باسم المرعبي_ ناشر موقع “رأي سياسي”…
خلال زيارته بيروت في شباط الفائت، حمل وزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنيه الى المسؤولين اللبنانيين نصاً مكتوباً غير مذيل بتوقيع من أية جهة، قال انه مبادرة فرنسية لتهدئة الوضع في الجنوب والحؤول دون توسعة إطار الحرب بين لبنان واسرائيل، غير أنه هذه المبادرة الفرنسية التي جاءت من عدة بنود أبرزها انسحاب مقاتلي حزب الله وحلفائهم من مسافة تراوح بين عشرة إلى 12 كلم من الحدود ووقف الانتهاكات الجوية الإسرائيلية، كما تقترح إنشاء لجنة رباعية تضم فرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل ولبنان لمراقبة وقف الأعمال العدائية، لم يعطها لبنان أهمية كافية كونها غير موقعة من أية جهة، وبعد فترة وجيزة سلم السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو وزارة الخارجية نصاً مطبوعاً وموقعاً من الخارجية الفرنسية، ووصلت نسخاً منه الى مقر الرئاسة في عين التينة، والسراي الكبير، ومنذ ذاك الحين عكف لبنان على قراءة المقترح الفرنسي الذي اعتبر أنه أشبه بتفاهم نيسان من العام 1996، أي قبل التفاهم على القرار 1701، الى أن تم وضع رد متكامل على كل نقطة تتضمنها المبادرة الفرنسية، فجال وزير الخارجية عبدالله بو حبيب على الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وبحث معهم الرد اللبناني الذي لم يكن “حزب الله” بعيداً عنه، ثم اتصلت دوائر الخارجية بالسفير هيرفيه ماغرو وأبلغته عن موعد حدد مع الوزير بو حبيب وكان أمس الجمعة، وبالفعل حضر السفير الفرنسي على الموعد وسلمه الوزير بو حبيب كتاباً رسمياً يتضمن رد لبنان على المبادرة الفرنسية، التي كانت باريس أجرت تعديلات عليها، بحيث جاءت من روحية القرار 1701 الذي ينص على حصر الانتشار المسلح في جنوب لبنان بالجيش اللبناني وقوات “اليونيفل”، وقد أخذ لبنان في رده بأكثر من بند في المبادرة، فيما ترك ما تبقى من نقاط للأخذ والرد.
وفهم أن من بين النقاط التي جاءت في الرد اللبناني، المطالبة بتنفيذ مندرجات القرار 1701 كاملا، وتكرار أن لبنان لا يرغب بالحرب، مع تأكيد العودة الى الإجتماعات الثلاثية التي كانت تحصل في الناقورة بشكل غير مباشر عن طريق قوات “اليونيفل” العاملة في لبنان.
ومع هذا الرد الذي بات في حوزة السفير الفرنسي الذي سيرسله الى وزير خارجية بلاده يكون لبنان قد قام بما يتوجب عليه، وان الدوائر الفرنسية ستدرس النقاط التي طلب لبنان توضيحات حولها، فيما بقي على باريس الحصول على الرد الاسرائيلي على مبادرتها وهذا بالتأكيد سيأخذ بعض الوقت، كما سيكون هناك موقف رسمي من “حزب الله” عليها، علماً أن الحزب لا يمانع بعودة الامور الى ما كانت عليه قبل السابع من تشرين الأول الماضي فور الاتفاق على وقف للنار في غزة.
كل ذلك يقود الى القول بأن الأطراف المعنية بالوضع في الجنوب لا تمانع من الوصول الى حل دبلوماسي، من دون ان يسقط ذلك من الحساب بأن الحرب ممكن أن تقع في أية لحظة، طالما أن الحرب في غزة قائمة، باعتبار أن وجهة الأمور في الجنوب متروكة من قبل الحزب واسرائيل للميدان، وبذلك تكون كل الأمور مع قابل الأيام مفتوحة على كل الإحتمالات، مع أن معطيات دولية تؤكد أن احتمالات الحرب الواسعة ضئيلة بفعل ضغوط خارجية لا ترغب بحصول ذلك وان كان الحزب كما اسرائيل يتحضران كما وأن هذه الحرب واقعة لا محال.
وأفادت مصادر سياسية لموقع “رأي سياسي” أنه مع الرد اللبناني يتوجب على فرنسا التي باتت الكرة في ملعبها كونها صاحبة المبادرة أن تتحرك لمعالجة النقاط التي ما تزال عالقة بغية بلورة الامور للوصول الى خلاصة تؤدي الى إتفاق ينهي الوضع القائم، وينتظر بهذا الشأن أن يصار الى تواصل قريب بين الخارجية الفرنسية والأطراف المعنية لتذليل العقبات والحؤول دون الفشل، متوقعة أن لا يحصل ذلك بين ليلة وضحاها كون أن هناك نقاط معقدة وتحتاج الى مقاربة دقيقة للوصول الى الهدف المنشودة.