رأي

توقعات الفائدة.. وأخطاء وول ستريت

كتب د. خالد رمضان في صحيفة الرياض.

لم تكن تصريحات جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، مساء الأربعاء الماضي، بشأن استبعاد خفض أسعار الفائدة في شهر مارس، إلا ضربة جديدة لتوقعات خبراء “وول ستريت” بشأن تحركات أسعار الفائدة طوال دورة التشديد النقدي، فقد ذكر باول أن شهر مارس ليس الحالة الأساسية لخفض الفائدة، وهذا ما كانت تراهن عليه “وول ستريت” بقوة، وبدلاً من ذلك، يتطلع باول إلى الخفض بحلول شهر مايو، حيث يبدو الرجل سعيداً بالطريقة التي يتحرك بها الاقتصاد، مع تراجع الضغوط التضخمية، وبالرغم من اقتناعه الكامل بأن الأرقام جيدة جداً، إلا أنه يريد رؤية المزيد خلال الأشهر المقبلة، حتى يشعر بالارتياح، قبل البدء عملياً في خفض أسعار الفائدة.

عقب تصريحات باول، شعرت الأسواق بخيبة أمل مع تراجع رهانات خفض سعر الفائدة في مارس، وانعكس ذلك على الأسهم الأميركية التي سجلت أكبر انخفاض يومي في عام 2024، حيث أغلق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 منخفضا بنسبة 1.6 %، في أسوأ يوم له منذ أربعة أشهر، أما مؤشر ناسداك المركب فقد تراجع بنسبة 2.2 %، في أسوأ يوم له منذ ثلاثة أشهر، وكان انخفاض التضخم في الأشهر الأخيرة قد غذى رهانات السوق على أن الفيدرالي قد يبدأ خفض أسعار الفائدة من أعلى مستوى لها منذ 23 عاماً في اجتماعات الربيع، لكن رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي شدد على أن البنك المركزي لا يزال بحاجة إلى ثقة أكبر بشأن تراجع التضخم بشكل مستدام عند مستوى 2 %.

مع ذلك لا يزال المستثمرون متفائلين بشأن خفض أسعار الفائدة خلال اجتماع الفيدرالي التالي في مايو، حيث تقدر الأسواق احتمالية ذلك بأكثر من 90 ٪، ولكن، ربما يكون شهر يونيو هو خط الأساس لأول خفض لسعر الفائدة، وقد أوضح باول أنه لن يكون هناك خفض في مارس، ما لم يكن هناك صدع مخيف في سوق العمل، حيث يتيح النمو القوي في سوق العمل ترف التأكد من تثبيت معدلات التضخم المستهدفة، ولطالما ردد باول في أكثر من مؤتمر صحفي، أن قرار الفيدرالي يعتمد على البيانات، ولا شيء غير البيانات، وقد جاء القرار الأخير بالتثبيت بعد أن أشارت البيانات إلى أن نمو الأجور كان معتدلاً، ولا شك أن الانخفاض الكبير في أسعار الغاز، وتباطؤ نمو الأجور خلال الربع الرابع يوضح أن تخفيف ظروف سوق العمل يسهم في دفع التضخم للتراجع صوب المعدل المستهدف.

رغم تشديد أسعار الفائدة عند أعلى مستوى منذ عام 2001، إلا أن أداء الاقتصاد الأميركي وسوق العمل حققا أفضل من المتوقع خلال عام 2023، فقد نما الناتج المحلي الإجمالي 3.1 ٪، بينما أضاف أصحاب العمل 2.7 مليون وظيفة، فيما ظلت معدلات البطالة عند أقل من 4 % منذ ما يقرب من عامين، وارتفع متوسط الأجور 4.1 %، وفي حين أن قوة الاقتصاد تعد أخباراً مرحب بها بين الشركات والعمال، إلا أن هذه القوة تزيد أيضاً من خطر إعادة إشعال فتيل التضخم، ونتيجة لذلك، يرى صناع السياسة النقدية أنه يجب توخي الحذر بشأن خفض أسعار الفائدة قبل الأوان، حيث يتعين مراقبة البيانات الاقتصادية القادمة، والتعديل وفقاً لهذه التطورات.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى