رأي

جنبلاط «لعبها صح» بفتح الأبواب للاستحقاق الرئاسي بشعار الرئيس الوفاقي غير الصدامي
هل يلتقي باسيل وجعجع على الدفع باتجاه تعطيل انتخاب الرئيس والوقوع في الفراغ ؟

كتب محمد بلوط في “الديار”:

بدأت معركة انتخابات رئاسة الجمهورية بعد ان فتح رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ابوابها باستئناف التواصل المباشر مع حزب الله اثر انقطاع ليس بقصير. جنبلاط لم يناقش مع قيادة الحزب اسماء مرشحه للرئاسة، لكنه بالتأكيد تناول هذا الاستحقاق كمحطة اساسية مضافة للانقاذ، محبذا اختيار رئيس يستطيع ان يحظى بأوسع تأييد ممكن.

صحيح ان مفاجأة جنبلاط لم تكن من العيار الثقيل، الا انها شكلت ارتجاجات نسبية لدى اطراف عديدة، خصوصا حلفاء الانتخابات الذين افترضوا انه ابتعد عن موقعه الاعتدالي وانضم الى معسكرهم المتشدد.

لم يخف اول هؤلاء سمير جعجع انزعاجه من خطوة جنبلاط وتوقيتها، لا سيما بعد فشل محاولاته احتواء المعارضين و»التغييريين» لقيادة جبهة معارضة في معركة رئاسة الجمهورية، وعندما ادرك ان حليفه الانتخابي سائر في خطوته باتجاه تحقيق حل انقاذي يكون رئيس الجمهورية الجديد جزءا مهما منه، بادر جعجع الى السعي للعرقلة والضغط قدر المستطاع لافشال مثل هذا التوجه، ووجه رسالة مباشرة الى جنبلاط برفض فكرة الرئيس التوافقي، ثم اعلانه اختلافه معه على الاستحقاق الرئاسي ورئاسة الجمهورية.

يقول مصدر سياسي ان رد جعجع كان سريعا او متسرعا، خصوصا انه لم يتمكن بعد نجاحه في زيادة حجم كتلته النيابية من استقطاب نواب او قوى اخرى لتشكيل قوة كبيرة فاعلة في الاستحقاقات المهمة مثل الاستحقاق الرئاسي. ويرى المصدر ان جنبلاط، حسِب كل الحسابات قبل الاجتماع بقيادة حزب الله، وانه يحظى بتشجيع وتفهم داخليين، ويقال ان فرنسا تؤيد وتبارك دوره الذي ليس بعيدا بل الاقرب الى توجه الرئيس بري بصورة عامة.

ويشير المصدر الى ان رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» لا يريد استفزاز احد، بل يحرص على طمأنة الجميع بعدم القبول برئيس صدامي، لذلك اوعز للنائب وائل ابو فاعور للمبادرة الى التوضيح بانه لن يختار مرشحا من ٨ آذار الا مرشح تحد، وتفادى حسم موقفه من اختيار سليمان فرنجية، وترك حسم تصنيفه كرئيس وفاقي الى «اللقاء الديموقراطي».

ومما لا شك فيه ان زيارة وفد قيادة الحزب «التقدمي» لبكركي، ولقاء رئيس حزب «الكتائب»، والمشاورات التي اجراها الحزب قطعت التصعيد في وجه تحرك جنبلاط، وطمأنت البطريرك الماروني لكي يؤدي دورا وفاقيا في الاستحقاق الرئاسي، بغض النظر عن الخلاف معه في موضوع الحياد.

وكعادته، حزب الله لم يتوسع او يبالغ في الحديث عن حجم ونتيجة اللقاء مع جنبلاط، رغم ترحيبه به وباجواء الحديث الصريح معه. فالحزب، حسب المتابعين، له حساباته الداخلية والخارجية، ولا يريد ابدا ان يقدم على اي دعسة ناقصة، لكنه في الوقت نفسه حريص على انتخاب رئيس لا يخضع لاي املاءات خارجية خصوصا من الادارة الاميركية، ويؤدي في الوقت نفسه دورا ايجابيا في عملية الانقاذ والحفاظ على حقوق لبنان.

ومن المفيد الاشارة، الى ان هناك محطة مهمة مقبلة ستحمل معطيات اضافية، ربما تساهم في انقشاع المسار الى الاستحقاق الرئاسي، حيث يتوقع ان يتناول بري في خطابه المرتقب في ذكرى تغييب الامام الصدر في آخر الشهر الجاري في مهرجان صور هذا الموضوع الحيوي، مع بداية المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس.

صحيح ان معركة الرئاسة فتحت، الا انه من المبكر ان تبوح بكل اسرارها، لا سيما ان هناك تحديات وعقبات كبيرة تواجه الاستحقاق الرئاسي . وتزداد المخاوف من عدم اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، خصوصا اذا لم تمارس ضغوط حقيقية داخلية وخارجية لتحقيق هذا الهدف.

ويخشى ان يحفر المسيحيون هذه المرة حفرة الفراغ، ليقعوا فيها قبل غيرهم . فالمواقف الاخيرة للقطبين المسيحيين «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» من موضوع الاستحقاق الرئاسي غير مشجعة، فجعجع يعرف ان ترشحه للرئاسة سيكون ثقيلا، كما عبر النائب السابق «القواتي» انطوان زهرا مؤخرا، لكنه يريد الذهاب الى الاستحقاق بموقف متشدد، رافضا الرئيس التوافقي ومنحازا لرئيس التحدي . ويدرك رئيس حزب «القوات» ان فرص مثل هذا الرئيس غير ممكن بل مستحيل، لذلك يخشى ان يدفع اكثر باتجاه التصعيد لخلق الاجواء المتاحة لتأخير الاستحقاق الرئاسي والوقوع في الفراغ.

ومع ان رئيس التيار جبران باسيل حريص في تصريحه الاخير على التخلص مسبقا من تهمة التسبب بالفراغ الرئاسي، الا ان اختتام كلامه بالقول « اننا سنكون حراس الحقوق والجمهورية والرئاسة»، يحمل تفسيرات عديدة تبعث على الشكوك في ما سيؤول اليه في موقفه لاحقا من مسار ومستجدات الاستحقاق الرئاسي.

وتخشى الاوساط السياسية من ان يلتقي «التيار» و»القوات» على تغليب خيار التعطيل والفراغ، اذا وجدا ان بوصلة الرئاسة ذاهبة باتجاه لا يخدم مصالحما ومراميهما وطموحاتهما.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى