تونس: إصرار على تثبيت الفائدة رغم توقعات تراجع التضخم
يصر البنك المركزي التونسي على تثبيت نسبة الفائدة الرئيسية عند مستوى 8% رغم توقعات دولية بتراجع التضخم المحلي إلى مستوى 5.7% في غضون سنة 2025.
وأعلن مجلس إدارة البنك المركزي التونسي، عقب اجتماع لمجلس إدارته أول من أمس الأربعاء، إبقاء نسبة الفائدة الرئيسية من دون تغيير عند مستوى 8%، مبرراً القرار بـ”إعطاء الأولوية في الوقت الحالي لدعم المسار التنازلي للتضخم والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي”.
في المقابل، أبدى صندوق النقد العربي قبل أيام تفاؤلاً بشأن المسار التضخمي في تونس، مرجحاً انخفاضه إلى مستوى 7.3% في عام 2024 ثم إلى 5.7% عام 2025.
وتوقع الصندوق في تقرير أصدره الشهر الماضي أن يقابل انحسار التضخم ارتفاع في نسب النمو إلى 2.2% في عام 2025، مدفوعاً بـ”التقدم في الإصلاحات الهيكلية” التي تنفذها السلطات.
وخلال شهر مايو/ أيار الماضي، سجلت الأسعار عند الاستهلاك استقراراً عند نسبة 7.2%، بحساب الانزلاق السنوي، قبل أن تعود إلى 7.3% خلال شهر يونيو/ حزيران، وذلك جراء تسارع نسق ازدياد أسعار المواد الغذائية الطازجة.
ويرى الخبير المالي مراد الحطاب أن قرارات البنك المركزي التونسي في ما يتعلّق بتثبيت التضخم تتماهى بشكل كبير مع قرارات البنوك المركزية الكبرى، ولا سيما الفيديرالي الأميركي الذي ثبّت الفائدة للمرة الثامنة على التوالي.
وقال الحطّاب لـ”العربي الجديد” إن قرارات البنك المركزي التونسي بمواصلة تثبيت الفائدة لا تراعي خصوصيات الاقتصاد التونسي، الذي تهيمن عليه السوق الموازية بنسبة عالية، كما لا تستجيب للدعوات لدعم الاستثمار من أجل مكافحة البطالة.
ويعتقد الخبير المالي مراد الحطاب أن التوجه الحالي لمؤسسة الإصدار لا يتماهى على النحو الأمثل مع تطلعات السلطة بإيجاد قنوات تفاهم بين السياسة النقدية والسياسة المالية، في ما يتعلّق بدعم سعر صرف الدينار، وتوفير السيولة الكافية لفائدة الجهاز المصرفي من أجل دفع جهود الإقراض التي تعرف تباطؤاً.
الفائدة عند مستويات عالية
ويستقر سعر الفائدة في مستويات عالية منذ ديسمبر/ كانون الأول 2023، بعد زيادة الفائدة الرئيسية بـ75 نقطة أساس لتصل إلى 8%، وكان الرفع الثالث في ذلك العام. وعانت تونس بحدة من تداعيات تفشي جائحة كورونا، ثم ارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية إثر اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير/ شباط 2022.
ويتطلع قطاع الأعمال إلى خفض سعر الفائدة، عقب تسجيل تراجع مهم في نسبة التضخم التي تحاربها مؤسسة الإصدار المالي منذ أكثر من سنتين بإجراءات متشددة.
ويعد خفض نسبة الفائدة من المطالب الأساسية لقطاع الأعمال الذي يعاني من شطط الفائدة على قروض الاستثمار، كما ترهق الفائدة الأسر المكبلة بالديون، وتلقي بتداعياتها على الاستهلاك والمشاريع الصغرى.
ويقر البنك المركزي التونسي، في بيان أصدره عقب اجتماع مجلس إدارته أول من أمس الأربعاء، بتباطؤ تطور القروض الممنوحة للاقتصاد خلال سنة 2023 والنصف الأول من سنة 2024، والذي شمل بالأساس القروض المسندة للشركات الصغرى والمتوسطة والأفراد، على خلفية السياق الاقتصادي الصعب وتواصل الضغوط التضخمية.
وأبدى المركزي انشغالاً بشأن هذا التباطؤ، مشدداً على “ضرورة تنسيق جهود جميع الأطراف المعنية لدعم الشركات وضمان ديمومتها والحفاظ على مواطن الشغل”.