ثبات التضخم بمنطقة اليورو يدعم مزيداً من رفع الفائدة.
ظل التضخم السنوي ثابتاً في منطقة اليورو في أغسطس (آب)، مع تسارع أسعار المواد الغذائية قبل انخفاض تكاليف الوقود، ويدعم ذلك إمكانية لجوء المصرف المركزي الأوروبي لمزيد من رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه المقبل
ولم يتغير مؤشر أسعار المستهلكين للدول العشرين التي تستخدم عملة اليورو عند 5.3 في المائة عن قراءة يوليو (تموز) الماضي، مدعوماً بأسعار المواد الغذائية والكحول والتبغ، التي ارتفعت بنسبة 9.8 في المائة منذ أغسطس 2022، وفقاً للأرقام الرسمية الصادرة يوم الخميس عن وكالة الإحصاءات بالاتحاد الأوروبي (يوروستات).
لكن رقم التضخم الرئيسي الآخر – ما يسمى بالتضخم الأساسي الذي يستثني الوقود والمواد الغذائية المتقلبة – انخفض في أغسطس، متراجعاً إلى 5.3 في المائة من 5.5 في المائة. وسيكون هذا الرقم أحد الاعتبارات الرئيسية للمصرف المركزي الأوروبي في تقرير ما إذا كانت أسعار الفائدة بحاجة إلى الارتفاع أو يمكن أن تظل دون تغيير، بينما يقوم مسؤولو المصرف بتقييم تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على النمو.
وانخفضت أسعار الوقود بنسبة 3.3 في المائة وسط استقرار أسعار النفط العالمية وتراجع الطلب على وقود التدفئة في الصيف.
وقالت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد قبل أيام، إن قرار سعر الفائدة في اجتماع السياسة المقرر في 14 سبتمبر (أيلول) سيعتمد على البيانات الواردة، وهو تحول من المبدأ العام خلال سلسلة من الاجتماعات استمرت لمدة عام، حيث تم الإعلان عن نية زيادات أسعار الفائدة في وقت مبكر. ويتعين على المصرف المركزي الأوروبي أن يوفق بين مكافحة التضخم وأسعار الفائدة الأعلى، وبين تأثير الائتمان الأكثر تكلفة بالنسبة للمستهلكين والشركات.
وفي الوقت الذي أظهرت فيه أرقام جديدة استقرار التضخم في منطقة اليورو في أغسطس، قال رئيس المصرف المركزي النمساوي روبرت هولزمان يوم الخميس إن المصرف المركزي الأوروبي قد يواصل رفع أسعار الفائدة.
وأبلغ هولزمان منتدى «رويترز» للأسواق العالمية: «لم نصل بعد إلى أعلى مستوى (بالنسبة لأسعار الفائدة)، ربما نرفع سعر الفائدة مرة أخرى أو مرتين». وأضاف أن المصرف المركزي الأوروبي يجب أن يفكر أيضاً في إنهاء عمليات إعادة الاستثمار في برنامج الشراء الطارئ عقب الجائحة بقيمة 1.7 تريليون يورو (1.85 تريليون دولار) قبل الموعد النهائي في 2024، ويجب أن يجري مناقشات حول هذا الأمر قريباً.
وانخفض التضخم بعد أن وصل إلى ذروته في أكتوبر عند 10.6 في المائة، لكن الانخفاض تباطأ في الأشهر الأخيرة. ويقول الاقتصاديون إن «الجزء الأخير» نحو إعادة التضخم إلى هدف المصرف البالغ 2 في المائة قد يكون الأكثر صعوبة، وأحد أسباب ذلك هو أن معدل البطالة ظل عند مستوى 6.4 في المائة في يوليو، وهو أدنى مستوى منذ إطلاق عملة اليورو المشتركة في عام 1999.
وقال جاك ألين رينولدز، نائب كبير الاقتصاديين في منطقة اليورو في «كابيتال إيكونوميكس»: «لا نعتقد أن هذه البيانات ستقلب ميزان الرأي في المصرف المركزي الأوروبي بشكل حاسم نحو رفع الفائدة أو تعليقها».
ومن المتوقع أن يستأنف التضخم تراجعه في الأسابيع المقبلة، ولكن مع وصول البطالة إلى مستويات قياسية ونمو الأجور القوي في قطاع الخدمات كثيف العمالة، «نعتقد أنه سيمر وقت طويل قبل أن ينخفض تضخم الخدمات إلى مستوى يتوافق مع توقعات المصرف المركزي الأوروبي تحقيق هدف التضخم»، بحسب رينولدز.
وشهد اقتصاد منطقة اليورو ركوداً مع نمو صفري في بداية عام 2023، وشهد انتعاشاً متواضعاً في الربع الثاني، حيث نما بنسبة 0.3 في المائة مقارنة بالربع السابق. وفي أغسطس، انخفض مؤشر المعنويات الاقتصادية للمفوضية الأوروبية، الذي يجمع مقاييس ثقة الأعمال والمستهلكين إلى أدنى قراءة له في 10 سنوات باستثناء الوباء، في حين تشير استطلاعات مديري المشتريات إلى تباطؤ النشاط.
وكانت نقطة الضعف الرئيسية في منطقة اليورو هي ألمانيا، أكبر اقتصاد فيها، التي يتوقع صندوق النقد الدولي أن تكون الاقتصاد الرئيسي الوحيد بالمنطقة الذي ينكمش هذا العام، بانخفاض قدره 0.3 في المائة.