاد ومال

“حرب بيانات” حول التجويع في السودان

تتصدر قضية التجويع المتعمد للسودانيين المشهد بكثافة الآن، وسط استمرار المحاولات الحكومية نفي ما تحاول التقارير الغربية والمنظمات المعنية بالأغذية إثباته حول الوضع الإنساني والغذائي الكارثي الذي يمر به الشعب السوداني، بسبب الحرب وتزايد معدلات النزوح في الولايات كافة، خاصة دارفور ومعسكرات النازحين بها، وأبرزها زمزم شمالي الولاية.

ولا تزال حرب الاتهامات مستعرة بين الأطراف المتصارعة، الجيش السوداني و”الدعم السريع”، حول مسؤولية عرقلة انسياب ووصول المساعدات الإنسانية للمتضررين. وأكد برنامج الغذاء العالمي في تغريدة على منصة إكس أن المجاعة تهدد 13 منطقة في السودان، من بينها الخرطوم ودارفور.

وسلّط الضوء على الحاجة إلى الوصول الآمن غير المقيد لتقديم المساعدات المنقذة للحياة. وأعرب البرنامج عن أسفه لتفشي الجوع بمخيم زمزم بدارفور، وفق تأكيدات لجنة خبراء الأمن الغذائي. وطالبت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية والوكالات الإنسانية المستقلة والحكومية بإيقاف إطلاق النار وتقديم المساعدات لكافة أنحاء السودان. وحذر مسؤولون أميركيون من أن الظروف الراهنة بالسودان تؤدي إلى حدوث مجاعة أشد فتكاً من المجاعة التي شهدها العالم قبل 13 عاماً.

وأشاروا إلى أن المجاعة بمعسكر زمزم بإقليم دارفور تتفاقم بشكل خارج السيطرة. وحمّلوا المسلحين بالسودان مسؤولية عرقلة المساعدات. واتهم رئيس المجلس السيادي الانتقالي عبد الفتاح البرهان، في تغريدة، “الدعم السريع” بمحاصرة ومهاجمة مدينة الفاشر، ومنع مرور الغذاء لنازحي معسكر زمزم. وفندت وزارة الزراعة والغابات السودانية ما يتواتر حول حدوث مجاعة بالبلاد.

وقالت في بيان أشارت فيه إلى متابعتها “لما يروج من شائعات في هذا الصدد”. واتهمت الوزارة “الدعم السريع” باستهداف الإنتاج الزراعي، وتعطيل نصف مساحة مشروع الجزيرة، ومنع وصول التقاوي للموسم الزراعي الصيفي بغرض تجويع الشعب. وكشفت الوزارة عن كفاية إنتاج الحبوب لموسم 2023-2024 لسد حاجة البلاد من الغذاء.

عمليات التجويع والردود

وقال مدير إدارة الأمن الغذائي بوزارة الزراعة والغابات، مؤسس شبكة الأمن الغذائي بالسودان، المهندس عمار حسن بشير، لـ “العربي الجديد”، إن الوضع الغذائي الآن بالسودان مستقر. وأشار إلى إصدار مفوضية العون الإنساني بياناً أكدت فيه أن المؤشرات الغذائية الآن لا ترقى لمستوى المجاعة. وأوضح أن وزارة الزراعة نفت في بيان آخر ما أشارت اليه مفوضية العون الإنساني وكذلك تقرير منظمة الفاو. وقال إن بعض الولايات تعرضت لفجوات غذائية لا أكثر، ولا يمكن أن نطلق عليها صفة المجاعة.

وطالب بشير بوضع حلول لهذه الفجوات. ولفت إلى عدم إشارة التقارير الخارجية المتعددة التي صدرت للأسباب التي أدت إلى حدوث ما وصفته بالمجاعة في السودان. ودعا مفوضية العون الإنساني إلى دعم المطابخ المركزية الخيرية، وإنشاء مراكز الإيواء واستلام المعونات وتوزيعها للمحتاجين. وقال إن هذه الحلول قصيرة المدى لمواجهة نقص الغذاء في المناطق التي تقع تحت سيطرة التمرد، ومناطق الضغط السكاني بسبب النزوح من الجزيرة وسنار والضعين وباقي المناطق.

وقال المنسق العام لمعسكرات النازحين واللاجئين بدارفور، يعقوب محمد فضل الله، لـ “العربي الجديد”، إن ما يحدث بالسودان هو تجويع متعمد. وأبان أن الأطراف المتحاربة، الجيش والمتمردون، هم السبب في هذه المجاعة، خاصة في معسكر زمزم، لرفضهم إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين.

وكشف يعقوب عن وجود مخطط داخلي وخارجي لتجويع السودانيين، حتى وإن اضطر ذلك لفناء سكان ولايات دارفور ومدنها ومعسكراتها. ووعد وزير الزراعة، أبوبكر البشرى، بسد الفجوة في بعض المحاصيل الغذائية تجنباً لحدوث اي مجاعة. وألزم الوزير شركات الري الحديث بتخصيص 10% من مساحاتها لزراعة الذرة ومحصول غذائي آخر، والتوسع في زراعة الذرة في المشاريع المروية والمزارع الخاصة.

كما وجه وزارات الإنتاج بتوفير التقاوي لهذه المساحات استعداداً للموسم الاستثنائي في البلاد. ونفى وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، حدوث مجاعة بالبلاد مستقبلاً. ووصف الوضع الراهن بأنه فجوة غذائية. ولفت جبريل إلى الجهود التي تبذلها الجهات الرسمية لتوفير وسائل الإنتاج والتقاوي والتمويل للمزارعين.

وقال المحلل الاقتصادي، عادل عبد العزيز، لـ “العربي الجديد”، إن المليشيا المتمردة، ومن خلفها الدول الداعمة لها، تستخدم سلاح الخوف من الجوع لابتزاز وإخضاع القوات المسلحة والقوات المساندة لها. وأشار عبد العزيز إلى استخدام هذا السلاح بكثافة في الوقت الحالي، مع حملة إعلامية قوية تتزامن مع مؤتمر جنيف لفرض فتح معبر الطينة الحدودي مع تشاد، وحماية قوافل الإغاثة، وتحصين كل ذلك بقرارات من مجلس الأمن الدولي.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى