
حسين زلغوط
خاص – “رأي سياسي”:

شكّل حضور المدير العام رئيس مجلس إدارة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بدر السعد، على رأس وفد إلى لبنان، عامل اطمئنان للبنان طال انتظاره، سيّما وأنه جاء بعد أن أخذت دولة الإمارات قرارًا برفع الحظر الذي كانت تفرضه على سفر مواطنيها إلى لبنان، وهو قرار بدأ سريان مفعوله أمس، ويُنتظر أن تليه قرارات مماثلة من دول مجلس التعاون الخليجي.
واللافت أن السعد أبلغ الرؤساء الثلاثة الذين جال عليهم أمس استعداد الصندوق لإعادة نشاطه التنموي وبرامجه القائمة والقادمة في لبنان، وإشارته إلى أن الصندوق العربي الآن لديه توجه جديد، وهو أن يقوم بذاته بدراسة الجدوى وتمويل المشاريع التنموية في لبنان بمساعدة الصناديق الأخرى، وبدلًا من أن يقوم لبنان بإعداد هذه الدراسات، فالصندوق سيقوم بإعدادها وتمويلها، وهذا يعكس جدية واضحة في مساعدة لبنان بأكبر قدر ممكن، وبأقل فترة زمنية.
هذا الدور للصندوق تجاه لبنان ليس وليد الساعة، بل هو على امتداد سنوات سابقة، حيث يُعدّ الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي أحد أبرز المؤسسات المالية الإقليمية التي تُسهم في دعم التنمية المستدامة في الدول العربية، بما في ذلك لبنان، خصوصًا لجهة تمويل مشاريع إنمائية متنوعة، مع التركيز على القطاعات الحيوية مثل الإسكان، المياه، الكهرباء، والنقل.
وفي هذا السياق، قام المجلس بخطوة هامة لدعم قطاع الإسكان في لبنان، حيث وافق على قرض بقيمة 50 مليون دينار كويتي (ما يعادل حوالي 165 مليون دولار أمريكي) لصالح مصرف الإسكان، برئاسة أنطوان حبيب، يهدف إلى تمويل قروض إسكانية لذوي الدخل المحدود والمتوسط، حيث يُتوقع أن يستفيد منه نحو 6,000 عائلة لبنانية، بحسب ما كان كرر قوله حبيب في جولاته على المسؤولين وفي مؤتمرات صحافية عقدها لهذه الغاية، للدلالة على أهمية الموضوع. وتتراوح مبالغ القروض بين 40,000 و50,000 دولار، موجّهة بشكل خاص للأسر التي تسعى لشراء شقق سكنية في المناطق الريفية والمدن الصغيرة.
ولا بدّ من ذكر أنه، واستجابةً للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان، قام الصندوق بتأجيل سداد الأقساط المستحقة لعامي 2022 و2023 إلى العام 2024، مع الاكتفاء بتسديد الفوائد المستحقة خلال عام 2023. جاءت هذه الخطوة بعد مفاوضات بين الحكومة اللبنانية، ممثلة بوزارة المالية ومجلس الإنماء والإعمار، والصندوق العربي، مما يعكس التزام الصندوق بدعم لبنان في مواجهة التحديات المالية.
وتُظهر زيارة وفد الصندوق العربي إلى لبنان في هذه الآونة اهتمامًا مباشرًا بمتابعة أوضاع المشاريع الممولة في قطاعات المياه، الصرف الصحي، النقل، والكهرباء. خلال هذه الزيارة، تم بحث سُبل تعزيز التعاون وتذليل العقبات التي قد تعترض سير العمل في هذه المشاريع، مما يعكس التزام الصندوق بتعزيز البنية التحتية الأساسية في لبنان.
ويُعتبر الدعم المقدم من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، بحسب مصادر متابعة، بمثابة رافعة اقتصادية هامة للبنان في ظل الأزمات المتتالية، من خلال تمويل مشاريع الإسكان والبنية التحتية، حيث يُسهم الصندوق في تحريك الدورة الاقتصادية، توفير فرص العمل، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي. كما يُظهر هذا الدعم عمق العلاقات العربية – اللبنانية، خاصة مع دولة الكويت، ويُسهم في تعزيز التعاون الإقليمي في مجالات التنمية المستدامة.
تبقى الإشارة إلى أن استمرار هذا التعاون يُعتبر أمرًا بالغ الأهمية في ظل التحديات الراهنة، ويُعزّز من قدرة لبنان على النهوض وتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في لبنان.