جعجع : مسؤولية ما وصلنا اليه تتحمله بعض الاحزاب والشخصيات المستقلة
أكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أن “الهجوم الطاحن من البعض على كل الأحزاب وعلى مفهوم العمل الحزبي والذي أدى إلى محاولة لتقسيم المجتمع بين مؤيد للاحزاب أو معارض لها، هو بعيد كل البعد عن الواقع ويعد أكبر عملية تزوير في تاريخ المجتمعات وفي تاريخ لبنان”.
وإذ لفت إلى أن “دور الأحزاب بالمطلق ضرورة قصوى في المجتمعات”، آسف جعجع أننا “رأينا في السنتين الأخيرتين هجوماً على مفهوم العمل الحزبي، ما هو خطير جداً، بسبب خنفشارية البعض وسوء نية البعض الآخر بحجة أن لبنان وصل إلى هذا الوضع بسبب الأحزاب، لكن تناسى هؤلاء أنه كما مسؤولية ما وصلنا إليه تتحمله بعض الأحزاب كذلك بعض الشخصيات المستقلة”.
وتحدث جعجع، خلال حفل تكريم نظمته مصلحة المعالجين الفيزيائيين في “القوات” للنقيب السابق طانيوس عبود، في معراب، بحضور النائب أنطوان حبشي، الأمين المساعد لشؤون المصالح نبيل أبو جودة، مديري قسم العلاج الفيزيائي في جامعة الحكمة فادي مندلق والجامعة الأنطونية إيلي عاقوري، المدير السابق لقسم العلاج الفيزيائي في جامعة القديس يوسف شاكر أبو عبدالله، أعضاء مجلس نقابة المعالجين الفيزيائيين في لبنان بشارة غلام وكارلو سعد وفادي حنا، رئيس جمعية خريجي العلاج الفيزيائي في جامعة القديس يوسف جويل بستاني، رئيس مصلحة المعالجين الفيزيائيين في “القوات” روي الراعي، أعضاء المصلحة ومعالجين فيزيائيين.
ورأى جعجع أن “التشويش والتجارة في موضوع الأحزاب ومفهوم العمل الحزبي بسبب وجود خنفشاريين ووصوليين ومتنطحين وفوضويين يظهرون في الأزمات، ونراهم اليوم في كل المناطق من بيروت إلى بشري، يسوّقون لفكرة أن كل الأحزاب “ما بتسوا”، متجاهلين أنه “على الأقل يوجد حزب واحد لا ينتمي إلى المجموعة التي “ما بتسوا” وهو حزب “القوات اللبنانية”.
وأضاف، “الكلام بهذا الأسلوب ينمّ إما عن جهل مطلق أم عن سوء نية، وهذا على الأغلب، ويعود ذلك لأنهم أما من الطامحين أو المتنطحين. فواحدة من مشاكلنا في المجتمع هي التنطح بهدف الرغبة لتحمل مسؤولية، لا مقومات لديهم أصلاً لاستلامها، لم ينجحوا بالوصول إليها على خلفية تواجد أحزاب كبيرة، فاستغلوا الوضع الذي يمر به لبنان والتي تتحمل نتيجته بعض الأحزاب لتحميل المسؤولية إلى كل الأحزاب عن سابق تصور وتصميم، محاولين بذلك إزاحة الأحزاب وإيجاد مكان لهم على الساحة السياسية”.
وتابع، “إلى جانب الطامحين والمتنطحين، هناك أيضاً من يرغب بمهاجمة طرف أو حزب معين ولكن خوفاً من اتهامه بأنه مع الطرف الآخر يلجأ إلى مهاجمة الجميع، ناهيك أن هناك فئة تسعى للشعبوية وبالتالي هذا المنطق يؤذي الشعب اللبناني أكثر من المنظومة الحاكمة في البلد”.
