اقتصاد ومال

حرب الرقائق تدفع أكبر طرح أولي في 2023 للخسارة.

يتورط الرئيسان الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ في حرب تجارية متصاعدة حول الإمدادات العالمية من الرقائق الدقيقة، بينما يسعى البيت الأبيض إلى كبح طموحات بكين كقوة عظمى في مجال التكنولوجيا، وقد يكون أكبر اكتتاب عام أولي لهذا العام هو الخاسر الإضافي في تلك المعركة.

تقدمت شركة أشباه الموصلات البريطانية “آرم”، التي تعمل تصميماتها على تشغيل جزء كبير من الأجهزة الإلكترونية في العالم، ليلة الإثنين، بطلب للاكتتاب العام في إدراج في بورصة “ناسداك” في نيويورك قد تبلغ قيمته نحو 55 مليار جنيه استرليني (70 مليار دولار).

تنص نشرة الشركة على أنها “تحدد مستقبل الحوسبة”، إذ يستخدم 70 في المئة من سكان العالم الأجهزة التي تعمل بتقنية “آرم”.

ويتخلل التوقعات والادعاءات المتفائلة سلسلة من التحذيرات في شأن أداء الشركة في الصين، حيث تجني نحو ربع إيراداتها من هناك، في وقت أصبحت فيه ممارسة الأعمال التجارية أكثر صعوبة.

وتشير وثيقة إدراج شركة “آرم” إلى الصين أو “جمهورية الصين الشعبية” 352 مرة، فيما خصصت 3500 كلمة للأخطار المرتبطة بأعمالها في الصين، محذرة من أنها “حساسة بشكل خاص” للأخطار السياسية.

وتشمل العيوب المحتملة افتقار الشركة إلى السيطرة على الكيان الصيني الذي يبيع تكنولوجيتها وإمكانية تخلي العملاء عنها من أجل التكنولوجيا المحلية.

وأنشأت شركة “آرم”، للمرة الأولى مشروعاً مشتركاً في الصين مع مستثمرين محليين في عام 2018، وتأتي الصفقة بعد عامين من شراء مجموعة “سوفت بنك” اليابانية للشركة المدرجة سابقاً على مؤشر “فوتسي 100” (FTSE 100).

“آرم” والشركات الصينية

وفي العام الماضي، باعت شركة “آرم” حصة الغالبية في المشروع الصيني لشركة “سوفت بنك” مقابل 930 مليون دولار، سعياً لوضع حد للملكية الإشكالية للعملية، ومع ذلك، لا يزال لديها اعتماد كبير على العملية، التي لها الحق في ترخيص تكنولوجيا أشباه الموصلات الخاصة بالشركة للشركات الصينية وتكون مسؤولة عن جزء كبير من إيرادات الشركة نتيجة لذلك.

واستحوذت شركة “آرم تشاينا” على 24 في المئة من مبيعات الشركة الأم “آرم” البالغة 2.8 مليار دولار في العام الماضي.

ويقول الموظف السابق في شركة “آرم”، مايكل ديميلو، الذي يشغل الآن منصب كبير المسؤولين التجاريين في صندوق الاستثمار “بلوك فنتشرز”، لـصحيفة “تلغراف”، “ستظل شركة (آرم) تواجه تحدياً في الصين بعد الاكتتاب العام، فليس لديهم سيطرة حقيقية على هذا الكيان”.

وتعترف الشركة الأم “آرم” في نشرة الإصدار الخاصة بها “بأن حقيقة أن شركة (آرم تشاينا) تعمل بشكل مستقل عنا تعرضنا لأخطار كبيرة”. وأضافت “إن قدرتنا على اتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة الأخطار المختلفة التي تواجه ذراع الشركة في الصين محدودة”.

