تيريز القسيس صعب.
خاص رأي ساسي …
دخل الاتفاق السعودي الايراني اليوم عمليا مرحلة تطبيع العلاقات بين البلدين، وذلك بعد مضي مرحلة الشهرين كما نص عليه الاتفاق الذي اعلن في ٩ آذار الماضي في بكين في حضور وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ونظيره الايراني حسين امير عبد اللهيان.
ومع بدء دخول هذا الاتفاق حيز التنفيذ، نقل عن لسان السفير الايراني في لبنان مجتبى اماني في لقاء خاص ضمه وعدد من المفكرين والاعلاميين قوله” ان هذا الاتفاق قد تستفيد منه دول المنطقة، وستكون له منافع اقتصادية وسياسية.”
واعتبر الديبلوماسي الايراني” ان الرياض وايران قررتا فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، كما كان هناك محاولات عديدة في السنوات الماضية لاعادة تفعيل العلاقات العربية الايرانية”.
واعتبر سفير الجمهورية الايرانية” ان تراجع الدور الأميركي في المنطقة كان المسهل والمسبب الاساس في ولادة هذا الاتفاق.”
وعن الموقف الايراني الواضح من الاستحقاق الرئاسي، نقل عن اماني قوله “إن الموقف الايراني يتطابق تماما مع موقف المملكة العربية السعودية، وما اعلنه وزير الخارجية الايراني في زيارته الأخيرة الى لبنان عندما اكد ان ايران لا تدعم اي مرشح ولن تسمي احد، وهذا الامر يتوافق ايضا مع كلام سفير المملكة في لبنان وليد البخاري خلال جولاته الأخيرة على المسؤولين.
ثلاث احتمالات
ومن هنا، فالانظار والمتابعة الديبلوماسية لتطورات الاحداث، تنصب كلها في هذه الفترة نحو المملكة العربية السعودية، والتحضيرات اللوجستية الجارية على قدم وساق لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة ال٣٢.
فمن الثابت ان السعودية بشخص ولي العهد محمد بن سلمان تضع كل ثقلها واهتمامها واتصالاتها لتتوج “القمة الحدث”، المصالحة العربية الفعالة والفاعلة، ولتظهر للعالم اجمع، وبشكل خاص للمجتمع الدولي والدول الغربية عن قدرة القادة العرب في توحيد الصفوف، وتقوية التضامن، والارتقاء نحو الافضل خدمة لشعوب المنطقة.
الا ان مفاجاة القمة، والتي ستبقى مدار تساؤلات واستفسارات وتحاليل إلى حين موعد التاسع عشر من الجاري، فتتعلق بالتساؤل الاهم الذي يطرحه كل المراقبين والمحللين، هل سيشارك الرئيس السوري بشار الاسد شخصيا في أعمال هذه القمة، ام ان سوريا ستتمثل بوزير خارجيتها؟
فبحسب المعطيات والمعلومات من مراجع ديبلوماسية في الرياض او في الجامعة العربية، فهي تشير إلى أنه من غير الواضح كيف ستتصرف سوريا تجاه هذه المشاركة في القمة.
لكنها في المقابل تشير إلى أن هناك ثلاثة احتمالات او خيارات يمكن ان يتخذ الاسد قراره حولها.
الخيار الأول يتحدث عن حضور الاسد القمة بعدما بات واضحا احقية مشاركة سوريا في اي اجتماع عربي قد يعقد، كما أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط الأحد الماضي بعد قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية.
الخيار الثاني لا يشارك الرئيس السوري حضوريا في هذه القمة، إنما يفوض وزير الخارجية فيصل المقداد تمثيله في اجتماع الرياض.
وتكتفي حينئذ سوريا بانجاز عودتها الى الحضن العربي كمرحلة أولية، إلى حين إعادة تثمير علاقاتها ودورها مع الاشقاء العرب.
اما الخيار الثالث فيتمحور عن كلام يطرح في الاروقة الديبلوماسية عن احتمال ان يقوم الرئيس الاسد بزيارة إلى المملكة قبل انعقاد القمة العربية لشكر السعودية على الجهود الديبلوماسبة الجبارة التي قامت بها لاعادة سوريا إلى الجامعة على الرغم من معارضة بعض الدول العربية والخليجية لها، وبالتالي تكون سوريا قد حفظت ماء الوجه اولا بعدم استفزاز بعض الدول في حضور الأسد أعمال القمة، وثانيا اتضاح الصورة الاقليمية اكثر فاكثر، افساحا في المجال امام المصالحات العربية، فيكون تمثيل الأسد حضوريا أقوى واثبت في أعمال القمة المقبلة في العام ٢٠٢٤.من هنا فإن كل المراجع الديبلوماسية تستنتج ان قرار حسم المشاركة السورية من عدمها لا يمكن تاكيدها.
فخيار الحضور الرئاسي السوري إلى الرياض مرتبط بحسابات سياسية دولية واقليمية قد يختارها الاسد في اللحظات او الساعات الاخيرة التي تفصلنا عن موعد انعقاد قمة الرياض.
اشارة اخيرة الى ان طريق العودة إلى “الحضن العربي” سبقته جملة من الخطوات، كان آخرها “لقاء عمّان التشاوري” الذي ضمّ وزراء خارجية الأردن، مصر، السعودية والعراق في حضور وزير الخارجية السوري، وتناول “وجود الدور العربي في حل الأزمة السورية”، ليتوج الأحد الفائت باجتماع تشاوري لوزراء الخارجية العرب في القاهرة انهى العزلة العربية لسوريا.