وإذ أسف أن الحملة التي شنت على الأحزاب تحت راية “كلن يعني كلن”، ضربت مبدأ أساسياً في المجتمع وهو العمل الحزبي، شدد جعجع على أنه “ما من مجتمع ينجح بالنهوض من دون الأحزاب، فالعمل السياسي في كل المجتمعات المتحضرة قائم عليها وذلك أمر طبيعي باعتبار أن الأحزاب هي مدارس وجامعات السياسة. فالسياسة مسار تحتاج إلى تدريب أكبر بكثير من المهن الأخرى، ولا يقوم بهذا التدريب إلا الأحزاب التي تحتاجها المجتمعات لخوض غمار السياسة فهي تضم مناصرين ومؤيدين ومحازبين، من مختلف شرائح المجتمع ومن كل المناطق، تطلع على مشاكلهم وهمومهم كما على حاجات مناطقهم فتقوم فرق عمل فيها بدراسات حول هذه المشاكل بهدف ايجاد حلول لها ووضع تصور لكيفية معالجتها، وهكذا يُحضر الفرد للشأن العام. الأمر الذي ينطبق على حزب القوات اللبنانية المتواجد في كل المناطق ويعيش مشاكل شرائحها كافة ويتابع همومها”.
وبمناسبة تكريم عبود، اعتبر جعجع أنه “كان نقيباً في مرحلة صعبة، وتوقع مساعدة اكبر من وزراء ونواب “القوات” ولكن “العين بصيرة واليد قصيرة” والعمل داخل الحكومة صعب جداً خصوصاً إذا كانوا أقلية فيها”، مشيراً إلى أن “ملف الكهرباء خير دليل على ذلك، فالقوات اللبنانية منذ عام 2016 حاولت استدراك ما حصل في هذا الملف لكنها لم تفلح، على الرغم من كل الدراسات التي عمل عليها نوابها ووزرائها”.
وأردف، “نخوض الانتخابات النيابية كي ننجح بتحقيق أمور أكبر وأكثر في السنوات المقبلة. إذ أن النتيجة التي وصل إليها اللبنانيون اليوم سببها خيارهم في الإنتخابات عام 2018، بمنح الثنائي الشيعي والمقربين منه اكثر من 40 نائباً والتيار الوطني الحر 27 نائباً أي أكثرية المجلس النيابي”.
ونوه جعجع بمصلحة المعالجين الفيزيائيين في “القوات”، معتبراً أنها “من المصالح المثالية من ناحية تداول السلطات، فمنذ تأسيسها اتبع اعضاؤها هذا الموضوع وبات تقليدا متّبعا حتى اليوم”.
بدوره، ألقى حبشي كلمة حدد مفهوم العمل النقابي والعمل السياسي الذي اعتبر انه مبني على تحقيق مشروع له أهداف ويخضع للمشارب الثقافية والفكريّة التي ينتمي إليها صاحبه، وفي صلبه، قيمة الإنسان وكرامته؛ مهما كان لونه أو طبقته الإجتماعيّة أو دينه أو انتماؤه.
وأضاف، “أما العمل النقابي فهدفه تحسين وحماية أشخاص ينتمون إلى مهنة محددة هدفهم حماية معايير هذه المهنة اجتمعوا في جسم هو النقابة، التي بدورها تهدف الى حماية وتطوير الانسان الذي ينتمي إلى مهنة واضحة المعالم. وبالتالي غاية العملين السياسي والنقابي خدمة الإنسان ولا بد أن يتلاقيا”.
وتابع، “مسرح الصراع هو الإنسان الفرد أو الإنسان النقابي ويتحمل نتيجة هذا الصراع الحزب والنقابة. كل شخص منكم لديه وجهة نظر سياسية وينتمي للنقابة بالوقت نفسه. وبالمعنى الفعلي بات لكل شخص هويتان اجتماعيتان، وإذا حدث صراع بين المشروعين يصبح هذا الشخص مسرح الصراع. وإذا أخطأ هذا الفرد بالتصرف فإنه يؤذي الحزب كما النقابة”.
واعتبر حبشي أن “هذه المعضلة كانت موضوع نقاش طويل داخل حزب القوات اللبنانية خلال العديد من المؤتمرات النقابية، وتوصلت فيها الى ان الحل يكمن في المقاربة الآتية: الصراع السياسي مسموح، لأنه في الوطن ومرتبط بمشارب ثقافية، أما العمل النقابي فلا يخضع لهذه الاخيرة ومهما كانت مشارب الفرد الثقافية أو انتماءاته يجب الا يؤثر ذلك على الرؤية النقابية، لأن عملها ينطلق من مسألة تقنية تتم معالجتها بالعقل والمنطق”.
وأكد حبشي أن “أقسى الامنيات في بلد ديمقراطي ان يخضع المشروع السياسي لنقاش وحوار عبر المؤسسات الدستوريّة الضامنة للديمقراطية، وما يعبر فعليا عن هذا المشروع هو الانتخابات، لأن الثورة الأكبر في العالم هي تلك التي تحدث في صناديق الاقتراع”، مشيرا الى انه “لا يمكننا اليوم اعتبار لبنان بلدا ديمقراطيّا لان المعيار الديمقراطي يقاس في غياب الترهيب بالعنف والترغيب بالفساد، لذلك تعد الديمقراطيّة في بلدنا منقوصة”.
وذكّر أن “العمل النقابي في لبنان كان أساسيا قبل الحرب، وتشرذم كثيراًُ خلالها، ففي بدايتها، تأثر العمل النقابي بتاريخيّة نشأته، وانحرف صوب الدفاع عن مشروع سياسي، وبعد الطائف ومع سلطتي الاحتلال والوصاية، وغياب العمل ديمقراطي بالمعنى الفعلي تمّ إنبات نقابات، مما هبّ ودبّ، لإيجاد تمثيل نقابي صوريّ لخلق اتحادات وتجمعات تتحكم بها السلطة السياسية”.
ورأى أن “واحدة من أهم مشاكلنا في الدفاع الفعلي عن مصالح النقابات والعمّال تكمن بأن عددا كبيراً منها مرهون للسلطة السياسية، بدل أن تُسخر النقابة العمل السياسي لتحسين وضع الإنسان”.
وأشار إلى أن “المطلوب اليوم من النقابي، أيا كان إنتماؤه السياسي، خلق مساحات مشتركة مع الآخر جوهرها المصلحة النقابية وبعيدًا من أي تصنيف لان التصنيف وسوء إدارة الدولة أوديا إلى الإنهيارات التي نعيشها اليوم”.
واستهل حفل التكريم بكلمة ترحيب للمعالجة الفيزيائية والاعلامية ريتا بيا أنطون وكانت كلمات لرئيس مصلحة المعالجين الفيزيائيين روي الراعي استعرض فيها مراحل المصلحة منذ العام 2005، وعضو مجلس النقابة فادي حنا الذي عرض انجازات المصلحة.
من جهته، أعرب النقيب الأسبق طانيوس عبود في كلمةٍ ألقاها بمناسبة تكريمه من قِبل مصلحة المعالجين الفيزيائيين في حزب القوات اللبنانية عن شكره وامتنانه لرئيس الحزب الدكتور سمير جعجع معتبراً إياه ملهم مسيرته وقراراته السابقة والحاضرة والمستقبلية، كما شكر كل من النائب الدكتور أنطوان حبشي، رفاقه في الحزب، وزميلاته وزملائه المعالجين الفيزيائيين على وقوفهم إلى جانبه ومساندتهم لتحقيق كل بند من بنود المشروع الذي مُنح الثقة على أساسه، كما قام بسرد إنجازات عهده بدءاً من تطوير النقابة إدارياً وبنيوياً، تحديث الأنظمة والقوانين، تحديث مناهج الكولوكيوم، إطلاق المشاريع والدراسات، خلق موقع إلكتروني وصولاً إلى المؤتمرات الدولية واعتماد الـ E-VOTE في الانتخابات النقابية وغيرها من الأمور. كما تحدث عن الخلفية الثقافية التي عمِل على أساسها: ثقافة الديموقراطية، ثقافة العمل والاستقامة، ثقافة الإيمان بالعلم، ثقافة بناء الدولة، ثقافة قبول الآخر أي ثقافة القوات اللبنانية.