جنبلاط: توقف الحرب هي فضيحة للجيش الإسرائيلي..
لفت الوزير السابق وليد جنبلاط إلى أن “الحرب الأهلية في لبنان كانت داخلية، وكان لها ضوابط خارجية، سوريا والمملكة السعودية، وكانت ساحتها محدودة، أما في حرب العام 2006 فقد كان ثمّة دول تحاول تجنيب لبنان الحد الأدنى من الخسائر، وكان هناك جاك شيراك والملك عبدالله وحسني مبارك، فانحصرت الحرب في بعض المناطق، لكن اليوم لا أحد جانبنا في ظل الانحياز الغربي الهائل لإسرائيل، وتحديداً الفرنسي الذي كان ضد التوازن في أوروبا، فأوروبا مُلحق بأميركا، واميركا ملحق باسرائيل”.
وحول ما يجري في جنوب لبنان، قال جنبلاط: “حتى الآن الإيقاع العسكري جنوباً ضمن الحدود ومَدروس. لكن عندما تبدأ الحرب لا أحد يعرف كيف يُسيطر عليها. حتّى لو كان حزب الله يعلم تجربة 2006 ومآسيها، مع تلك الأساطيل الكبيرة التي لم تأتِ إلى البحر المتوسط كنُزهة، وهي أساطيل هجومية ستُشارك في حال اشتعلت جبهة الجنوب، أو في حال لم تكفِ مُهمّة الطيران الإسرائيلي في غزة، وهناك قوات مارينز التي تنزل على الأرض ستشارك في عمليات دلتا. الجيش الاسرائيلي يتباهى بهذه القدرة الهائلة، لكنه في النهاية جيشٌ جبان ومجرم والقتل هو عنوانه”.
وأشار إلى أنّ “قرار حزب الله لبناني، لكن قد يكون ثمّة حيثيات خارج لبنان تذهب إلى الجمهورية الإسلاميّة في إيران”، لافتا إلى أنّ تصريحات وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان “مُلتبسة، ولا نعلم بالعقل الإيراني أين الدبيلوماسية”. وقال: “أنا عليّ أن أتخوف كَوْن تلك الأساطيل قد تهدف إلى ضرب الجمهورية. اسرائيل لم تستطع بعد كسب المعركة في غزة، لكن أقول أنّ تلك الاساطيل قد تكون مهمتها مساعدة اسرائيل في غزة ومجابهة الخطر المُحتمل أو العدو المُحتمل الذي هو الجمهورية”.
ودعا إلى “فتح الحدود مع مصر”. وتابع: “نجحنا الآن كعرب في الرد من خلال التصويت في الجمعية العامة، لكن هذا القرار غير مُلزم، وهو قرار لا غوتيريس فرضه ولا جوزيف بوريل، وفرنسا بالجمعية العامة صوّتت ولكن لا أعلم كيف”.
وفي السياق، توجّه جنبلاط الى الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله قائلاً: “أقول لنصرالله أتمنى ألا ينزلق لبنان إلى الحرب حرصاً على لبنان وأهل الجنوب، وهو مُدرك لهذه المعاناة على ما أعتقد، والمطلوب ضبط النفس”.
وعن أهداف عملية السابع من تشرين الأول في غزّة، أجاب: “في حال توقفت الحرب اليوم، هذه فضيحة للجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر وللاستخبارات الإسرائيلية التي تعرف كل شيء في العالم. أمس كاد أن يقع شجار بين نتنياهو وجماعته بهذا الموضوع. نفس الشيء حدث بـ 6 اكتوبر (تشرين الأول) منذ خمسين عاماً، الجيوش العربية اقتحمت اسرائيل ولم تكن تعلم اسرائيل”.
وتابع: “إذا لم يُعالَج هذا القهر في غزة فالقتال سيستمر. لذلك، يجب فك الحصار ووقف اطلاق النار، للوصول الى الحل السياسي. وهنا السؤال أي حل سياسي؟ هل نستطيع أن نعود إلى حل الدولتين، قد يكون مستحيلا، الا إذا أوقف الغرب – أميركا المساعدات الهائلة الى الاسرائيليين ونبدأ بالاتحاد الأوروبي والبضائع الإسرائيلية ومقاطعتها”.
وتابع جنبلاط: “يجب أن تُطلق فرنسا حرية التظاهر بدل منع التظاهر أو تغريم المتظاهرين، فإنها ثاني أو أول بلد مسلم بالغرب لناحية تعداد سكانها المسلم وعلى ماكرون ان يعترف بذلك. وعليه محاورة المسلمين والعرب في فرنسا وإعطائهم الحرية والمراكز”.
وتابع: “في موضوع العلمنة، هناك بعض المسلمين يرفضون العلمنة فلا يمكن تطبيقها عليهم في فرنسا، هناك من ينسجم معها والبعض الآخر لا ينسجم معها. آخر قرار لوزير التربية الفرنسي بمنع “العباءة”، فمن قال لك انها شعار مسلم، العباءة هي للجميع المسلم والمسيحي، فهي لباس. وهنا نعود الى حديث عن النقاب: النقاب شيء والحجاب شيء آخر، فعندما تذهب المرأة المسيحية إلى الحج في الأماكن المقدسة المسيحية تضع الحجاب، فما الفرق بين الحجاب المسلم والمسيحي؟”.
وعن تقييم الدور المصري في شأن التصعيد في غزة، سأل جنبلاط: “فقط مصر؟ هذه تركيا: اسرائيل تسحب سفيرها من تركيا، وتركيا لم تسحب سفيرها من إسرائيل”.
وبالنسبة للهجوم البري على غزة، أجاب: “حصل ويحاولون التجربة، لكن هذا يتطلب الوقت، والحرب قد تطول شهرين أو اكثر، إذا انتهت”.
ورداً على سؤال حول مشاركة مجموعات أخرى غير “حزب الله” في جنوب لبنان، قال جنبلاط: “أقول لحزب الله يكفي أن تكون الآلة العسكرية لكم وحدكم في الجنوب، ممسكة بقرار السلم والحرب، بالإضافة إلى وجود الجيش اللبناني. لكن عندما تدخل تلك الفصائل، قد يكون قرار البعض منها ليس بيد حزب الله، وقد يكون هناك مصالح ثانية إقليمية أو محلية قد تحرج “حزب الله” وتدخله في حرب شاملة خارج إدارته. والأفضل أن يراقب أكثر كي يبقى قرار السلم والحرب بيده. وفي هذه الظروف لا يمكن أن نعطي نظريات حول الاستراتيجية الدفاعية، إنما إذا خرج لبنان بعد 3 أشهر من دون حرب، يمكننا دراستها، ولكن اليوم لا يمكن الحديث عن السيادة، فأي بلد عربي لديه سيادة أمام تلك الأساطيل؟ لا أحد”.
أضاف: “قواعد الاشتباك الجديدة لا تلغي اتفاق الهدنة، الذي يعني احترام حالة الحرب، فإما الذهاب نحو هدنة وإما الحرب. إنما القوات الدولية لا تستطيع فرض إرادتها بالقوة، بل هي قوات فصل وحماية وهي لعبت دورا في تفادي بعض المشاكل. لكن اليوم دخلنا في موضوع أكبر. ووجودها إيجابي جداً لأهل الجنوب ولبنان على المستويين السياسي والاجتماعي”.
وحول انقطاع لبنان عن محيطه، قال: “لا أقطع الأمل من المملكة العربية السعودية، وأعتقد أن قطر مستمرة بدعم لبنان، ومصر. إنما الجميع ضمن إمكانياته. وقد كانت اللجنة الخماسية، ويمكن أن تعود، حتى في ظل هذه الحرب الكبيرة، عبر لودريان أو غيره، وهو كلف بمهمة، على الأقل ماكرون نجح بالقيام بها، إذ بغير أمور لم ينجح، دوّر الزوايا في لبنان، وأسقط آنذاك مرشحي التحدّي، ولكننا لم نره منذ حينها، إلا إذا أصبح في العُلى. الحزب لم يتخلّ عن مرشح التحدي إنما من جهة واحدة فقد تم الأمر على الأقل”.
وعن خطة الطوارئ في لبنان، قال: “يقال إن الوزير الذي استلم خطة الطوارئ جدي، لكن طبعاً ليس بإمكانه استلام جميع الطوارئ، فهناك الهيئة العليا للإغاثة، الصليب الأحمر، الدفاع المدني والجيش. وهل صحيح ما إذا كانت ستقطع عن العسكريين المساعدة الشهرية أم لا؟ هذا إذلال للجيش، وهذه المساعدة هي إحدى الأسباب التي ذهب من شأنها الرئيس ميقاتي إلى قطر التي ساهمت في هذا الأمر، لكن الاهم هي ورشة العمل. ولكن يجب أن تتوفر الامكانيات، ولننتظر 3 اشهر ونشكل حكومة وننتخب رئيساً ونقوم بإلغاء حالات الوكالة فهذا يكفي. نكون قد حققنا إنجازا ونذهب بعدها إلى الإصلاح الاقتصادي”.
وشدّد على وجوب الخروج “من عبثية بعض الناس”. وقال: “التمديد لجوزيف عون مثلا: لحسابات سياسية تخص حزب الله وباسيل نُبتَز مجددا لعدم التمديد. هذا أمر عبثي. يبدو أن حزب الله يتفق مع باسيل على عدم التمديد، ويضعون علي شروطاً. أنا رشّحت عميدا على قاعدة الأقدمية في الجيش اللبناني لرئاسة الأركان، فسألوني، “هل أضمنه؟”. هذا كلام سخيف، فهو سيتسلّم رئاسة أركان الجيش. أليس الأفضل أن يستلم إلى جانب قائد جيش جديد أو التمديد لعون، ومجلس عسكري. الجيش يُمتحن كل يوم. الجيش يفكك صواريخ تُترك في أرض الجنوب كل يوم”.
أضاف جنبلاط: “يبدو أن ثمة من لا يريد أن يرى البعد الأكبر الموجود فيه لبنان، والخطر اليوم وجودي على لبنان. باسيل زارني واستقبلته وعبّر عن خوفه على لبنان. طرحنا جوزيف عون لقيادة الجيش جاء الجواب من ناحية أخرى: من وفيق صفا الذي قال: “لا نريد حشر” جبران باسيل”.
ورأى جنبلاط أن “الثورة (تشرين ٢٠١٩) نجحت”، قائلا: “استخدمت شعارات جدية ووضعتنا جميعا -عن حق أو باطل- في المستوى نفسه، لكن الذين خرجوا من الثورة لم يعرفوا كيف يستخدمون آلية لتغيير النظام. أتمنى تغيير النظام من خلال تغيير النظام الطائفي المدعوم من قبل كل الأركان. كمال جنبلاط حاول سلميا تغييره على مدى 40 سنة فقتلوه. فليتفضلوا الجُدد ويغيّرونه”.
وختم جنبلاط: “أتشاور دائما مع تيمور جنبلاط. لكن الأعباء العملانية عليه هائلة. أتحدث عن فلسطين لأن تاريخي فلسطيني ودمي فلسطيني. هذا تراثي. تيمور لا يتمتع بنفس التجربة مع فلسطين، لكن اليوم بات يتمتع بها”.