جمعياتنا التعاونية… تغذية البطون لا العقول!
كتب حمد الحمد في صحيفة الراي.
الجمعيات التعاونية في الكويت مشروع ناجح، لكن في جانب آخر فاشل بامتياز، فهُناك ما يُقارب 70 جمعية تعاونية، أراضيها أملاك دولة، إلا أنها لا تخدم أهداف الدولة، ومن أهمها دعم الثقافة والفكر.
ادخل جمعيتك تجد في الملحمة لحماً، وفي المسمكة سمكاً، وفي المخبز خبزاً، وفي المطعم طعاماً، وفي الكافيه قهوة ومحل نخي وباجيلا وغيره، وكل تلك تغذي البطون، لكن ادخل المكتبة لا تجد كتباً، إنما فقط أوراق وأقلام وقرطاسية، أصحاب المكتبات يقولون إن ترخيصنا قرطاسية فقط، وبمعنى أصح «الكتب لا توكل خبز».
الدولة مُمثلة بوزارة الإعلام تصدر المجلات والكتب القيّمة، منها مجلة العربي والكويت وعالم المعرفة وعالم الفكر وغيرها، ومركز البحوث والدراسات الكويتية يُصدر شهرياً كتباً تاريخية عدة عن الكويت، وجامعة الكويت تصدر مجلات مُحكمة، ورابطة الأدباء أعضاؤها بالمئات يصدرون عشرات الكتب، لكن مصيرها إما المخازن أو البيوت، ولا تجد رفاً في جمعياتنا، ولا تصل إلى المواطن الكويتي الذي سكنه في الضواحي حيث الجمعيات، لهذا اتحاد الجمعيات التعاونية يبدو أن ليس في أهدافه ولا خططه، إلا دعم البطون أما تغذية العقول فلا وألف لا.
الكويت تحتل المركز الأول في السمنة، لهذا جمعياتنا هدفها الأول هو تكبير الكروش، وليس ترويج ما يُكتب في الطروس، وكلمة الطروس مفردها طرس، والطرس هو الورق، وهي كلمة فصيحة من لهجتنا القديمة، لهذا يقول الشاعر زيد الحرب: «أو شاعرٍ بيطار في نظم الاشعار قصايده بالطرس كلٍ سطرها»، وكذلك يقول الشاعر عبدالله الدويش: «دن لي يا صاح حبر في دوات والقلم جره على طرسٍ جديد».
في هذا السياق كان لي تجربة مؤلمة وطريفة، فعدما صدر لي أول مجموعة قصصية عام 1988م، أخذت مولودي الجديد فرحاً لجمعية ما، وقدمت نسخة لمدير المبيعات، نظر لي باستغراب، وكأنه للمرة الأولى يعرف أن هناك شيئاً اسمه كتاب، وقال «نريد ثلاث حبات!»، ولا ألومه كونه مُعتاداً على التعامل مع صناديق الطماطم والبصل والثوم وليس الكُتب، وموزع كتابي في حينها أخبرني أن مُدير مبيعات في جمعية ما، من أول نظرة رفض الكتاب، بحجة أن في الغلاف صورة فتاة «مطلعة» شعرها بمعنى غير مُحجبة. لهذا مطلبنا نحن الكُتّاب للجهات الحكومية أن تسمح أو تُلزم الجمعيات بنشاط محل بيع كتب أو مخزن كتب أو بوك شوب، من أجل إتاحة الفرصة للمواطنين في ضواحيهم وجمعياتهم الحصول على الكتب التي تصدر… نتمنى ذلك.