من جانبه أثار الرئيس السابق لمشروع “آرم” الصيني المشترك، آلان وو، صراعاً على السلطة في عام 2020 بعد أن رفضت “سوفت بنك” قبول إقالته، لكن وو، واصل حملته القانونية ضد إقالته، على رغم أن جهوده لم تنجح حتى الآن.

وحتى لو ظل المشروع الصيني المضطرب للشركة في صفه، فليس هناك ما يضمن أن شركة “آرم” ستكون قادرة على الاستمرار في بيع تصميمات الرقائق الدقيقة الخاصة بها إلى الصين.

ضوابط التصدير الأميركية

رفعت إدارة بايدن الحواجز التجارية الأعلى أمام شركات أشباه الموصلات في الأشهر الأخيرة، الأمر الذي أثر بالفعل على قدرة شركة “آرم” على بيع أفضل معالجاتها “نيأوفيرس” في الصين.

وقالت الشركة، إنه على رغم قدرتها على استبدال التصاميم الأخرى إلى حد كبير، فإن ضوابط التصدير كلفتها نحو 28 مليون دولار في الربع الأخير، أي ما يزيد قليلاً على أربعة في المئة من إيراداتها.

وقالت شركة “آرم”، إنها تعرضت لتباطؤ الاقتصاد الكلي في الصين، مما أثر على مبيعات الهواتف الذكية، وهي أكبر مصدر للإيرادات. ومن المتوقع أن تنخفض شحنات الهواتف الذكية إلى أدنى مستوى لها خلال عقد من الزمن هذا العام، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الصين.

كما حذرت “آرم” من أن “الانكماش المطول في صناعة أشباه الموصلات في الصين بشكل عام يمكن أن يكون له تأثير مادي وسلبي على نتائج عملياتنا وموقعنا التنافسي”.

ومع ذلك، لم تظهر الشركة أي علامات على التراجع عن الصين. ومن بين الشركات الرائدة في السوق “الأربعة التي ذكرتها شركة “آرم” في نشرة الإثنين الماضي باعتبارها شركات ترغب في تعميق علاقتها معها، كانت هناك ثلاث شركات صيني وهي “فيفو” و”أوبو” و”تشياومي”.

وحتى العملاء غير الصينيين مثل شركة “أبل”، وهي المشتري الرئيس لتصميمات شرائح الهواتف الذكية من شركة “آرم”، لديهم مبيعات كبيرة في البلاد.

في حين تواجه شركة “آرم” أيضاً خطر لجوء العملاء الصينيين إلى تصميمات شرائح بديلة، بخاصة إذا كانت الحواجز التجارية تعني أن بكين تدفع الشركات نحو الاكتفاء الذاتي.

ويقول ستيوارت راندال من شركة “إنترالينك” الاستشارية ومقرها شنغهاي، إن عدداً متزايداً من شركات التكنولوجيا تستكشف استخدام التكنولوجيا المنافسة “ريسك- فايف” (هي بنية مجموعة تعليمات حرة ومفتوحة المصدر تستند إلى مبادئ الحوسبة المحددة ريسك).

ويضيف “تتطلع الشركات إلى أماكن أخرى، في المقام الأول نحو (ريسك- فايف)، الذي يستهدف الآن مساحة الخوادم إذ تتوقع شركة ” آرم” أن تنمو عالمياً”. وتابع “لست متأكداً من أن (آرم) يمكنها زيادة إيراداتها بشكل كبير هنا”.

يذكر أن بعض المستثمرين كانوا قلقين في شأن مدى تعرض شركة “آرم” في نشرة الاكتتاب العام، في حين سيكون تعويم سوق الأسهم واحداً من أكبر عمليات التعويم هذا العام، ومن المتوقع أن يعيد فتح السوق لإدراجات التكنولوجيا الأخرى.

ومع ذلك، فإن ظل الصين في نشرة شركة “آرم” يهدد بإلقاء ظلاله على الحفل المذهل الذي ستقيمه الشركة في سوق الأوراق المالية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى