جبريل الرجوب: لن يكون لبنان مسرحاً لصراعات فلسطينية – فلسطينية
تبقى الحالة الفلسطينية، وهي من تسميات القرن الماضي، عامل قلق بفعل الصراع الفلسطيني – الفلسطيني وسوى ذلك من حروب وانقسامات وخلافات بين الفصائل، بحيث يترجَم ذلك على الساحة اللبنانية، وصولاً إلى ما جرى في الآونة الأخيرة بين حركتي “فتح” و”حماس”، في وقت وكما يُقال “ستّي من غير وحام مريضة”، بمعنى ان لبنان منهار سياسياً ومنكشف أمنياً وفي قعر الوادي إقتصادياً ومعيشياً وتكفيه مصائبه.
وعلى وقْع ما حصل في مخيم البرج الشمالي، وإن تمّ احتواء ما جرى، جاءت زيارة رئيس حركة “حماس” في الخارج خالد مشعل لتحدث بلبلة وضجّة وتساؤلات عن ماهية الزيارة في هذا التوقيت وسط إحجام معظم القوى السياسية والحزبية عن استقباله على خلفية مواقفه من الحرب السّورية، علما انه حليف أساسي لـ “حزب الله” وإيران، مع الإشارة أيضاً إلى توسّع دائرة انتشار “حماس” في لبنان من العاصمة إلى الجنوب والبقاع، وذلك ما يترسّخ بعد زيارة القيادي “الحمساوي” إسماعيل هنية إلى لبنان منذ فترة ليست بعيدة، إذ سبق له ان عقد سلسلة لقاءات تنسيقيّة مع “حزب الله” سياسية وعسكرية، في حين انه في خضم زيارة مشعل أطلق القيادي البارز في حركة “فتح” فتحي أبو العردات، موقفاً لافتاً شدد خلاله على ضرورة دعم اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات وتأمين حقوقهم، فيما بات المواطن اللبناني، وكما يقول أحد النواب المستقلين في مجالسه، لاجئاً في وطنه لا ينال من دولته أي حقوق مكتسبة، خصوصاً في ظلّ حالة الفقر التي تطاول شريحة واسعة من اللبنانيين.
في السياق، وتعقيبا على المخاوف من انتقال صراع حركتي “فتح” و”حماس” إلى لبنان، يؤكد القيادي الفلسطيني البارز جبريل الرجوب لـ “النهار”، مسألتين أساسيتين: “الأولى أن الفلسطينيين هم ضيوف في لبنان ولا يمكنهم إلا أن يكونوا عامل استقرار لهذا البلد الذي احتضنهم ووقف إلى جانبهم في أصعب الظروف”، قائلاً: “من فلسطين نحيي لبنان وشعبه العظيم الذي نكنّ له كلّ الإحترام والمحبّة. أما المسألة الثانية فهي أن حركة حماس تعدّ جزءا أساسيا من النسيج الوطني الفلسطيني، ولا يمكن أن يكون هناك صدام معها لا في الوطن ولا خارجه، وماضياً كان هناك قصر نظر وندم على الصّدامات التي حصلت بين فتح وحماس. والآن أجزم أنه لا يمكن أن يكون لبنان مسرحاً لصدامات فلسطينية – فلسطينية”.
ويضيف الرجوب ان “هناك اتصالات بين جميع القوى السياسية الفلسطينية والحوار مستمر بين جميع المكونات والفصائل للتواصل والتنسيق والتركيز على وحدة القضية والموقف الفلسطيني الجامع، والأخوة في لبنان يتبلغون نتائج هذه اللقاءات والإتصالات، ومن هنا أطمأننت الى أنه من غير المسموح أن يحدث أي صدام في لبنان الذي ضحّى من أجل قضيتنا بالكثير الكثير”.
وعن زيارة القيادي في “حماس” خالد مشعل إلى بيروت، اكتفى الرجوب بالقول: “أحيي الجميع في لبنان. لا تعليق ولا جواب في ما يتعلق بهذه الزيارة”.
يبقى أن التجارب السابقة حول المسار الفلسطيني لم تكن مشجّعة في ظلّ الإنقسامات الداخلية اللبنانية حول الوجود الفلسطيني والحقوق المدنية التي عادت إلى الواجهة من جديد، لا سيما بعد توقّف وكالة “الأونروا” التي تـُعنى بشؤون اللاجئين الفلسطينيين عن تقديم المساعدات بشكل أدّى إلى معاناة في المخيمات، وهذا ما دفع المسؤول الفلسطيني أبو العردات إلى رفع الصوت عالياً، وحض الدولة اللبنانية على التحرّك حيال معاناة اللاجئين الفلسطينيين. ويـُشار إلى أن مسألة الحقوق المدنية للاجئين طـُرحت منذ أول حكومة بعد الطائف، وشُكلت حينذاك لجنة لمتابعة هذه القضية من قِبل الوزيرين السابقين عبدالله الأمين وشوقي فاخوري، لتكر السبحة والمطالب واللجان من دون التوصل إلى أيّ حلول في هذا الصدّد، مما يـُبقي المخاوف قائمة في المخيمات ربطاً بالظروف الإجتماعية الصّعبة لقاطنيها، وكذلك بفعل الإنهيار الإقتصادي في لبنان ووقف دعم “الأونروا”، إنما في المقابل ثمة أجواء عن تنسيق بين “فتح” والجيش اللبناني حول أمن المخيمات منعاً لأي خروق.