شؤون دولية

جدل وترقب في الجزائر حول مشروع تمهيدي لعمل الأحزاب

سياسيون رفضوه بسبب بنود «تقيد العمل والممارسة الحزبية»

تشهد الجزائر حالياً حالة من الجدل والترقب بعد توزيع الحكومة نسخة جديدة معدلة من مسودة قانون جديد للأحزاب على القوى السياسية في البلاد، وسط ترقب لما سيحمله المشروع الجديد للقانون.

ويشعر سياسيون بالقلق بشأن إضافات متوقعة في باب حريات وصلاحيات وحقوق الأحزاب، وشروط الممارسة الحزبية، بعد إجراء تعديلات على المسودة التمهيدية، التي رفضتها أحزاب بسبب بنود فيها تقيد، حسبهم، العمل والممارسة الحزبية، وتتيح للسلطة التدخل في هيكلة الحزب. لكن مفتاح حسن، النائب البرلماني وعضو اللجنة القانونية في المجلس الشعبي الوطني، يرى أن القانون يستهدف سد بعض الثغرات في القانون الحالي، مع الحفاظ على مصداقية الأحزاب والمصالح العليا للبلاد في الوقت نفسه.

وقال حسن لوكالة أنباء العالم العربي: «بالنسبة لقانون الأحزاب، فإنه لم يتم عرضه بعد على المجلس الشعبي الوطني، لكن نحن في انتظار إحالته إلى المجلس الشعبي الوطني للمباشرة في دراسة أحكامه وإثرائه من أجل هدف عام، سواء بالنسبة للمؤسسة التشريعية أو بالنسبة للمتدخلين في الحياة السياسية، وحتى بالنسبة لتطلعات السلطات العليا في البلاد، وهو إصدار قانون أحزاب يليق بما يتوافق مع السياسات العمومية للبلاد».

وأضاف حسن موضحاً: «من أجل سد جميع الثغرات الموجودة في القانون الساري المفعول، وأيضاً من أجل أن نحافظ على مصداقية الأحزاب، وأيضاً لكي نحافظ على مصلحة البلاد العليا، وعلى ثوابتنا ورموزنا، وحتى نحافظ على الجزائر من خطر التهديدات، التي يمكن أن تأتي بطريق مباشرة، أو غير مباشرة، لضرب استقرار البلاد من خلال هذه القنوات السياسية». وطلبت الحكومة من الأحزاب السياسية إبداء مواقفها وملاحظاتها الأولية قبل صياغة المسودة النهائية، لكن هناك أحزاباً اعتبرت أن بعض البنود والمضامين القانونية «مقيدة للعمل والممارسة السياسية، وتتضمن تدخلاً في تسيير الأحزاب وتنظيمها الداخلي، وطبيعة تحالفاتها السياسية». لكن على الجانب الآخر، ترى أحزاب أن هذا القانون مهم للممارسة السياسية الحزبية، وتعتبر أنه سيعيد ضبط العمل الحزبي في البلاد، ويساهم في تغيير المشهد السياسي، وقد يؤدي أيضاً إلى صعود أحزاب لتصدر المشهد وتراجع أحزاب أخرى، وربما حتى اختفاء بعض الأحزاب التي لا يمكنها التأقلم معه.

ومن البنود الجديدة في المشروع المنتظر، حل الأحزاب السياسية التي تقاطع استحقاقين انتخابيين متتاليين، وهو ما جعل قيادات حزبية ترفضه بسبب هذه القيود. وفي هذا السياق، قال عبد القادر قروسان، القيادي في حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية: «نحن كحزب سياسي معتمد ومعترف به قانونياً، نرفض هذا المشروع التمهيدي بصفة شاملة. وهذا بحكم أن الأحزاب السياسية يجب أن يكون لها الحرية في القرار، والحرية في التسيير وفي ممارسة العمل السياسي». مضيفاً: «أظن أن هذا القانون جاء حتى يضع قيوداً على ممارسة العمل السياسي، الذي تقوم به الأحزاب السياسية. ومن ناحية المبدأ، فالسلطة أرادت تقليص الحريات الخاصة بالأحزاب، كما أن هذه السلطة أرادت تحديد الخريطة السياسية في بلادنا الجزائر».

ودخلت الجزائر مرحلة التعددية الحزبية لأول مرة عام 1989، بعد الأزمة السياسية والاجتماعية التي عرفتها البلاد في العام السابق، والتي شهدت خروج المواطنين للشارع في أحداث الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) خلال عهد الرئيس السابق الشاذلي بن جديد. وقد أدت تلك الأزمة إلى وضع دستور جديد عام 1989، نص على إنهاء مرحلة الحزب الواحد، والانتقال إلى الانفتاح السياسي والتعددية الحزبية. وبموجب ذلك الدستور، صدر قانون كان يسمح بإنشاء أحزاب سياسية، تحت اسم قانون الجمعيات. لكن لم يرد فيه لفظ أحزاب، وتحدث فقط عن جمعيات ذات طابع سياسي. ونشأت عدة أحزاب بموجب ذلك القانون، لكن البلاد دخلت في دوامة عنف، بسبب إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية، التي فاز فيها حزب إسلامي متشدد عام 1992، ما دفع عناصره إلى حمل السلاح وسط أحداث دموية طوال فترة التسعينات. وفي عام 2011 جرى تعديل قانون الأحزاب إبان عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وأطلق عليه القانون العضوي للأحزاب. وتشير إحصاءات وزارة الداخلية الجزائرية إلى وجود 45 حزباً معتمداً في البلاد، بينها 13 فقط لديها ممثلون في المجلس الشعبي الوطني، بينما تستحوذ خمسة أحزاب على الأغلبية البرلمانية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى